لو أن بلدا طبيعيا شهد ما شهده لبنان، بالأمس، لأمكن القول أنه يدل على فائض من الحيوية السياسية، أما وأننا في «مضارب لبنان»، فقد عبرت الوقائع عن بلوغ الفراغ مرحلة تجعل لبنان عضوا في «تحالف إسلامي» من دون علم كل الطبقة السياسية، كما تجعل لبنان شريكا في خطف نجل معمر القذافي من بلد الى بلد من دون علم كل الأجهزة الأمنية الرسمية وغير الرسمية، مثلما تجعل لبنان بلداً فريداً من نوعه عندما تأتيه «فرصة رئاسية جهنمية»، فيبادر الى تضييعها، من دون إغفال ذلك اللبنان الذي بات يستحق أن يدخل موسوعة «غينيس» بفائض صناعته الوطنية من حرفه الأبجدي الذي صدره الى العالم الى نفاياته التي ستمخر عباب البحور والمحيطات لتقدم صورة جديدة عن «فخر الصناعة اللبنانية بامتياز»!
يحصل ذلك، فيما الحدود الشرقية للبنان مشرّعة على خطر الارهاب، بدليل العمليات العسكرية اليومية ضد محاولات تسلل مجموعات تكفيرية في جرود عرسال، فيما تكشف الملاحقات خلية تلو خلية، وآخرها إلقاء القبض، أمس، على الأمير الشرعي لتنظيم «داعش» ومساعده في وادي خالد في عكار.
وبين هذا وذاك، اجتاز حوار «حزب الله» و «المستقبل» عتبة سنته الأولى، لتبين المناقشات أنه بات يشكل أحد أبرز صمامات الأمان، سواء باستمراره شكلاً أو بمناقشاته السياسية العميقة والملفات التي يتم التطرق اليها ومعظمها من النوع الذي لا يتم تظهيره للاعلام، في تعبير حقيقي عن حاجة الطرفين إليه والى تقديم جرعات اضافية تطيل أمد الاستقرار برغم ما يعتريه أحيانا من ندوب.
وبين هذا وذاك أيضا، أطل زعيم «تيار المردة» سليمان فرنجية، على مدى ثلاث ساعات ونصف الساعة، مساء أمس، عبر شاشة «ال بي سي»، بلغة شعبية بسيطة جعلته يدخل أغلب بيوت اللبنانيين، مقدما نفسه مرشحا لرئاسة الجمهورية «أكثر من أي وقت مضى»، ليتبين أن وظيفة المقابلة ليست محاولة استيعاب تداعيات مبادرة ترشيحه على صعيد مستقبل علاقته بزعيم «التيار الوطني الحر» ميشال عون، بل على العكس، فكان أن قرر شنّ هجوم سياسي عليه، ولو «من موقع دفاعي»، محاولا تقديم صورة جديدة لنفسه أمام الرأي العام اللبناني، من دون أن يتنازل عن ثوابته السياسية وخصوصا علاقته بالمقاومة والقيادة السورية.
وان دلت اطلالة فرنجية على شيء، فانها أعطت انطباعا بأن الترشيح بات موجودا ليس في حسابات هذا الفريق السياسي الداخلي أو ذاك، بل وأيضا ضمن مساحة خارجية يفترض أن تكون «العبارات الرئاسية» التي تم اختيار بعضها بعناية، قد أدت الى توسيعها، فضلا عن توسيع الهوامش السياسية، ولو على حساب المساحة الداخلية التي لا تؤشر الى قرب انتخاب رئيس جديد للجمهورية بسبب عوامل داخلية وأخرى خارجية.
ولعل اللافت للانتباه في واقعية وبراغماتية سليمان فرنجية أنها ستحرج حليفه «حزب الله» أكثر من أي وقت مضى، خصوصا وأن زعيم «المردة» ألمح أكثر من مرة الى أنه كان ينسق مع السيد حسن نصرالله كل خطوة من خطواته ومن بداية الطريق حتى نهايتها، ولو أنه نقل عنه قوله له أكثر من مرة أننا «مع هذا الجو.. ولكن لن نتخلى عن العماد ميشال عون ونحن ملتزمون أخلاقيا معه»، مشددا على أنه والسيد نصرالله واحد «في هذا الموضوع».
