في لعبة الكبار تضيع البراءة والطفولة تدفع ثمن اطماع ومصالح دول المحاور، للاسف، هذا ما تشهده سوريا اليوم واطفالها، وصغارها هم الخاسر الاكبر خصوصاً في ظل المستقبل المجهول الذي تواجهه هذه الدولة.
بين نزوح ومرض واعاقة وموت يترنح مصير اطفال سوريا في ظل غياب اي حل او مشروع حل يأخذ بعين الاعتبار اجيال سوريا، فبأي ذنب يحدث لهم ذلك والى متى سيستمر هذا الوضع؟ الصراع في سوريا قائم والازمة مستمرة، الا ان تأثيرها السلبي صارم على الاطفال السوريين، في الوقت الذي نرى فيه المجتمعين الوطني والدولي يفشل في حمايتهم او تجنيبهم على الاقل من الصراعات الوحشية وقذارة الشوارع، حيث أصبح تشرد الاطفال اللاجئين من سوريا واقع مؤلم نجده في معظم الدول التي نزح اليها السوريون منذ اندلاع الأزمة الى الآن.
وقد تكون الضغوطات الكبيرة التي يتعرض لها الأطفال من أهم الاسباب التي تدفع بهم الى التشرد، حيث أن أعدادا هائلة من الاطفال أصبحت في عداد انتهاكات حقوق الانسان، وذلك بسبب الاعتقال التعسفي والتعذيب والاغتصاب المحلل للجهاد والقتل والاعمال الارهابية التي انعكست على قدراتهم وآمالهم. هذا بالأضافة الى الاعتداء الجنسي الذي يستخدم كسلاح في الحرب ضد الاطفال، حيث أن عدد زواج الاطفال يزداد ربما لأن تزويج الفتاة سيخفف بعض العبء على والدها، أو ربما لينقل مسؤولية حمايتها من الاعتداء الجنسي إلى زوجها.
اشارت المفوضية الخاصة باللاجئين السوريين إلى أن عدد المدنيين السوريين اللذين فروا من بلادهم هرباً من التوترات قد تجاوز حاجز المليون ونصف المليون، إلا أن العدد الفعلي قد يكون أكبر بكثير، والسبب يعود الى المخاوف التي يشعر بها بعض السوريين تجاه عملية التسجيل، وقد سجلت المفوضية نحو مليون لاجىء منذ بداية العام، أي ما يعادل 250000 فرد شهرياً، وقد اعلنت المفوضية انها بحاجة الى ما يقدر 494 مليون دولار لتلبية احتياجات اللاجئين السوريين من المعونات في جميع أنحاء المنطقة، والتي تم تأمين 33 في المئة منها فقط، وهي تعتزم تخصيص جزء من إجمالي هذا المبلغ - 267 مليون دولار أميركي - للبنان، ولكن لم يتم سوى تمويل 38 في المئة فقط من هذا الجزء.
وأكدت المنظمات أن عشرات الالآف من أطفال سوريا يعانون من سوء التغذية، هذا بالإضافة الى الامراض والصدمات النفسية التي تعرضوا لها جراء الأحداث التي مروا بها، كما ان المشكلة الافظع هي ظاهرة الزواج المبكر للفتيات، وهذا الامر يجعلهم ضحايا لصراع دموي يدفعون ثمنه كل يوم على الطرقات من اجل لقمة العيش، حيث يوجد الكثير من اطفال الحرب في الملاجىء الجماعية المكتظة تفتقر لأبسط الخدمات الاساسية. فأي عدالة تدّعي بها هذه الدول والاطفال يعيشون في مرابط للسيارات والكهوف، فمنذ وقوع الازمة السورية الى الآن سقط كل شيء، سقط الانسان ووسقطت المشاعر والعروبة كل ذلك لتحقيق مصالح متبادلة تسعى اليها الدول لتخريب سوريا، دون الاخذ بعين الاعتبار براءة الاطفال التي اصبحت مسلوبة منهم بشكل مباح.
فأصبحنا نرى الاطفال بين الحطام يكتبون بحثاً عن العلم بدلاُ من التعليم في دف المدرسة، وتعود قساوة الحياة عليهم لتجعلهم مشريدن على الارصفة، فنرى كل يوم الطفل السوري يخرج ساعياً نحو رزقة، ويبحث عن لقمة عيشه "بالشحادة"، فيقترب من رجل او امرأة وهو خائف من الرد المؤلم، فالأقدار جعلت من هؤلاء الاطفال جيل لا يعرف طريقه الى اين، يبحثون عن الرزق في زمن لا يعرف معنى الجوع والقهر، لذلك يكون الحل الوحيد لدى الاطفال التشرد!
وفي ظل هذا الوضع، يجب على الهيئات والجمعيات المختصة بالشؤون الاجتماعية معالجة هذه الازمة بأسرع وقت ممكن، حيث أن هذه الظاهرة تنتشر بشكل مخيف وتؤدي بالاطفال الى الجحيم، فمن الافضل ان تسعى الى وضع برامج وانشطة موسعة لمواجهة هذه المشكلة والعمل على حماية الاطفال بشكل رئيسي، فعودة الاطفال الى التعليم يشغل بالهم بالدروس، ويبعدهم عن التفكير بالأحداث ومجرياتها، ومن الضروري ان تهتم المدرسة بزيادة حصص الانشطة لتفسح مجالاً امام الاطفال للتعبير عن مخاوفهم بطريقة صحيحة وايجابية بإشراف من المختصين، فمنذ بداية الازمة لم تتحرك المنظمات المدنية والحكومية بشكل جدي لمحاربة الجوع والقهر الذي يواجه الاطفال، وقد يكون العمل الميداني أسرع حل للقضاء على هذه المشكلة.
و يجب على الدول التي استقبلت النازحين منح اللاجئين وضعاً قانونياً مجانياً مؤقتاً وتحديد إطار قانوني لهم، حيث يعيش معظم اللاجؤون السوريون بصورة غير قانونية في لبنان لأنهم لايستطيعون تحمّل دفع رسوم الإقامة.
فهذا الوضع المرعب هو مجرد انعكاس للصراع الاكبر الذي يحصل داخل البلاد السورية ، حيث اودى بحياة آلاف الاشخاص .
وعلى الرغم من أن الأزمة السورية لا تزال متواصلة وفرص حلها لا تزال بعيدة، بحسب البعض، إلا أن أطفال سوريا متشبثون بحلم العودة الى وطنهم من جديد.