الإرهاب يضرب في كل مكان، باتت ساحته بلا حدود ولا جغرافيا واستطاع أن يفرض سطوته على العالم أجمع سياسيا وأمنيا وعسكريا، بل فرض وقائع جديدة على الأرض لا يمكن تجاوزها أو غض النظر عنها، نظرا لجهوزيته الدائمة حيث استطاع أن يضرب متى يشاء وأين يشاء.
وشكل الإرهاب على مدى السنوات القليلة الماضية حتى اليوم أكبر تهديد بوجه العالم أجمع، وبات الجميع أمام استحقاقات جديدة، أمنية وعسكرية وسياسية، وأمام مخاطر كبيرة لا يمكن تجاوزها على أي صعيد، أدت إلى استنفار عالمي وعربي ودولي لإعلان المواجهة، وأعلنت العديد من الدول برامج المواجهة الذاتية، فيما أعلن عن تحالفات عديدة بدأت بالتحالف التي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، ومرت بالدخول الروسي المباشر في الحرب على هذا الإرهاب، وانتهت إلى تحالف إسلامي يضم 35 دولة عربية وإسلامية ولد منذ أيام بقيادة المملكة العربية السعودي .
مضى على التحالف الأول سنوات دون الوصول إلى أي نتيجة سيما في العراق وسوريا وبقيت الأمور على حالها، فيما حاول التدخل الروسي الوصول إلى نتائج عسكرية وسياسة إلا أن اي جديد لم يسجل على هذا الصعيد، وبالرغم من مرور عدة أشهر على التدخل الروسي المباشر في سوريا إلا أن الواقع الميداني لا زال تحت سيطرة الإرهاب الذي ضرب الثورة السورية وعاث فسادا على نطاق واسع تخطى الجغرافيا السورية الى كل من العراق ولبنان . وبعد فشل هذه التحالفات ومع تفشي ظاهرة الإرهاب هذه أعلن عن ولادة التحالف الاسلامي بقيادة المملكة العربية السعودية ليضاف الى سجل التحالفات تحالف إسلامي أعلن عنه كمحاولة جديدة للسيطرة وبعناوين وأهداف ربما جديدة .
وفي ضوء التحالفات السابقة والتحالف الجديد ثمة اعتبارات عديدة ربما أدت وما زالت تؤدي الى فشل المواجهة مع الارهاب أهمها عدم توحيد مفهوم الإرهاب بين هذه الدول، وعدم الإتفاق على برامج المواجهة، فيما نرى أيضا تباينات سياسية عديدة ربما تقود الى محاور جديدة لتتخطى بذلك أطر التحالف لأن الواقع السياسي العربي والدولي لا ينسجم مع المفهوم الموحد للإرهاب ، كمان أن الواقع العربي أيضا غير مهيأ لتفاهم من هذا النوع بدليل غياب الدول المعنية بشكل مباشرة بالارهاب عن التحالف الاسلامي وهي سوريا والعراق فأي تحالف لمواجهة الإرهاب يستطيع العمل من دون الدول التي تعتبر البؤر الرئيسية للإرهاب ؟ إن كوميديا التحالفات هذه لم تستطع ولن تستطيع المواجهة طالما بقيت بعيدة عن الرؤية الموحدة للإرهاب وعن التحالفات السياسية التي يفترض أن تتوفر في مثل هذه التحالفات .
ومع كثرة هذه التحالفات المعلن عنها لمواجهة الإرهاب إلا أنها بقيت قاصرة ومقيدة نظرا للخلافات بين الدول المشاركة في هذه التحالفات ونظرا للمصالح السياسية للدول التي تختلف بين دولة وأخرى، ولذلك بقيت هذه التحالفات من دون أي إنجازات وبالتالي لعب الإرهاب على هذه التناقضات لينمو أكثر ويستبيح الحياة السياسية والامنية لكثير من الدول . ولذا فإن الحديث عن تحالفات جديدة لمحارية ومواجهة الإرهاب تحت أي عنوان كان ليس كافيا طالما لم تتوحد الرؤى والمفاهيم السياسية للإرهاب وطالما لم يتم الإتفاق على أساليب وبرامج المواجهة .
وإن ما يحصل اليوم هو مجرد كوميديا أو مسرحية تحت عناوين التحالف لمواجهة الارهاب تفتقر الى النضوج والجدية وهذا غير متوفر لدى أي دولة في الوقت الراهن.
لذا سيبقى الإرهاب إلى أجل غير مسمى وسيستفيد كثيرا من هذه الفوضى التي تملأ العالم تحت مسمى الإرهاب .