بعد ظهر امس، وصل السفير السعودي الى معراب لزيارة الدكتور سمير جعجع، وبمقدار ما تحاول السعودية اقناع اطراف 14 اذار و 8 اذار بالتسوية التي اعلنت عن ترشيح الوزير سليمان فرنجية، يتشدد حزب الله في معرفة كل التفاصيل وكل التسوية، ويريد ان يعرف ما هي السلة التي على اساسها ستجري التسوية وانتخاب الوزير سليمان فرنجية.
وهنالك مباحثات ستجري بشأن السلة، اي قانون الانتخابات، وتشكيل الحكومة وسياسة لبنان الخارجية وسلاح المقاومة والتحالف الاسلامي الذي اعلنته السعودية، والازمات العربية من البحرين الى اليمن، الى العراق، الى سوريا، الى فلسطين، القضية الام، وبالتالي، هنالك بحث عميق سيجري قبل الوصول الى التسوية.
لكن زيارة السفير السعودي بعد طول انقطاع عن معراب وعدم استقبال الدكتور سمير جعجع للسفير السعودي، كان موقفا من قائد القوات اللبنانية بأنه ضد التسوية، لكنه اتفق على زيارة السفير السعودي له، ونقل رسالة من القيادة السعودية الى الدكتور سمير جعجع، وربما دعوة الى زيارة السعودية يقوم بها قائد القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع.
نحن نقول ربما لاننا لا نعرف ماذا يحمل السفير السعودي، الا انه من المؤكد انه ينقل رسالة من القيادة السعودية الى جعجع، ويريد من الدكتور سمير جعجع ان يوافق على التسوية بترشيح الوزير سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، وهو امر رفضه بالمطلق الدكتور سمير جعجع سابقا وحتى هذه اللحظة لا نعرف موقفه بعد من زيارة السفير السعودي له، والرسالة من القيادة السعودية التي ستصل الى قائد القوات اللبنانية.
لكن كلام الوزير سليمان فرنجية في الحلقة التلفزيونية، التي وجه فيها سهامه نحو العماد ميشال عون، وانتقده بأمور عدة، ابعدت بين الوزير فرنجية والعماد عون مسافة بعيدة جدا، وبالنسبة الى الدكتور جعجع عندما سئل الوزير فرنجية عنه قال لماذا عليّ ان اعزل جعجع بالعكس علينا التعاون سوية، وقد فهم هذا الامر حزب الله بأن الوزير فرنجية يعطي اشارة للدكتور جعجع بأنه مستعد للتعاون معه، بينما هو بتوجيه السهام الى عون خلق جوا سلبيا بينهما قد لا يكون من السهل التعاون بين الوزير فرنجية اذا اصبح رئيسا للجمهورية والعماد عون اذا كان سيشارك في الحكومة عبر التيار الوطني الحر وكتلته. وكلما سعت السعودية الى انجاح مهمة الرئيس سعد الحريري في ايصال الوزير فرنجية الى رئاسة الجمهورية، وتبني تيار المستقبل لترشيح الوزير فرنجية، كلما تشدد حزب الله اكثر معتبرا اياها محاولة سعودية لاختراق الساحة اللبنانية.
ومع ان الوزير فرنجية حليف حزب الله وحزب الله له كامل الثقة بالوزير فرنجية، الا ان حزب الله ليس حزبا عاطفيا بل هو حزب عسكري سياسي امني مخابراتي يدرس كل الامور. ومن اهم الامور التي يدرسها ما هو الهدف لدى السعودية من دعم تسوية ترشيح الوزير فرنجية وايصاله الى رئاسة الجمهورية، ولماذا قدم نفسه الوزير فرنجية في حلقته التلفزيونية الى 14 اذار اكثر مما قدم نفسه الى 8 اذار، والتفسير بذلك هو ان فرنجية يعتبر نفسه في صلب 8 اذار ولا حاجة له لكي يشرح انه في الخط الذي تنتهجه حركة 8 اذار، لذلك قدم نفسه بأمور كثيرة الى الخط الذي يسير فيه 14 اذار، لكن مع ذلك فان حزب الله اصيب بالنقزة وبالحذر نتيجة كلام الوزير فرنجية عن عدة نقاط، خاصة السلاح الشرعي الذي اعتبره سلاح الجيش، اما سلاح المقاومة فلم يقل عنه انه سلاح شرعي بل قال عندما يتم تقوية الجيش اللبناني عندها يتم سحب سلاح المقاومة ولا يعود له لزوم.
