إعلان رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية ترشيحَه للرئاسة علناً، مع كلّ ما ساقَه من أسباب ومبرّرات، وما كشَفه من أبعاد وخلفيات، وما دار بينه وبين الرئيس سعد الحريري، وضَع الاستحقاق الرئاسي عملياً على الطاولة، وبات التعامل معه من الآن وصاعداً فوقها، لا تحتها. في انتظار ما سيدور على طاولة الحوار الوطني بين رؤساء الكتل النيابية في جلستها الجديدة بعد غد الاثنين، فإنّ السَنة المقبلة ستكون سنة الاستحقاق الرئاسي بامتياز، مع ما يمكن ان يرافقها من احداث وتطورات داخلياً وفي المنطقة، وكذلك من حركة ديبلوماسية ناشطة لإيجاد التسوية الاقليمية الموعودة.

ويرى مراقبون انّ ترشيح فرنجية الذي حرّك بقوّة مياه الاستحقاق الرئاسي الراكدة، أحدث بعض الإرباكات نتيجة ما تحدّث عنه من تفاصيل لم تكن في رأي البعض دقيقة.

ويُنتظر أن يترتّب على ذلك كثيرٌ من النقاش على مستوى فريق الثامن من آذار في مقابل نقاش داخل فريق الرابع عشر من آذار، وما يتردّد عن احتمال إقدام «القوات اللبنانية» على دعم ترشيح رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، ما يعني انّ ساعة إنجاز الاستحقاق لم تُزفّ بعد، إذ إنّ المتفائلين يتحدثون عن حسم له خلال الشهرين المقبلين، فيما المتشائمون يستبعدون ذلك ويتوقعون هذا الحسم مطلعَ الصيف المقبل.

برّي

في غضون ذلك، أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري امام زوّاره انّ ترشيح الرئيس سعد الحريري لفرنجية «هو ترشيح صادق وأنّ المبادرة أكثر من جدّية». وكرر التأكيد انّ المشكلة ما تزال عند الاقطاب الموارنة، «فعندما قلنا إنّ المشكلة مارونية انتقدَنا كثيرون، ولكن الواقع أثبتَ انّ المشكلة هي كذلك، فإذا لم يتّفق الأقطاب الاربعة على رئيس فينبغي عندئذ البحث في انتخاب شخصية مارونية أخرى، والطائفة المارونية الكريمة غنيّة بالشخصيات التي يمكن انتخاب ايّ منها لرئاسة الجمهورية.

ومن جهة ثانية اعتبَر بري أنّ إنشاء التحالف الاسلامي لمكافحة الارهاب فكرة جيّدة من حيث المبدأ ومن شأنها ان تزيل الانطباع والصورة السيّئة التي تكوّنَت عند الآخرين بفعل الارهاب عن الدين الاسلامي، لكن على هذا التحالف أن يميّز بين الارهاب والمقاومة وأن لا يمسّ بالمقاومة، لا في لبنان ولا في فلسطين.

مطر

وفيما تتداول أوساط سياسيّة أنّ بكركي بدأت بالتفتيش عن إسم مرشّح لرئاسة الجمهورية من خارج نادي الأقطاب الموارنة الأربعة في حال فشلِ التسوية المطروحة وأنّ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي كلّف رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر هذه المهمّة، نفى مطر لـ«الجمهوريّة» هذا الامر، مؤكداً أنّ «الراعي لم يكلّفه هذه المهمّة، فقرارُ البطريرك واضح، وهو أنّه لن يتدخّل في الأسماء، بل يشدّد على ضرورة التعامل مع التسوية بجديّة تامّة، أو التفتيش عن بديل، ولا يجوز تركُ الرئاسة بهذا الشكل».

وقال مطر: «إنّ انتخاب رئيس أكثر من ضروري، وهو حاجة وطنية جامعة، فالمشكلات تتكاثر والملف الإقتصادي بات ضاغطاً، كذلك الملفات الحياتية، فنحن اوّل بلد في العالم يصدّر نفاياته، وهذه سابقة خطيرة وكأنّنا لم نعُد نستطيع حلَّ أبسط الامور».

وأوضَح أنّ «فرنجية أعلن ترشيحه رسمياً، وننتظر ردّ فعل العونيين أوّلاً وبقيّة الاطراف»، لافتاً إلى أنّ «لقاء الأقطاب الموارنة في بكركي يجب ان يأتي بثماره وإلّا فلا ضرورة لعقده»، مشيراً إلى أنّه «قد يُستعاض عن هذا اللقاء، بلقاءات ثنائية مع الراعي، ليتمّ الخروج بالنتيجة المرجوّة والاتفاق على إسم مرشّح، فالوضع لا يحتمل التأجيل، والجميع مدعوّون الى تحمّل مسؤولياتهم في هذا السياق وإيجاد حلّ إنقاذي للرئاسة وللبنان».

الراعي

وكان الراعي دعا السياسيّين امس إلى «الابتعاد عن ترَف التلاعب بواجب انتخاب رئيس للجمهورية، وعن البَدء مجدداً في مماطلات البحث عن مخارج عجزوا أصلاً عن إيجادها، وانتظروها دائماً من الخارج».

