لا شك أن الاتفاق النووي بين إيران والدول الغربية الست ساهم في إعادة إيران إلى حضن المجتمع الدولي وكرس دورها الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط على حساب الدول الخليجية وخصوصا المملكة العربية السعودية التي شعرت بخيبة أمل من سياسة الرئيس الأميركي باراك أوباما في المنطقة وتحديدا في سوريا والعراق وتلكوء الإدارة الأميركية عن دعم حلفائها. الأمر الذي دفع بالمملكة إلى نهج سياسة جديدة ترتكز على قاعدة الاعتماد على النفس ووضع اسس جديدة للتصدي للمخاطر التي تتعرض لها جراء صعود نفوذ إيران الإقليمي وتفاقم الصراع السني الشيعي من جهة. ونمو خطر الإرهاب الإسلامي المتشدد من جهة ثانية. وفي هذا السياق فإن السعودية تعمل على تكريس زعامتها في العالم الإسلامي السني المعتدل على الصعيدين السياسي والعسكري في آن واحد.
وبالتالي فإنها تسعى إلى ترسيخ دورها كمرجعية للدول التي تدور في فلكها. وقد سعت إلى توطيد علاقتها مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي من خلال دعمها الاقتصادي له. واقنعت السودان بقطع علاقاته مع إيران. على أن النموذج الاوضح للاستراتيجية السعودية الجديدة بدت من خلال مواقفها من الحرب السورية. إذ أنها وفي غضون أسبوع واحد استضافت الرياض مؤتمرا للمعارضة السورية للبحث في مستقبل التسوية السياسية في سوريا.
وأعلنت عن تشكيل تحالف عسكري إسلامي جديد لمحاربة الإرهاب الإسلامي المتطرف السني والشيعي على حد سواء والذي جمع 34 دولة إسلامية عربية وغير عربية بينها لبنان.
ومن خلال تحركها في لبنان تبدو السعودية أنها لم تفقد الأمل في استعادة نفوذها في هذا البلد الذي يخضع للتأثير القوى لإيران من خلال الدور الذي يضطلع به حزب الله في الحياة السياسية ومنظومته العسكرية التي تجعله قادرا على التحكم بمستقبل لبنان.
وفي البيان الصادر عن التحالف فإنه يعلن الحرب ليس فقط على داعش بل على جميع التنظيمات الإسلامية الراديكالية التي تعتبرها إرهابية ومنها جماعة الإخوان المسلمين وحزب الله. ويبدو واضحا أن الاستراتيجية السعودية الجديدة في المنطقة تشكل بداية مرحلة جديدة ومختلفة في تعامل المملكة مع مشكلات المنطقة الناتجة عن الاضطرابات التي تعصف بالعالم العربي حاليا وتصاعد الخطر الإرهابي...