قبل ثلاثة أيام تم فتح الابواب لتقديم طلبات الترشح لمجلس خبراء القيادة في إيران، قدم خلالها الكثير من علماء الدين المؤهلين للترشح، طلبات ترشحهم لهذه الانتخابات. ومنذ الأيام الأولى لفتح أبواب التسجيل برز اصطفاف واضح بين المحافظين وبين المعتدلين يقود كلاً منهما شخصيات بارزة.
فالتيار المعتدل يقوده الرئيس الإيراني السابق هاشمي رفسنجاني والتيار المحافظ يقوده الشيخ محمد يزدي والشيخ مصباح يزدي. أهمية الانتخابات المقبلة لمجلس خبراء القيادة تأتي من موقع هذا المجلس في انتخاب المرشد الأعلى أو قائد الجمهورية الإسلامية وفق التعبير الذي صرح به الدستور الإيراني، كما إن هذا المجلس يتولى مهمة الاشراف والمراقبة على القائد وإقالته إذا اقتضى الأمر.
مدة ولاية مجلس خبراء القيادة سبع سنوات ولو يلاحظ سنّ آية الله خامنئي الذي تجاوز الثمانين، فليس من المستبعد أن يكون المجلس المقبل لخبراء القيادة سوف يرى خلال ولايته مهمة انتخاب القائد المقبل على عاتقه.
وانطلاقا من هذا المعطى اشتد التنتافس بين المحافظين الذين يطمحون بأخذ زمام القيادة بيدهم واستمرار النهج التقليدي في السياسة الداخلية والسياسة الخارجية واستمرار العداء مع الولايات المتحدة وبين المعتدلين الذين يحرصون على فتح طريق جديد في التعامل مع العالم وهو عبارة عن الحوار بدل العداء، ويرون بأن هذا النهج هو الذي يؤمن المصالح الإيرانية، كما تمّ تجريته خلال المفاوضات النووية.
اما المعتدلون المدعومون من قبل الاصلاحيين الذين يترأسهم رفسنجاني في الانتخابات المقبلة استجمعوا جميع طاقاتهم من أجل كسب المعركة الانتخاباتية وهناك استنفار شامل لجميع العلماء الإصلاحيين والمعتدلين من قبل آية الله الشيخ رفسنجاني لخوض معركة الانتخابات، وكدليل واضح على هذا الاستنفار قدّم آية الله السيد حسن الخميني حفيد الإمام الخميني والوجه الأبرز لعائلة الإمام حالياً.
هذا والسيد حسن الخميني كان يلتزم الاعتزال عن أي معركة انتخابية طيلة ثلاثة عقدين والابتعاد عن الاصطفافات السياسية والوقوف على الحياد، ولكنه يشعر الآن بمسؤولية تاريخية من أجل إنقاذ بلاده من مخالب المحافظين المتشددين الذين لم يخلفوا إلا الكوارث اقتصاديا وثقافيا وسياسيا.
قبيل تسجيل الخميني الشاب أدلى بعض قادة الحرس الثوري بتصريحات تعبّر عن استياء لخوضه المعركة الانتخابية وتحذيره من تقديم طلب الترشح معتبرا إن دخوله التنافس الانتخابية يتنافى مع موقعه الشعبي كحفيد للامام الخميني وبعض قادة الحرس ادعى بأن الامام الخميني منع نجله من قبول أي منصب حكومي، ولكن بات من الواضح أن الانتساب إلى مجلس خبراء القيادة ليس منصباً حكومياً.
إن إيران تقع الآن في لحظة تاريخية مصيرية هي الأهم منذ انتصار الثورة الإيرانية في العام 1979، وستشهد منافسة غاية في الأهمية في تاريخ إيران السياسي. إنه معركة بين المحافظين وبين الاصلاحيين، ودون أدنى شك إن الاصلاحيين هم الأكثر شعبية وقادرون على الفوز في المعركتين الانتخابية: القيادة والنيابية.
ولكن ما يمكن أن يحول دون فوزهم هو سيف مجلس خبراء الدستور الذي يسيطر عليه المحافظون ويقوم في أية انتخابات برفض واسع لطلبات ترشح الاصلاحيين بحجج واهية منها عدم الالتزام بالاسلام أو بالدستور، أو عدم امتلاك قدرة الاجتهاد فيما يتعلق بمجلس خبراء القيادة.
ولكن هل يتمكن هذا المجلس من رفض طلب ترشح الخميني الشاب أو رفسنجاني للانتخابات المقبلة كما حدث ذلك للشيخ رفسنجاني في الانتخابابت الرئاسية الماضية؟!