وطالبَ الكتل السياسية والنيابية بـ»التحلّي بالشجاعة وبجرأة الأحرار، فيتجرّدوا من مصالحهم الخاصة ويتطلّعوا الى إنقاذ الجمهورية، وليقاربوا المبادرة الجديدة الجدّية الخاصة بانتخاب رئيس للجمهورية بروح المسؤولية الدستورية والوطنية الكاملة، فيسرِعوا إلى التشاور في شأنها والخروج بقرار وطني شامل يؤدِّي في أسرع ما يمكن إلى انتخاب رئيسٍ للبلاد، يكون على مستوى التحدِّيات الداخليّة والإقليميّة والدوليّة. وإذا فعَلوا ذلك، احترموا الدستور وتقيّدوا بأحكامه، وأدّوا واجبَهم الأساسي الذي هو انتخاب رئيس للجمهورية، قبل أيّ عمل آخر».

جولة فرنجية

في هذا الوقت، وفي إطار الجولات التي يعتزم النائب فرنجية القيامَ بها، علمت «الجمهورية» أنّ لقاءً مرتقباً سيَجمعه مع النائب بطرس حرب وشخصيات مستقلة أخرى قريباً.

زوّار الرابية

وفي وقت لم يسجَّل أيّ اتّصال بين الرابية وبنشعي منذ زيارة فرنجية الاخيرة لعون، خرجَ زوّار الرابية بانطباع مفادُه أنّ عون لن يستسلم، وهو مستمرّ في ترشيحه، ولمسَ هؤلاء لديه تصميماً على تنفيذ مخطّطه مذكّرين بما أعلنَه مراراً من أنّ «الحفاظ على الجمهورية أهمّ مِن رئاسة الجمهورية»، وهو يعمل على هذا الأساس.

جنبلاط

وفي السياق نفسه، قال رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، عبر «تويتر»: «مقاربة رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية للامور كانت واقعية وصريحة وعملية، بعيداً من الشعارات الرنّانة لبعض الساسة المتفلسِفين». وأضاف: «التلاقي الغريب للاضداد في تعطيل الانتخابات الرئاسية يضرّ بالاستقرار والمؤسسات والاقتصاد».

بوصعب

وإلى ذلك، كرّر الوزير الياس بوصعب القول: «إنّنا وفرنجية فريق سياسي واحد، وإنّ عون هو اليوم مرشّحنا للرئاسة أكثر من أيّ وقت مضى، حتى إنّ فرنجية أعلنَ بنفسه أنّه سيقف خلفه إذا وجَد الجنرال أيّ فرصة لوصوله الى الرئاسة».

وإذ لم يخفِ بوصعب انّ الموضوع الرئاسي «شكّلَ حساسية معيّنة» في العلاقة بين «التيار الوطني الحر» وفرنجية، أكّد في الوقت نفسه «أنّ هذه الحساسية لن تصل الى مرحلة الخلاف بين الطرفين، فكلّ طرف يتفهّم موقع الطرف الآخر، والنائب فرنجية أكّد أنّ الفرصة التي يمكن ان تُعطى للجنرال أولوية، ونحن نؤكّد أنّ الفرصة اليوم في أوجها وأكثر مرّة نشعر بها، وأنّ ما عملَ عليه الجنرال يتحقّق اليوم.

نحن نثق بإدارته للملف بمهنية وحِنكة منذ اللحظة الاولى، فأين كنّا وأين أصبحنا بعد عودة الجنرال من باريس وخروج الدكتور جعجع من السجن وعودة الرئيس امين الجميّل من فرنسا، كان التمثيل المسيحي الحقيقي مغيّباً لكنّ الانتخابات جرت وأوصلت نوّاباً يمثلون حقيقة، ثم بدأت أوّل معركة على قانون الانتخاب ونِلنا نصفَ المطلوب لكنّه يُعدّ إنجازاً، ومن ثمّ جاء الموضوع الحكومي واقتصَر التمثيل المسيحي الحقيقي على وزير لـ«القوات» وآخر لحزب الكتائب.

أمّا سائر الوزراء المسيحيين فكانوا موزّعين من الافرقاء الآخرين على «المستقبل» و«الاشتراكي»، وبالتالي فإنّ الجنرال قاد معركة الحكومة وأصبح لنا 6 وزراء ثمّ 11 وزيراً، والوضع بدأ بتبدّل إيجاباً.

المعركة الاساسية اليوم هي على قانون الانتخاب، وهي أهمّ من معركة الرئاسة، ويشعر الجنرال انّنا نتقدم فيها رويداً رويداً، لذلك يدير الملف اليوم بنحوٍ حقّق نتائج كبيرة جداً، على عكس ما يسوّق الآخرون.

فهل نتوقّف في منتصف الطريق؟ طبعاً لن نفعل، والمسيرة مستمرة والجنرال عون مرشّحُنا وفق الخطة التي يسير بها والإنجازات التي حقّقها، وقانون الانتخاب هو اليوم في صلب المعركة شئنا أم أبَينا، هذا مطلب رئيسي لجميع الافرقاء المسيحيين».