الجيش والشعب والمقاومة
بينما استراتيجية المقاومة غير ذلك، استراتيجية المقاومة تقوم على مبدأ الشعب والمقاومة والجيش، وبالتالي الجيش هو للدفاع عن لبنان، ولضبط الامن في البلاد، والدفاع عن الحدود والشعب هو لدعم سيادة لبنان ودعم القوى التي تعتدي على لبنان والمقاومة هي لردع اسرائيل ومشروع ابعد من ردع اسرائيل الى مشروع حقيقي في العمق من يعرف المقاومة يعرف ذلك ان المقاومة لم تنشأ لتحرير الجنوب والنبطية ومرجعيون فقط، بل ان في صلب اهدافها العميقة والبعيدة والتاريخية تحرير فلسطين، ودعم شعب فلسطين، والعمل على نهضة العالم العربي على اساس مبدأ المقاومة، وتقوية زخم المقاومة في كل الانظمة العربية وفي الشعوب العربية، وهي لا تراهن على الانظمة العربية بل تراهن على الشعوب العربية، لذلك دعمت حماس، ولذلك دعمت قوى كثيرة، ترفض الخضوع للمخط الاميركي - الصهيوني.
ومن هنا فان من يقول ان خطه خط استراتيجي لا بد ان يأخذ في عين الاعتبار ان المقاومة لن تنتهي مهمتها عند ردعه اسرائيل على الحدود او لنقل في كل الاحوال مهما اصبح الجيش اللبناني قويا ولو تسلح بقيمة مليار دولار فانه لن يستطيع مواجهة اسرائيل طالما ان ثكناته مكشوفة وطالما ان قيادة الجيش مكشوفة وطالما ان الدبابات مكشوفة فالطيران الاسرائيلي قادر على تحطيم كل المراكز المكشوفة للجيش اللبناني، خاصة ان الطيران الاسرائيلي سيحصل على طائرة اف 22 رابتور، وبالتالي هذه الطائرة لا تستطيع منظومة الدفاع الجوية الروسية اس 300 واس 400 كشفها لان الرادار لا يلتقطها وستكون اسرائيل سنة 2017 اول دولة في العالم ويمكن الوحيدة التي ستحصل على طائرة اف 22 رابتور، لان الولايات المتحدة لا تريد بيع هذه الطائرات لغير جيشها، بل وافقت على بيع هذه الطائرة الى الجيش الاسرائيلي، لتبقي اسرائيل لديها قوة نوعية اقوى بكثير من بقية الدول من باكستان الى اوروبا. فهذه الطائرة لا تملكها بريطانيا ولا فرنسا ولا تملكها اسبانيا او ايطاليا او اي دولة اوروبية، ولا تملكها استراليا التي قدمت طلبا وتم رفض طلبها، ولذلك مهما قويَ الجيش فلن يستطيع ان يحل محل المقاومة التي هي حرب المجموعات الصغيرة المسلحة باسلحة صواريخ مضادة للمدرعات، وهي تقاتل تحت الانفاق وليس لها اي ثكنة عسكرية ظاهرة ولا مركز قيادة عسكري ظاهر مثل وزارة الدفاع، وليس لديها اي مبنى ظاهر عسكري في غرفة عمليات او فيه قيادة فوج او لواء او قوة بل تنقسم المقاومة الى مجموعات صغيرة تقاتل وفق تسلسل خاص بحرب المجموعات الصغيرة لا يمكن ان يعرفها العدو الاسرائيلي وحتى ضمن حزب الله لا يمكن لمجموعة ان تتعرف على مجموعة اخرى الا اذا كان المطلوب ان تتصل هذه المجموعة بمجموعة اخرى.
