أكدت موسكو ارتياحها لنتائج محادثات وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع الرئيس فلاديمير بوتين مساء الثلثاء، وأعلنت أن الوزير سيرغي لافروف سيتوجه اليوم إلى نيويورك للمشاركة في الاجتماع الوزاري لـ «المجموعة الدولية لدعم سورية» بهدف دفع الحوار حول تطبيق مقررات اجتماعات فيينا وتحويلها إلى قرار ملزم في مجلس الأمن.
وشكلت هذه نقطة الاتفاق الرئيسية بين الطرفين على رغم استمرار الخلاف على ملفات عدة، بينها تحديد لائحة الفصائل الإرهابية و «توسيع» القاعدة السياسية للأطراف التي اجتمعت أخيراً في الرياض لتضمن «أوسع تمثيل ممكن للمعارضة السورية»، وفق لافروف، الذي أشار إلى نقطة غابت عن تصريحات الوزيرين بعد لقائهما في موسكو مع بوتين، مؤكداً أن موسكو «تلقت باهتمام إعلان السعودية قيام التحالف الإسلامي العسكري، وتدرس حالياً الدور الذي يمكن أن يلعبه التحالف في محاربة الإرهاب».
وقال لافروف خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره البحريني خالد بن أحمد آل خليفة في موسكو أمس، إن «البعد الأيديولوجي لعمل التحالف الجديد مهم جداً للحيلولة دون تضليل الشباب من طريق التلاعب بمبادئ الإسلام، وأنا أعتبر ذلك أمراً بالغ الأهمية، نظراً لدور السعودية ودور الملك سلمان بن عبد العزيز شخصياً بصفته خادم الحرمين الشريفين».
وأعرب عن أمل في أن تساهم هذه المبادرة في توحيد جميع الدول الإسلامية من دون استثناء في صف واحد ضد أي ظواهر للإرهاب وضد أي محاولات للتلاعب بالدين، مشيراً إلى دور محتمل لمنظمة التعاون الإسلامي. وقال إن مبادرة الرياض «قد تشكل نقطة انطلاق لعقد مؤتمر أممي مكرس لدور الديانات العالمية في التصدي لهذا الشر».
في الأثناء، أعربت المتحدثة باسم الخارجية ماريا زاخاروفا عن أمل موسكو في أن ينجح اجتماع نيويورك بالتوصل إلى اتفاق لطرح مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي لتأكيد المبادئ كافة الواردة في بياني فيينا.
وقالت إن الموعد المحدد والمرغوب فيه لإطلاق المفاوضات بين الحكومة السورية والمعارضة هو الأول من كانون الثاني (يناير)، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن هذه القضية «معقدة للغاية» ولا تتم تسويتها بالوتيرة المرغوبة. وزادت أن مجموعة الاتصال ستعقد اجتماعاً آخر لها قبل حلول العام الجديد.
وكان لافروف قال عقب لقاء بوتين مع كيري، الذي استمر لأكثر من 3 ساعات مساء الثلثاء في الكرملين، إنه تم الاتفاق على مواصلة العمل مع واشنطن لتحديد قائمتين بالمعارضة «المعتدلة» والفصائل الإرهابية. وأكد لافروف أن بلاده «تدعم عقد مؤتمر حول سورية في نيويورك على أن ينتج عنه التوصل لمشروع قرار يقدم لاحقاً إلى مجلس الأمن». ووصف المحادثات مع كيري بأنها كانت موضوعية، مضيفاً أن موسكو وواشنطن أكدتا إصرارهما على القضاء على الإرهاب.
وفي إشارة إلى مؤتمر المعارضة السورية في الرياض، قال لافروف إنه يشكل «خطوة واحدة في عملية تشكيل قائمة موحدة للمعارضة للمشاركة في المفاوضات مع الحكومة السورية»، موضحاً أن ثمة اتفاقاً مع واشنطن على استبعاد تنظيم «داعش» و «جبهة النصرة» من أي مباحثات حول سورية.
من جهة أخرى، أكد كيري أن واشنطن وموسكو اقتربتا في مواقفهما إزاء المسائل الصعبة حول سورية. وقال إن الطرفين تبادلا المعلومات حول مواقع إجراء العمليات ضد الإرهابيين في سورية، مشيراً إلى أنه قدم للرئيس الروسي تفاصيل عن قيام الطيران الروسي باستهداف مواقع لا وجود فيها لتنظيم «داعش»، وأن بوتين وعده بمراعاة الملاحظات. وأشار الى أنه بيّن الموقف الأميركي حول «عدم إمكان المحافظة على الرئيس السوري بشار الأسد»، مؤكداً في الوقت ذاته أن «الولايات المتحدة والشركاء لا يسعون الى تغيير النظام في سورية» حالياً.
وشدد على ضرورة تفعيل التسوية السياسية في سورية، قائلاً إن الطرفين «لم يركزا خلال المباحثات على خلافاتنا، خصوصاً مصير الأسد، بل ركزنا على طرق التقدم في التسوية السياسية بسورية».
وأوضح: «أعلنا أننا لا نعتبر أن الأسد يملك إمكان أن يكون زعيماً لسورية في المستقبل. لكن اليوم ركزنا اهتمامنا ليس على الاختلافات في وجهات نظرنا، وليس على ما يجب فعله فورياً بحق الأسد، بل ركزنا على العملية السياسية التي سيقوم السوريون بأنفسهم في إطارها باتخاذ قرار حول مصير بلاده».
وقالت وكالة الإعلام الروسية أمس نقلاً عن نائب وزير الخارجية الروسي أليكسي ميشكوف إن روسيا تعتقد بأنه يجب ضم الأكراد السوريين الى أي محادثات سلام سورية مستقبلاً.
ونقلت الوكالة عن ميشكوف قوله في مقابلة: «نؤيد مشاركة دائرة واسعة من قوى المعارضة التي تمثل الشعب السوري في عملية التفاوض السورية. من المؤكد أنه ينبغي عدم استبعاد الأكراد من هذه العملية».
ولم يدع «الاتحاد الديموقراطي الكردي» برئاسة صالح مسلم إلى مؤتمر المعارضة في الرياض الذي أسفر عن تشكيل هيئة عليا لتعيين وفد المفاوضات مع النظام. لكن المؤتمر شارك فيه «المجلس الوطني الكردي» الذي يناقس «الاتحاد الديموقراطي».
إلى ذلك، نقلت وكالة الإعلام الروسية عن نائب وزير الخارجية الروسي أليكسي ميشكوف قوله إن على تركيا أن تدفع تعويضاً عن إسقاط طائرة حربية روسية قرب الحدود بين تركيا وسورية الشهر الماضي. وأضاف ميشكوف أنه يجب أن تضمن تركيا ألا تقع حوادث مشابهة مستقبلاً.