«بتاريخه قامت قوى الجيش في منطقة خربة داوود - جرود رأس بعلبك بإطلاق صاروخ موجّه استهدف آلية لـ«داعش» نتج عنه تدمير الآلية وقتل أربعة مسلحين من بينهم قائد ميداني».. إذا كان هذا البيان الصادر عن قيادة الجيش أمس لا يكفي للدلالة الميدانية على كون لبنان هو «على خط المواجهة الأمامي مع الإرهاب» كما وصفه رئيس مجلس الوزراء تمام سلام في معرض توضيح مسوغات الترحيب الرسمي بمبادرة تشكيل تحالف إسلامي لمحاربة الإرهاب، فإنّ حملة الترهيب التي يشنّها البعض على الحكومة ورئيسها لموافقته المبدئية على الانضمام إلى جهود هذا التحالف لا شك في أنها تنطلق من انفصام في الواقعية الميدانية القائمة على الجبهتين الحدودية والداخلية في مواجهة التسونامي الإرهابي العابر للدول والقارات، بشكل يرمي عن علم أو جهل إلى ترك لبنان ظهيراً ضعيفاً معزولاً عن بيئته العربية والإسلامية الحاضنة لسيادته والحريصة على أمنه واستقراره بعيداً عن دهاليز النكايات السياسية الضيقة والمزايدات الطائفية المتحجرة التي لم تجنِ ولن تجني يوماً على اللبنانيين سوى مزيد من الشرذمة في الصفوف الوطنية.

وأمام حملة الترهيب التي تصاعدت وتيرتها خلال الساعات الأخيرة رفضاً لانضمام لبنان إلى التحالف الهادف إلى محاربة الإرهاب ودحره عن دول المنطقة، اضطر المكتب الإعلامي لسلام إلى إصدار بيان توضيحي لفت فيه إلى أنه بعد تلقيه اتصالاً من القيادة السعودية لاستمزاج رأيه في هذا الشأنّ أبدى ترحيباً بهذه المبادرة انطلاقاً من كون لبنان على خط المواجهة الأمامي مع الإرهاب حيث يخوض جيشه وجميع قواته وأجهزته الأمنية معارك يومية مع المجموعات الإرهابية التي ما زالت إحداها تحتجز تسعة من العسكريين اللبنانيين، مذكراً كذلك بأنّ حكومة «المصلحة الوطنية» شدّدت في بيانها الوزاري على الأهمية الاستثنائية التي توليها «لمواجهة الأعمال الإرهابية بمختلف أشكالها واستهدافاتها بكل الوسائل المتاحة للدولة»، مع تأكيده في الوقت عينه أنّ أيّ خطوات تنفيذية تترتب على لبنان في إطار التحالف الإسلامي الجديد سيتم درسها والتعامل معها استناداً إلى الأطر الدستورية والقانونية اللبنانية.

وأوضحت مصادر حكومية لـ«المستقبل» أنّ سلام كان قد تلقى الاتصال من القيادة السعودية نهار السبت الفائت وتبلّغ منها النية في تشكيل تحالف ضد الإرهاب معربةً عن تفهمها لظروف الدولة اللبنانية وعن الأمل في انضمامها إليه، فأجاب سلام من دون تردد بأنّ لبنان الذي يعاني من الإرهاب ويكافحه بشكل يومي يقف بكل تأكيد إلى جانب إخوانه العرب في هذه المواجهة. ولفتت المصادر إلى أنّ موقف سلام هو موقف مبدئي عبّر عنه بوصفه رئيساً للحكومة وينطق باسمها بانتظار طرح الموضوع على طاولة مجلس الوزراء حينما يصبح له تبعات تنفيذية من الواجب اتخاذ قرار بشأنها، لافتةً الانتباه إلى أنّ سياسة تعطيل الحكومة هي التي تحول دون طرح قضايا وطنية استراتيجية كهذه ضمن الأطر المؤسساتية والدستورية.

في المقابل، حرص وزير الخارجية جبران باسيل على تظهير جهله بالموضوع والتنصل منه عبر إصدار بيان صادر عن الوزارة أمس يؤكد فيه أنها «لم تكن على علم لا من قريب ولا من بعيد بموضوع إنشاء تحالف إسلامي لمحاربة الإرهاب»، معتبرةً أنّ «ما حصل يمسّ بموقع لبنان المميز لجهة التوصيف المعطى لمحاربة الإرهاب والتصنيف المعتمد للمنظمات الإرهابية».

الجسر

من جهة أخرى، وبينما شددت كتلة «المستقبل» إثر اجتماعها الدوري أمس على كون إعلان الرياض المتعلق بتشكيل تحالف عربي وإسلامي لمواجهة الإرهاب هو بمثابة «المبادرة التي تشكل جهداً جيداً وعملياً من قبل العالم الإسلامي للتصدي لظاهرة تحاول استخدام الدين الإسلامي لأهداف أول ما تسيء إلى الإسلام والمسلمين»، أوضح عضو الكتلة النائب سمير الجسر لـ«المستقبل» أنّ الدعوة التي وجهتها المملكة العربية السعودية إلى لبنان هي دعوة للتعاون من أجل مواجهة آفة الإرهاب الخطيرة، مثمّناً هذه الدعوة المشكورة باعتبارها تهدف إلى التصدي للإرهاب الذي يتهدّد العالمين العربي والإسلامي.

«الترحيل».. والتعطيل

أما في مستجدات ملف أزمة النفايات، فقد أعرب رئيس الحكومة أمس عن أمله في عقد جلسة لمجلس الوزراء «خلال أيام لبت موضوع تصدير النفايات إلى الخارج»، في وقت أفادت مصادر حكومية «المستقبل» أنّ سلام ينتظر إجابة وزير المالية علي حسن خليل خلال اجتماع السرايا الحكومية اليوم في ما يتعلق بسبل تمويل عملية الترحيل ليتخذ في ضوء ذلك قراراً بدعوة مجلس الوزراء إلى الانعقاد سريعاً لبت الملف وتلزيم العملية وفق العرض الأمثل المقدّم للدولة بشكل يستوفي كافة الشروط والضمانات المطلوبة.

وفي الغضون، برزت أمس من «الرابية» بوادر ومؤشرات عونية استباقية تشي باستمرار نهج تعطيل الحلول الحكومية لأزمة النفايات وهو ما بدا من خلال الموقف الذي أعلنه وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب أمس باسم تكتل «التغيير والإصلاح» إثر اجتماعه الأسبوعي، معرباً عن تصدي التكتل لحل الترحيل باعتباره يتصدى لما وصفها «فضيحة أكبر من فضيحة أزمة النفايات» وأردف متوعداً الأطراف الأخرى: «إذا كنتم عاجزين عن حل المشكلة، لا تذهبوا إلى تأزيمها وتكبيرها».