وأكّد بوصعب «أنّ «التكتل» متماسك، وما يُحكى عن استقالات محتملة لبعض اعضائه هو مِن نسج الخيال». وقال: «لا نحتاج الى سماع أيّ جديد في ما يتعلق بموقف حزب الله، وندرك نحن وغيرُنا في لبنان وخارجه، أنّ الموقف المعلن للحزب هو الموقف الحقيقي».

سلام عند برّي

وفي ملف النفايات، وكما توقّعت «الجمهورية» في عددها أمس، فقد دعا رئيس الحكومة تمام سلام الى جلسة لمجلس الوزراء الرابعة والنصف بعد ظهر الاثنين المقبل للبحث في بند وحيد يتّصل باقتراحات وزير الزراعة اكرم شهيّب لمعالجة وضع النفايات المنزلية الصلبة واتّخاذ القرارات المناسبة في شأنها.

وقالت مصادر السراي الحكومي إنّ سلام تبَلّغ من اللجنة الوزارية - الإدارية أنّها أنجزَت ما طلِب منها وأنّ التقرير النهائي وضِع في صيغته النهائية بجوانبه الإدارية والمالية والتقنية وأنّ تفاصيل فنّية سيُصار الى ضَمّها للتقرير قبل ان يعرَض على مجلس الوزراء الذي سيَبتّ بهذا الملف.

وتزامناً مع دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد، زار سلام عين التينة والتقى برّي وبحث معه في ملف النفايات من مختلف جوانبه ولا سيّما الناحية المالية، بعدما نمِي اليه انّ هناك عوائق تتعلق بمصدر كلفة الترحيل، إذ لم يتمّ الاتّفاق على مصادر التمويل سوى بنسبة ربع الكلفة من الصندوق المستقلّ للبلديات.

وقالت مصادر سلام لـ«الجمهورية» إنّ البحث تناول مجمل التطورات الداخلية وما يجري في المنطقة وانعكاساته على لبنان.
وأوضحت أنّ بري وسلام تشاورا في جديد الاستحقاق الرئاسي تحديداً، وشدّد سلام على أهمية إنجاز هذا الاستحقاق في أسرع وقت ممكن.

حكيم

وفي المواقف، استغربَ وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم «الطريقة غير الشفّافة التي يحاول البعض اعتمادَها لتمرير قرار تصدير النفايات». وقال لـ«الجمهورية»: «إنّ الوزراء تلقّوا دعوةً للموافقة على هذا الملف في اجتماع مجلس الوزراء المقبل، وقد تبيّن لهم أنْ لا وجود لمناقصة، ولا وجود لدفتر شروط، وكأنّ في الأمر تهريبة بذريعة الضرورة القصوى والاستثناء».

واعتبَر حكيم «أنّ ذريعة الضرورة والاستثناء تحوّلت حالة دائمة لطالما استُخدمت في مجلس الوزراء لتمرير القرارات خلافاً للدستور، وهذا الامر غير مقبول. هذا تزوير للحقائق، ويَستدعي الشبهة، ونحن ندرس حالياً الموقف الذي سنتّخذه حيال هذا الملف، مع الإشارة الى انّ أسعار التصدير تبدو باهظة».

من جهته، قال بوصعب لـ«الجمهورية»: «لدينا أسئلة عدة سنطرحها، ومنها: هل هي مناقصات أم تلزيم بالتراضي؟ ما هي كلفة معالجة الطن الواحد وترحيله، هل هي اكثر من المناقصة التي رفضناها بسبب غلائها، ومن أين ستُدفع الأموال، من البلديات؟ أم من خزينة الدولة؟ فإذا كانت من الخزينة هل يُعقل ان ندفع الاموال بلا مناقصة شفّافة؟».

هجمة أوروبّية

وفي هذه الأجواء، يستقبل لبنان الرسمي الأسبوع المقبل عدداً مِن القادة الأوروبّيين يتقدّمهم رئيس حكومة إيرلندا الذي سيزور بيروت الإثنين ويتفقّد عشية الميلاد وحدات بلاده العاملة في قوات «اليونيفيل» في الجنوب، ثمّ يلتقي سلام بعد ظهر اليوم نفسه على أن يغادر بيروت الثلاثاء.

وعشية الميلاد يزور رئيس الحكومة الإيطالية لبنان لتفقُّد قوات «اليونيفيل» التي تقودها بلاده، ثمّ يلتقي رئيسَي مجلس النواب والحكومة.
وسيزور بيروت أيضاً وزراء دولة من بعض الدول الأوروبية المشاركة في قوات «اليونيفيل».

من جهة ثانية قال البيت الأبيض إن الرئيس باراك أوباما وقّع أمس قانوناً يوسع العقوبات على حزب الله اللبناني.
وأوضح المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إيرنست في بيان أن «هذا التشريع القوي الذي شارك فيه الحزبان( الديموقرطي والجمهوري) يكثف الضغط على منظمة حزب الله الارهابية ويقدم للإدارة وسائل إضافية تمكنها من استهداف الشرايين المالية لحزب الله».