هل زار النائب سليمان فرنجية الرئيس السوري بشار الأسد؟ المعطيات المتوافرة تشير إلى أن فرنجية زار العاصمة السورية دمشق يوم أول من أمس الأحد، والتقى الرئيس السوري بشار الأسد. اللقاء كان إيجابياً، على عادة الرجلين اللذين تجمعهما صداقة متينة تتخطى السياسة. وسياسياً أيضاً، كانت أجواء اللقاء تتسم بالوضوح. شرح فرنجية للأسد تفاصيل مبادرة الحريري، معيداً التذكير بموقفه السياسي، ومؤكداً أنه لم يقدّم أي التزام يتناقض مع هذا الموقف. وبحسب مصادر قريبة من القيادة السورية، فإن الأسد عبّر عن موقفه من التسوية المقترحة.
ولخّصت المصادر هذا الأمر بالقول إن الأسد قال لفرنجية إن «الأسباب التي دفعت الى إخراج الحريري من السلطة لم تنتفِ بعد». وهذا الكلام فسّرته المصادر بأنه يعكس الموقف الحقيقي للأسد من مبادرة الحريري الرئاسية، التي ترى فيها دمشق «مقايضة بين الرئاسة والحكم الفعلي للبنان». وربطت المصادر بين هذه المعلومات المتداولة، وبين البيان الذي أصدره أمس المدير العام السابق للأمن العام اللواء جميل السيد. فالسيد، وكان من أشد المتحمسين في فريق 8 آذار وحلفائه لتسوية الحريري ــ فرنجية، قال إمس إنه يدرس إمكان رفع دعوى قضائية ضد الرئيس سعد الحريري، في ملف شهود الزور ويمكن الاستنتاج من البيان أن رفع الدعوى سيكون أمام القضاء السوري، الذي ذكّر السيّد بأن مذكرات التوقيف التي أصدرها بحق أعضاء فريق عمل الحريري (سياسيين وإعلاميين وأمنيين وقضائيين) عام 2010 لا تزال سارية المفعول. واللافت أن هذا البيان صدر ليعلن السيد إسقاط ادعائه الشخصي بحق اللواء وسام الحسن بسبب الوفاة. فالحسن استشهد قبل أكثر من ثلاث سنوات، وإسقاط الادعاء الشخصي بحقه في دعوى مجمّدة عملياً ينبغي أن يكون قد حصل منذ ذلك الحين، ما يعني أن السيد أصدر بيانه لهدف وحيد: إعلان نيته مقاضاة الحريري أمام القضاء السوري، على خلفية ملف نزاع ظاهره شخصي بسبب الاعتقال التعسفي الذي تعرّض له من قبل فريق الحريري بين عامي 2005 و2009. أما باطنه وكل ما فيه، فسياسي متّصل بالنزاع بين الحريري والحكومة السورية على خلفية التحقيق الدولي باغتيال الرئيس رفيق الحريري، والاتهام السياسي الذي وجّهه فريق الرابع عشر من آذار إلى دمشق بالوقوف خلف الاغتيال. وذكّرت المصادر بأن ملف شهود الزور الذي عاد وفتحه السيد أمس، كان قد بدأ قضائياً في دمشق عندما كانت العلاقة بين الرئيس سعد الحريري والرئيس بشار الأسد في أوج إيجابيتها.
فرنجية للحريري:
أزور الرياض رئيساً
لا مرشحاً
وصدرت مذكرات التوقيف السورية بحق فريق الحريري رغم تلك الإيجابية. وفيما لم يُفهم جيداً توقيتها السياسي حينذاك، فإنها كانت المؤشر الأول على أن العلاقة بين الحريري والأسد لم تكن على ما يُرام. كما أن ملف شهود الزور كان «مطية» فريق 14 آذار لإسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري في كانون الثاني 2011. وترى المصادر في بيان السيد مؤشراً إضافياً على موقف دمشق من مبادرة الحريري.
على صعيد آخر، نفت مصادر في فريق 8 آذار ما لا يزال يُشاع عن أن فرنجية قدّم تعهدات للحريري خلال لقائهما الباريسي الشهر الفائت، ولا لمساعدي الحريري الذين يلتقيهم في لبنان، وآخرهم نادر الحريري والنائب السابق غطاس خوري. وقالت المصادر إن الحريري طالب فرنجية بمواقف من قانون الانتخابات والخصخصة و»تكبير حجم الاقتصاد» وغيرها من القضايا، إلا أن فرنجية عبّر عن رأيه بكل ما سمعه، لكن من دون التزام أي موقف، مؤكداً أن هذه الملفات يناقشها مع حلفائه قبل التزام أي منها. كذلك كان موقف فرنجية عندما اقترح عليه الحريري زيارة السعودية، إذ ردّ رئيس تيار المردة بالقول إنه يزور الرياض «رئيساً لا مرشحاً».
في محصلة النقاشات السياسية، تواجه مبادرة الحريري الرئاسية الكثير من العقبات، التي قد يعبّر عن بعضها النائب فرنجية في إطلالته ضمن برناج «كلام الناس» على شاشة «أل بي سي آي» الخميس المقبل. وفيما كان فريق الحريري يروّج لفكرة أن يبادر رئيس تيار المستقبل إلى إعلان ترشيح فرنجية من بيروت قبل إطلالة زغرتا الخميس، نفت مصادر قيادية في التيار الأزرق ذلك، مؤكدة أن مواقف مختلف القوى أظهرت أن أوان إطلاق المبادرة لم يحِن بعد.
لبنان في تحالف سعودي!
وفي سياق آخر، من المنتظر أن يُثار نقاش سياسي حول إعلان السعودية أمس تأليف «تحالف إسلامي» عسكري تحت عنوان «مكافحة الإرهاب»، مقرّه الرياض. وسيكون النقاش متمحوراً حول إدراج لبنان ضمن الدول التي وافقت على تحالف كهذا. ومن غير المعروف من هي الجهة اللبنانية التي اتخذت قرار المشاركة في التحالف السعودي، علماً بأن قرار التوقيع على اتفاقيات من هذا النوع يحتاج إلى قانون يُصدره مجلس النواب يجيز للحكومة التوقيع على اتفاقيات دولية.