عشية اصدار مجلس الامن قرار بحل الازمة السورية سياسياً، وهو قرار صدر بالاجماع، لم تنم اسرائيل على حقدها وعبّرت عنه باغتيال الشهيد سمير القنطار، في منزله في جرمانا احد احياء دمشق وفق روايتين، رواية تقول ان غارة جوية تم شنها على المبنى الذي يسكنه الشهيد سمير القنطار، والرواية الاسرائيلية التي تقول ان قاعدتين صاروخيتين اطلقت صواريخ على المبنيين فدمرتهما، وبالنتيجة استشهد الاسير الشهيد سمير القنطار، بعد ان سُجن في سجون العدو الاسرائيلي 27 سنة وهو عميد الاسرى في السجون الاسرائيلية، وحرره حزب الله بتبادل غير مباشر بينه وبين اسرائيل بأسرى وجثث بين الطرفين، انما بصورة غير مباشرة.
اليوم الاثنين، جنازة الشهيد سمير القنطار، وبعده يأتي السؤال: هل تردّ سوريا على اسرائيل بعدما قصفت حتى الان مرة في مطار دمشق ومرة على صاروخ السكود والان على احد شوارع دمشق واغتيال مقاوم شهيد ام ان حزب الله سيتولى الردّ بالاسلوب الذي يراه مناسبا والمكان الذي يختاره؟ فلربما البعض يعتقد دائما ان الخط الازرق خط الانسحاب الاسرائيلي هو المكان الذي سيضرب فيه حزب الله، وربما يضرب حزب الله في مزارع شبعا بعد اختراق عميق وضرب موكب لاليات اسرائيلية متعددة في معركة كبيرة. وربما يردّ حزب الله باستعمال صواريخ كورنت على دورية اسرائيلية تمر على الخط الفاصل بين فلسطين المحتلة ولبنان، وربما يرد بصواريخ على الجولان على مواقع الجنود الاسرائيليين بصواريخ تصيب مراكزهم، وتكون كثيفة، حتى تطالهم لان لديهم تحصينات كبيرة هناك. وربما يردّ حزب الله بعملية خارجية تؤدّي الى أذى كبير للعدو الاسرائيلي.
هذه هي الاسئلة بعد استشهاد سمير القنطار. لكن العارفين بالامور يدركون ان حزب الله سوف يردّ، ولن يترك دماء سمير القنطار تذهب هدرا، ولن يترك العدو الاسرائيلي يرحّب باستشهاد سمير القنطار، بل ان حزب الله سيوجع العدو الاسرائيلي بردّ قويّ لا يشعل حرباً، لكنه يؤذي العدو الاسرائيلي وينتقم هكذا حزب الله المقاوم للشهيد سمير القنطار.
ارجح الظن ان حزب الله سيصبر وقتاً معيناً وسوف يردّ بضرب دورية اسرائيلية ربما على الخط الازرق، وليس في مزارع شبعا، ذلك ان اسرائيل خرقت كل الخطوط الحمراء بقصف صواريخ على دمشق، فاعتبر السيد حسن نصرالله ان تحالف حزب الله وسوريا هو حلف واحد وان المقاومة قد ترد في حال حصول اعتداء على لبنان او سوريا. ولا فرق من أين يأتي الرد، فاذا قصفت اسرائيل في سوريا مركزاً مقاوماً فان المقاومة ستردّ عليه في اي مكان، وهذا ما اعلنه السيد حسن نصرالله في خطاب له ادلى به منذ اشهر، ولذلك فان عملية على الخط الازرق، ولو تم اعتبارها اختراقاً للقرار 1701، غير مستبعدة حتى لو كانت هنالك دوريات دولية ودوريات للجيش اللبناني، الا ان حزب الله قادر على ضرب دورية اسرائيلية بوضوح، وباصابات مباشرة على الخط الازرق وتكون الدورية الاسرائيلية على الطريق قبالته، وبينه وبينها لا يفصل الا 50 مترا او 100 متر. وعندئذ تكون الاصابة اكيدة، والخسائر لدى العدو الاسرائيلي كبيرة.
لم يعد هنالك من خط ازرق بيننا وبين العدو الاسرائيلي، فالخط الازرق وهمي، انه خط ليس لحماية لبنان، بل خط لحماية اسرائيل من المقاومة، وان الخط الازرق تخرقه اسرائيل يوميا عبر خرقها للاجواء اللبنانية بالطائرات الحربية، ولذلك فخرق الخط الازرق ليس جريمة طالما ان اسرائيل تخرقه يومياً جوياً، واحياناً بحرياً.
وفي خضم الازمة اللبنانية، وفي خضم الصراع داخل سوريا بين التكفيريين والارهابيين من جهة، وبين نظام الاسد فان الطاولة السوداء التي يجلس إليها اركان العدو الاسرائيلي تخطط لقتل المقاومين في صفوفنا، وتخطط لايقاع اكبر اذى ممكن في مواقعنا، ولذلك فلا بد من الانتقام لدم سمير القنطار.
