بهدوء ما قبل العاصفة، وبأعصاب متماسكة، وثقة في القدرات واطمئنان الى المستقبل.. أطلَّ الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله بعد ساعات من التشييع الحاشد والمهيب للشهيد سمير القنطار، ليعطّل مفاعيل الاغتيال، ويوجّه رسالة واضحة الى العدو الاسرائيلي، مفادها أن عليه أن يمضي ساعات أو أياماً صعبة من الانتظار العصيب والمنهك، الى حين أن تنجز المقاومة ردّها على استهداف أحد رموزها.
أوحى «السيد» بأن الردّ على جريمة الاغتيال هو تحصيل حاصل ولا يحتاج الى كثير من الشروحات، كأنه أراد ان يترك للميدان ان يبدأ من حيث توقف عن الكلام المباح. بدا نصرالله عملياً في خطابه، متفادياً الاستغراق في العواطف الشخصية التي ستكون لها مساحتها بعد إتمام عملية الثأر.
يكاد يكون السيناريو المرسوم مشابهاً لذاك الذي طبّقه «حزب الله» في أعقاب الغارة الاسرائيلية على موكب له في القنيطرة السورية، قرب الجولان المحتل، والتي أدت الى استشهاد المقاوم جهاد عماد مغنية. حينها أصيب كيان العدو بـ «فوبيا» الرد الذي تسبب في تعطيل العديد من جوانب الحياة في المستوطنات الاسرائيلية، الى أن نفّذت المقاومة ضربتها ضد دورية معادية في منطقة شبعا المحتلة.
والأرجح، أن مؤسسات العدو الأمنية والسياسية ستنشغل خلال الأيام المقبلة في تقدير طبيعة الانتقام الحتمي من اغتيال القنطار. بهذا المعنى، فإن السؤال الذي سيؤرق الاسرائيليين ويعبث بيومياتهم حتى إشعار آخر، ليس ما إذا كان «حزب الله» سيثأر، ولكن أين ومتى وكيف؟
لم يتردد نصرالله خلال كلمته، عبر «المنار» أمس، في إعادة تثبيت قواعد الاشتباك المعدّلة التي كان قد أرساها بعد استشهاد جهاد مغنية.
لم ينتظر أن يذكره أو يحرجه أحد بالمعادلة التي سبق أن أطلقها في معرض تحصين «توازن الردع»، ولم يحاول أن يلتفَّ عليها او يتفلت منها، بل بادر هو شخصيا الى استعادتها حرفيا واستدعائها للخدمة، مؤكدا استمرار التزام المقاومة بها، حتى الإلزام:
«عندما تعتدي اسرائيل اينما كان وكيفما كان وفي أي وقت كان، من حق المقاومة أن ترد أينما كان وكيفما كان وفي أي مكان». و «أي كادر من كوادر «حزب الله» يُقتل سنحمّل المسؤولية لاسرائيل وسنعتبر أن من حقنا ان نرد في اي مكان أو زمان وبالطريقة المناسبة، واليوم أقول للعدو والصديق، الشهيد سمير القنطار واحد منا وقد قتله الاسرائيلي يقينا ومن حقنا أن نردّ على اغتياله في المكان والزمان وبالطريقة المناسبة». قالها نصرالله.
ومنعاً لأي التباس أو اجتهاد على مستوى طبيعة العلاقة التي تربط القنطار بـ «حزب الله»، كان نصرالله واضحا وقاطعا في التأكيد ان الشهيد «واحد منا وقائد في مقاومتنا»، مع ما يعنيه ذلك من سريان مفاعيل قواعد الاشتباك المحدّثة على جريمة جرمانا في ريف دمشق، بعدما أصبحت الجبهة واحدة من الناقورة الى الجولان.. بالحد الادنى.
ولم يكتف نصرالله بتظهير حق الرد على الاعتداء الاسرائيلي، بل ذهب الى الجزم بأن المقاومة ستمارس هذا الحق، داعيا الجميع الى ان يبنوا حساباتهم على هذا الاساس.
هي مسألة وقت ليس إلا، قد يطول او يقصر تبعا للظروف الميدانية والمعطيات العملانية، أما القرار السياسي بالثأر لدم القنطار فقد صدر منذ اللحظة الاولى لاستشهاده.
أصلا، لم يكن امام نصرالله الكثير من الخيارات، ذلك ان التغاضي عن الاعتداء الاسرائيلي ربطاً بأي اعتبار، سيعني استعادة العدو لزمام المبادرة وكسر توازن الردع الذي نجحت المقاومة في بنائه وحمايته على مدى سنوات من الحروب العسكرية والأمنية، وهذا ما لا تحتمله استراتيجية الحزب في مواجهة عدوانية كيان الاحتلال.
وإذا كان البعض قد حاول عن قصد، او غير قصد، فتح ابواب الاحتمالات في معرض تحديد الجهة التي اغتالت عميد الاسرى اللبنانيين في السجون الاسرائيلية، فإن «السيد» كان جازما في تحميل اسرائيل المسؤولية المباشرة عن استهداف المبنى الذي كان يتواجد فيه القنطار، بواسطة الطيران، متفاديا الانزلاق الى نقاش التفصيل المتعلق بما إذا كان القصف قد تم من داخل او خارج الاجواء الاقليمية السورية، لاسيما ان نقاشا من هذا النوع لن يبقى محصورا في الاطار التقني بل سيطال الملف الروسي ـ الاسرائيلي، وسيطرح اسئلة بصدد دور منظومة صواريخ أس 400 التي يُفترض بها حماية المجال الجوي السوري، وهو أمر لا يريد نصرالله الخوض فيه حاليا، بالنظر الى حساسيته ودقته، خصوصا ان المعطيات المتصلة به غير مكتملة.
ولئن كان من بين أهداف قتل القنطار إضعاف معنويات المقاومة وجمهورها، بالنظر الى ما يمثله من رمزية، إلا ان نصرالله أكد ان المقاومة لا يمكن ان تتأثر باغتيال القنطار الذي كان منذ تحريره شهيدا مع وقف التنفيذ، وهي التي اعتادت على تقديم الشهداء على كل المستويات.
وكما كان يحصل بعد كل اغتيال لقائد من قادة المقاومة، اراد نصرالله ان يُفهم الاسرائيلي مرة أخرى ان اغتيال القنطار سيساهم في تزخيم مسيرة المقاومة وتذخيرها، لا العكس.
ولأن استهداف القنطار ليس معزولا عن مجمل الصراع في المنطقة، فقد توسع نصرالله في خطابه، مفنّدا العقوبات والاتهامات الاميركية وغير الاميركية التي طالت «حزب الله» مؤخرا بقصد «تشويه صورته»، ومجوّفا إياها من أي محتوى ومصداقية بعدما وضعها في سياق الاستهداف السياسي، ليخلص الى انها «لن تزيدنا إلا تمسكا بالحق»، قائلا: لا قتلنا ولا محاصرتنا سيغيران شيئا، بل سينتهيان الى هزيمتهم وانتصارنا.
السفير : «القنطار واحد منّا وسنمارس حقنا بالرد على اغتياله» نصرالله يحمي «قواعد الاشتباك»: الثأر حتمي
السفير : «القنطار واحد منّا وسنمارس حقنا بالرد على اغتياله»...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
590
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro