لا حاجة للتذكير بأن المجتمع الدولي لم يتخلى عن موقفه الثابت تجاه لبنان والداعم للاستقرار فيه.
ولكن ذلك لا يعني أنه يضع القضية اللبنانية في سلم أولوياته. إذ ان الوقائع تؤكد أنه يعمل على طريفة رد الفعل لا الفعل. فيتحرك عندما يلمس وجود مؤشرات يمكن أن تدفع في هذا الاتجاه أو ذاك. وهذا تحديدا ما حصل مع المبادرة الرئاسية التي أطلقها رئيس تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري والتي تلقفتها بعض الدول المهتمة بالشأن اللبناني من أجل الدفع بالاستحقاق الرئاسي إلى الإمام بغية إنجازه.
علما بأن هذه المبادرة لم تولد في كنف المجتمع الدولي ولا بمسعى منه. فأولوية المجتمع الدولي الحفاظ على الاستقرار اللبناني بأي طريقة وهو غير معني بهوية الرئيس العتيد وسياساته. وكل همه إلا تتوسع رقعة الحروب في المنطقة وما قد تفرضه من مخاطر وتحديات في ظل حرصه على حصرها في سوريا واستطرادا العراق واليمن. وبالتالي طالما أن اللبنانيين يعملون على إدارة خلافاتهم فلا بأس من استمرار الوضع الحالي بانتظار جلاء الصورة الكبرى في المنطقة.
والرئيس تمام سلام كان واضحا عندما عبر عن حزنه الشديد لدى عودته من مؤتمر الأمم المتحدة في نيويورك لجهة أن القضية اللبنانية غير مدرجة ضمن الاهتمامات الدولية. وهذا يؤكد على أن مبادرة الرئيس الحريري لانتخاب رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية رئيسا للبلاد هي سعي لبناني ولم تتم بمسعى دولي. وجل ما حصل أن المجتمع الدولي ألتقط وجود فرصة رئاسية فقرر دعمها وتزخيمها والسير بها. ولكنه ليس مستعدا للذهاب أبعد من ذلك بمعنى ممارسة الضغط الجدي على أي طرف لأتمام هذا الاستحقاق. فإذا أعطى دعمه لهذه المبادرة نتائج إيجابية كان به وإلا ينتظر مناسبة أخرى. فهو ليس في عجلة من امره.
ولا يعتبر الانتخابات الرئاسية أولوية ما بعدها أولوية. وعليه يمكن التأكيد أن المجتمع الدولي ليس في موقع الباحث عن حلول أو الساعي لتسويات رئاسية وغيرها في لبنان. لأن اولويته في مكان آخر.
لكنه لا يتوانى عن دعم أي توجه محلي يمكن أن يحدث خرقا على مستوى انتخابات رئيس جديد للجمهورية اللبنانية. واستطرادا فهو ليس في أساس الفكرة ولن يكون رأس حربة في حملها والدفاع عنها في ظل اطمئنانه أنه لا مؤشرات إلى انهيار أمني وشيك ولا إلى انهيار نقدي. كما أنه لا معطيات تفيد بضرورة تحصين الوضع اللبناني قبل الانتقال إلى المرحلة الانتقالية في سوريا.
ذلك ان قرار تحصين الوضع الأمني في لبنان موجود لدى البيئتين السنية والشيعية ومن خلفهما السعودية وإيران. وبالتالي فلا خشية على هذا المستوى