وفي انتظار ارتدادات مقابلة فرنجية في غضون الأيام المقبلة، خصوصا على صعيد «بيت 8 آذار» السياسي، ليس خافيا على أحد أن خطاب تحييد لبنان وهو خطاب جذاب بامتياز، لم يعد يتسم بأية واقعية، ذلك أن زمن التسويات الاقليمية لم يحن بعد، برغم بعض المؤشرات المتدحرجة ببطء في أكثر من ملف اقليمي من اليمن الى ليبيا مرورا باستحقاق اجتماع نيويورك وما يمكن أن يفضي اليه على صعيد تثبيت الخريطة السورية التي تم التفاهم عليها في «فيينا 2» الشهر الماضي.
في هذا السياق، كان لافتا للانتباه البيان السياسي الذي اصدره «حزب الله»، أمس، وهاجم فيه «التحالف العسكري الاسلامي لمحاربة الارهاب»، وأعلن رفضه دخول لبنان فيه بكل معطياته المشبوهة. «التحالف» الذي رفضه النائب سليمان فرنجية، شكّل أحد أبرز محاور جلسة الحوار الثانية والعشرين بين «حزب الله» و «المستقبل» الذي قالت أوساطه انه حاول تبديد مخاوف الآخرين بالتشديد على أن التصنيف الذي سيعتمد لمحاربة الارهاب هو التصنيف المتوافق عليه في جامعة الدول العربية وليس التصنيف السعودي أو الخليجي.
وعلمت «السفير» أن بعض الأوساط الرسمية اللبنانية تلقت اشارات من السعودية عن قرب الدعوة الى اجتماع على مستوى قادة ورؤساء أركان الجيوش الاسلامية التي تمت تسميتها في التحالف المذكور وبينها لبنان، حيث سيتم ارسال دعوة الى وزارة الدفاع (قيادة الجيش اللبناني) لتسمية من يمثلها في اجتماع يفترض أن يعقد قبل نهاية الأسبوع المقبل في العاصمة السعودية.
وفيما قالت مصادر معنية لـ «السفير» أن الجيش سيقرر ما اسمتها «الخطوة التالية» في ضوء قرار السلطة السياسية، ينتظر أن تتطرق جلسة مجلس الوزراء المرجح انعقادها الاثنين المقبل الى هذه النقطة من أجل تحديد الموقف المناسب، وذلك قبل الخوض في نقاش الصيغة ـ التهريبة التي سيقدمها الوزير أكرم شهيب الى الحكومة بشأن تصدير النفايات الى الخارج بكلفة تصل الى 235 دولارا للطن الواحد (حوالي نصف مليار دولار سنويا).
وقال شهيب لـ «السفير» انه «لا مجال لإعداد دفتر شروط ولا مجال لإجراء مناقصات لأن الحالة طارئة»، مؤكداً أن التقرير الذي قدمه إلى رئيس الحكومة يتضمن أفضل الممكن. أما مضمون هذا التقرير، «فأتركه في عهدة مجلس الوزراء، الذي يفترض أن يدعوه الرئيس تمام سلام قريباً للانعقاد».
وعلمت «السفير» ان حوار عين التينة تطرق الى أهمية تفعيل المؤسسات الدستورية، حيث طرحت أسئلة ما بعد جلسة النفايات وامكان انتظام جلسات الحكومة مجددا وهل يمكن فتح أبواب مجلس النواب، كما تم التطرق الى قضية توقيف النائب السابق حسن يعقوب على خلفية تورطه في قضية توقيف هنيبعل معمر القذافي قبل حوالي الأسبوعين في الأراضي السورية.
وعلم أن وزير الداخلية نهاد المشنوق أبلغ المشاركين في الحوار أن فرع المعلومات يملك الكثير من المعطيات والأدلة التي تؤكد تورط يعقوب، وبالتالي، ستصدر اليوم مذكرة توقيف وجاهية بحقه.
وقال مصدر أمني واسع الاطلاع لـ «السفير» ان يعقوب تمت مواجهته بامرأة قالت انها كانت صلة الوصل بينه وبين خاطفي هنيبعل من الأراضي السورية، لكنه نفى معرفته بها، كما تبين أن هناك خريطة للاتصالات وبعض التسجيلات، فضلا عن معلومات حول نقل هنيبعل القذافي من الأراضي السورية الى الأراضي اللبنانية بموكب ليعقوب مستفيدا من الترخيص الذي تمنحه له السلطات السورية منذ فترة طويلة للمرور عبر «الخط العسكري» من دون تفتيش موكبه
السفير : شاهدة وتسجيلات و«خط عسكري» في قضية يعقوب.. والحكومة تجتمع الاثنين فرنجية يوسّع هوامشه.. لكن زمن الرئاسة مؤجل
السفير : شاهدة وتسجيلات و«خط عسكري» في قضية يعقوب.....لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
642
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro