أثير الكثير من اللغط حول قضية العسكريين المخطوفين لدى تنظيم «الدولة الإسلامية»، بعدما تحوّلت تغريدة على تويتر إلى «خبر» عن مفاوضات تجرى بشأنهم. في الوقائع، التقى مفاوض الخاطفين، لكن النتيجة لا تزال سلبية انشغلت وسائل الإعلام بخبر، غير موثوق المصدر، عن «مفاوضات مع الدولة الإسلامية لتحرير الشيخ أحمد الأسير على رأس لائحة المحررين مقابل الجنود اللبنانيين» المخطوفين لدى تنظيم الدولة.
فما حقيقة الخبر؟ وهل بدأت المفاوضات فعلاً؟ وما هي المعلومات المتوافرة عن مصير العسكريين المخطوفين لدى هذا التنظيم؟ بدأت قصة خبر «تحرير الأسير مقابل الجنود اللبنانيين» منذ أربعة أيام. تداول وقتها أحد المغرّدين الذين يدورون في فلك التنظيم المتشدد تغريدة تُفيد بضرورة أن «يُكافأ الشيخ أحمد الأسير على مواقفه المؤيدة للدولة الإسلامية بأن يوضع على رأس اللائحة في مفاوضات العسكريين اللبنانيين».
وبناءً على هذه التغريدة، تداول مغرّدون هاشتاغ كـ«الشيخ أحمد الأسير مقابل الجنود اللبنانيين» و«أحمد الأسير في دولة الخلافة»، وآخر على شاكلة: «كمْ سأَفرح عندما سأرى بإذن الله الشيخ أحمد الأسير في أحضان إخوانه في الدولة الإسلامية»، قبل أن تنقل إحدى القنوات المحسوبة على «المعارضة السورية» الخبر العاجل منسوباً إلى «أنصار تنظيم الدولة للبغدادي: الأسير مقابل الجنود اللبنانيين». تزامن هذا الخبر مع معارك وقعت بين حزب الله وعناصر التنظيم في جرود رأس بعلبك، إذ إنّه، بحسب المصادر الميدانية، «الحرب على داعش انطلقت في الجرود»، وتحديداً في المنطقة المقابلة لرأس بعلبك ومشاريع القاع، علماً بأن عناصر التنظيم يسيطرون على مناطق جردية شاسعة تمتد من عجرم إلى وادي الزمراني، وهي المنطقة نفسها التي يُطلق عليها الرعاة جبال الحلايم، ويقع ضمنها وادي ميرا.
ورغم ما تقدّم، كانت الحقيقة شيئاً آخر. فبحسب معلومات خاصة من مصادر في «الدولة الإسلامية»، «لا وجود لأي مفاوضات بعد»، علماً بأن المصادر تؤكد أنّه في حال بدأت المفاوضات فإن الأسير ونعيم عباس سيكونان مطلوبين على رأس اللائحة؛ الأسير لمواقفه في أشهره الأخيرة قبل توقيفه حيال جنود «الدولة»، ولأنّ المصادر تكشف أنّه بات قريباً فكرياً من تنظيم «الدولة» في أيامه الأخيرة.
أما نعيم عباس، فعلاقة طويلة في العمليات الأمنية تربطه بقيادات في التنظيم. وتكشف المصادر أن وسيطاً مفوّضاً من الدولة اللبنانية اجتمع بأمير تنظيم «الدولة الإسلامية» في القلمون لإعادة الحرارة إلى ملف العسكريين التسعة المخطوفين لديه، لكنّ اللقاء لم يُسفر عن جديد، إذ أبلغ أمير التنظيم الوسيط الذي زاره، وهو سجين سابق خرج من السجن أخيراً وكُلِّف بمهمة التواصل مع قيادة التنظيم لحل هذه المسألة، أنّه «إذا لم يوافق والي الشام على المفاوضات، فلن تكون هناك مفاوضات». هذا الكلام الذي نقلته المصادر لـ«الأخبار»، نقله الوسيط لجهاز الأمن العام. ومنذ ذلك الحين، لم يُسجّل أي خرق في هذا الملف المغلق حتى الآن.
وبحسب المصادر المتابعة لهذا الملف، «لا بدّ أن يُظهر داعش ما يؤكد وجود العسكريين وأنّهم أحياء، لأنّ هناك الكثير من اللغط في هذا الشأن». وترى المصادر أنّ التضارب في المعلومات بشأن مصير العسكريين غير مفهوم. وهذا يتحمّله التنظيم نفسه، باعتباره سرّب معطيات متناقضة؛ فمرة نُقل عن أحد قيادييه أنّه تمّت تصفية العسكريين بأجمعهم، ثم عاد قيادي آخر ليُسرِّب أن عدداً من العسكريين المخطوفين تمّت تصفيتهم، فيما لا يزال الباقون في عهدة «الدولة» في الرقة، إضافة إلى رواية ثالثة تقول إنّ اثنين من العسكريين انشقّا وبايعا التنظيم، ثم انتقلا للقتال في صفوف التنظيم في الرقة، فيما لا يزال السبعة الباقون أسرى.
tayyar