اسرائيل لن تذهب الى الحرب الشاملة، واذا ذهبت فهي الخاسرة، لان حرباً عربية تشتعل الان على جبهة الجنوب ستخفف من مساوىء الحرب العربية الدائرة داخل الكيانات العربية، لان اسرائيل تريد حروباً عربية ـ عربية، وليس حرباً عربية ـ اسرائيلية، وحزب الله قادر على ردع اسرائيل وضربها على الحدود اللبنانية وضرب دباباتها وقواتها البرية، اضافة الى اطلاق عشرات الاف الصواريخ على اسرائيل وتدمير منشآت لها وهزّ الكيان الاسرائيلي، وارتجاجه من جذوره. والعدو الاسرائيلي يعتبر ان ميزان القوى هو لمصلحته، ويعالون وزير الدفاع الاسرائيلي الذي اغتال الشهيد خليل الوزير في تونس، وكان قائد المجموعة، له استراتيجية في الحرب مفادها انه اذا حصلت الحرب بين غزة واسرائيل فما على اسرائيل الا تدمير كل شيء، وهذا ما جعله يدمّر 10 الاف منزل ويسقط الفي شهيد ويوقع 10 الاف جريح. الا انه لم يستطع التقدم الى داخل غزة، وله استراتيجية تجاه لبنان تقوم على استعمال الطيران بأقصى طاقاته لتدمير كل شيء، حتى كل المناطق المدنية ولو سقط الاف الشهداء وتدمير كل البنية التحتية في لبنان، ومحاولة تقدم بري. وبالنسبة للتقدم البري، فان اسرائيل عاجزة عن الانتصار فيه. وبالنسبة للقصف الاعمى الذي سيقيمه على المدنيين وعلى المدن والقرى والبنية التحتية، فان اسرائيل ايضا ستصاب بعشرات الاف الصواريخ التي تصيب منشآتها وبنيتها التحتية، ومطار بن غوريون وميناء حيفا، وسيتم تدمير قسم كبير من مطارها، وسيتم ضرب الصناعة البتروكيمائية في تل ابيب، وسيتم ضرب مفاعل ديمونا وسيتم ضرب كل البنية التحتية لاسرائيل، وخلق خوف كبير لدى الشعب الاسرائيلي، نتيجة الصواريخ التي ستنزل على رؤوسه، لانه شعب يخاف ولا يتجرأ على المعارك الا بالطائرات عن علو شاهق والبوارج من مدى بعيد، اما عندما يقتحم برياً فهو ينهزم هزيمة نكراء، لجبن جنوده.
قد لا نصل الى هذه المرحلة، لكن اذا ضربت اسرائيل ودمّرت في لبنان فسيلحق بها تدميرا ايضا كبيرا، وكبيرا جداً لانه ما من بنية تحتية في اسرائيل الا وستصاب، كما ان لبنان سيصاب بأذى كبير لكن يستحق ان يتحمّل اللبناني هذا الاذى، لينهي مرة لكل المرات تهديدات اسرائيل ومخططاتها في الحرب على لبنان، وقتل المقاومين واستباحة كل شيء.
آن الاوان لزمن تدفع فيه اسرائيل مقابل اي عمل عدواني ضدنا، ثمنه وان تدفع مقابل كل قطرة دم صواريخ تنزل على مستوطناتها. والاهم ضرب هيبة اسرائيل، والمهم خلق الرعب في قلوب الاسرائيليين، والمهم اشعار الاسرائيليين ان الدولة العسكرية التي انشأوها لا تحميهم، وفي كل حرب تقع تتراجع اسرائيل الى الوراء، ويتقدم حزب الله الى الامام. وفي كل معركة تحصل يتراجع الكيان الاسرائيلي الى الوراء وتتقدم المقاومة الى الامام. ولم يعد عندنا في العالم العربي الا المقاومة في جنوب لبنان فهي الوحيدة القادرة على ردع اسرائيل، وهي المخطط المنظم الثابت للدفاع عن كرامة اللبنانيين والعرب، لانه من بعد المقاومة لا تبقى قوة حالياً قادرة على ردع اسرائيل، وان وجدان شعبنا اكيد سينتج منه مقاومات في المستقبل، لكننا نتحدث حالياً، وهي ان اسرائيل يجب ان لا تخيفنا مهما دمّرت من بنيتنا التحتية وقتلت منا، فانها ستصاب بأذى متوازن ايضا مع الاذى اللبناني وبالتالي، ستشعر اسرائيل كل مرة ان كيانها مهزوز وليس ثابتاً، وان اغتصاب فلسطين لن يدوم، ومهما اقاموا من المستوطنات وجلبوا من اليهود من كل العالم، فاغتصاب فلسطين لن يستمر. وشعلة المقاومة في الجنوب هي التي تبث روح العنفوان وعزة النفس في الشعوب العربية، على ان هنالك قوة قادرة على ردع اسرائيل مهما قامت انظمة عربية بالتعاون مع اسرائيل، ومهما تآمرت على شعوبنا العربية، لان الوجدان القومي الصافي هو الاساس في بلادنا والمقاومة تمثل جذوة الروح القـومية، ورأس الحربة في صدر العدو الاسرائيلي.

نصرالله يتحدث مساء اليوم

يطل الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله عبر شاشة «المنار» عند الساعة 8.30 من مساء اليوم.