من هنا فان المقاومة هي في حرب مع السعودية التي تريد سحب سلاح حزب الله والرئيس الحريري يريد سحب سلاح حزب الله، والوزير فرنجية اعلن انه عندما يقوى الجيش اللبناني يتم سحب سلاح حزب الله ولن يأتي على تحرير الجنوب وسلاح المقاومة وماذا فعل سلاح المقاومة في حرب 2006 في تموز، ولذلك عتبت المقاومة على فرنجية واخذت حذرها وقالت ان الاندفاعة العاطفية التي كانت معطاة للوزير فرنجية تم فرملتها حاليا لندرس بروية السلة الكاملة التي على اساسها سيتم انتخاب الوزير سليمان فرنجية، فالسلة الكاملة من ضمنها سلاح المقاومة، ومن ضمنها قانون الانتخابات، ومن ضمنها الثلث المعطل في حكومة يرأسها الحريري او شخصية من تيار المستقبل.
الانتخابات الرئاسية ستتأخر
وهذه السلة ستكون مدار حوار طويل ولذلك الانتخابات الرئاسية ستتأخر ولن تكون سريعة، ولن يكتفي حزب الله بأن يحاور فرنجية - الحريري وينقل الى حزب الله رأي الرئيس سعد الحريري، بل يريد ان يجتمع تيار المستقبل وحزب الله والتيارات الاخرى ويبحثوا السلة الكاملة في البلاد بما فيهم العماد ميشال عون، الذي ما زال مرشحا للرئاسة ويرفض ترشيح الوزير سليمان فرنجية، لكن ضمن اطار الحوار سيشارك العماد عون على اساس انها طاولة حوار وليست طاولة انتخاب رئيس جمهورية، واذ ذاك سيتم طرح المواضيع كلها ووضعها في ورقة يلتزم بها رئيس الجمهورية القادم ورئيس الحكومة القادم والاحزاب الموقعة على الورقة التي تصل الى السلة الكاملة وعلى خارطة الطريق للحكم في لبنان، وهذه السلة هي اساسية لانها تضم تفاصيل التفاصيل وتضم الاصول الدستورية لحكم البلاد، وتضم توزيع الحقائب، ومعنى الحقائب، وما لم يسلم الرئيس سعد الحريري بسلاح المقاومة في الجنوب، فان تفاهمه مع الوزير سليمان فرنجية لا يعني شيئا بل تتعطل التسوية، فالرئيس سعد الحريري عليه ان يقول انه مع بقاء سلاح المقاومة في الجنوب، طالما العدو الاسرائيلي هو على الحدود موجود في فلسطين المحتلة. وحزب الله لن يرضى اقل من ذلك، كذلك بالنسبة الى سياسة المحاور العربية فان قيام التحالف العربي الذي اعلنته السعودية واعلنت ان لبنان جزء منه، انما استندت الى ان بيانات شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي بأمر من الوزير نهاد المشنوق يتم ارسالها الى السعودية الى ولي العهد في وزارة الداخلية الامير محمد بن نايف، وبالتالي فان لبنان هو عمليا بالتنسيق مع الامن السعودي عبر شعبة المعلومات وبأمر من وزير الداخلية وجبهة التحالف الاسلامي لن تضم جيوش عسكرية بل مهام امنية، وهذا حاصل بين لبنان والسعودية عبر وزارة الداخلية، التي يرأسها الوزير نهاد المشنوق.
هل ينجح عسيري بإقناع جعجع
وصل السفير السعودي الى معراب، فهل ينجح في اقناع الدكتور سمير جعجع بالتسوية بانتخاب الوزير فرنجية الجواب هو ان حزب الله سيستنفر اكثر الان لان السفير السعودي يحاول اقناع الدكتور سمير جعجع واذا اقتنع الدكتور جعجع بالتسوية وسار بترشيح الوزير سليمان فرنجية فان حزب الله قد لا يسير في التسوية ويرفضها كليا، ولا يبقى فقط على ترشيحه للعماد ميشال عون، بل ينسف التسوية كلها ويقول تعالوا لنتفق على مرشح جديد لرئاسة الجمهورية، لا يكون العماد ميشال عون ولا الوزير سليمان فرنجية ولا العماد جان قهوجي بل تكون شخصية يرتاح اليها وترتاح اليها الاطراف الاخرى، وتكون شخصية وفاقية لا تتبناها السعودية ولا يتبناها حزب الله بل تكون مقبولة من الجميع على قاعدة الحياد الايجابي التي تملكه هذه الشخصية.