قدمت «شعبة المعلومات» في قوى الأمن الداخلي إنجازا أمنيا جديدا في إطار رصدها وملاحقتها للخلايا الارهابية، حيث وضعت يدها على كامل عناصر الخلية المتورطة في تفجيرَي برج البراجنة، وفي تفجير جبل محسن الذي كان من المفترض أن يحصل بالتزامن، وذلك بعد نجاحها في توقيف المخطِّط والمدبِّر المدعو بلال البقار، بعد فترة من التعقب انتهت بوقوعه في قبضة القوة الضاربة في «المعلومات».
ويعتبر البقار (28 عاما) أحد أبرز المنتمين الى «داعش» والمتعاملين معه في لبنان، وأن توقيفه والاعترافات التي سيدلي بها ستكشف اللثام عن كثير من المتورطين بأعمال إرهابية، خصوصا أنه كان على تماس مباشر مع التنظيم الذي كلفه بعد زيارته مدينة الرقة السورية مؤخرا، بسلسلة عمليات إرهابية، منها تفجيرات البرج وغيرها، وطلب منه أن يكون صلة الوصل بين التنظيم وبين الانتحاريين وأن يقوم باستقبالهم وتسليمهم الأحزمة الناسفة، وتسهيل انتقالاتهم وإيصالهم الى الأماكن المستهدفة، فضلا عن تجنيد عدد من الشبان لتشكيل خلية متكاملة.
وقد عمل البقار على تجنيد عدد من الشبان، منهم العنصران في قوى الأمن الداخلي عمر ك. (تربطه به صلة قرابة) وشوقي س. وأحمد م. والانتحاري إبراهيم ج. وكلهم أوقفتهم «المعلومات» بعد أيام قليلة على تفجيرَي البرج.
كما قام البقار بتهريب كميات كبيرة من المتفجرات بواسطة المدعو صطام شتيوي في «فان» كان ينتقل من عرسال الى أحد المستودعات في القبة الذي ضبطته القوة الضاربة في شعبة المعلومات وصادرت منه 180 كيلوغراما من المتفجرات، وأربعة أحزمة ناسفة مجهزة للتفجير، إضافة الى 150 كيلوغراما من الكرات الحديدية التي تستخدم بتصنيع الأحزمة والعبوات الناسفة.
وبحسب الاعترافات التي أدلى بها الموقوفون، فان البقار هو من كان يطبخ المتفجرات، ويصنع الأحزمة الناسفة، ويعطي توجيهاته الى أمين المستودع أحمد م. بتسليمها الى الانتحاريين فارضا على الجميع أن يكونوا ملثمين لكي لا يعرف أي متعامل معه الآخر.
وتضيف هذه الاعترافات أن البقار هو من خطط لتفجيرات برج البراجنة وجبل محسن، بأمر مباشر من «أبو الوليد السوري» أحد مسؤولي «داعش» في الرقة، وأنه طلب من أحمد م. تسليم الأحزمة الناسفة الى الانتحاريين الثلاثة، الذين غادر منهم إثنان الى بيروت في سيارة أحد العناصر الأمنية المتعاملين معه وهما سوريان أحدهما عماد المستت وهو طبيب أسنان، والثاني يدعى وليد وهو حائز على ماجستير في العلوم الاقتصادية ، فيما وقع الانتحاري الثالث وهو إبراهيم ج. في قبضة المعلومات، الأمر الذي أنقذ جبل محسن من تفجيرَين مماثلين، حيث عثر الجيش على عبوة بزنة عشرة كيلوغرامات من المواد المتفجرة في حي الأميركان وضعها إبراهيم قبل توقيفه وكان من المفترض أن تنفجر، ومن ثم يقوم هو نفسه باقتحام المكان.
وتشير المعلومات المتوفرة لـ «السفير» من مصادر أمنية مطلعة، الى أن البقار يحمل فكرا تكفيريا منذ نشأته، وهو كان أحد قادة المحاور في منطقة البقار خلال جولات العنف مع جبل محسن، وعلى ارتباط وثيق مع أسامة منصور، ومحمد حمزة الذي فجر نفسه بعائلته في دير عمار الاسبوع الفائت عندما حاصره الجيش في منزل شقيقته، وكذلك بالشيخ الموقوف أحمد الأسير والفنان المعتزل فضل شاكر، حيث استضافهما مرة في طرابلس، وكان يتردد عليهما باستمرار في صيدا، وبالفارين نبيل س. وطارق خ.
ولهذه الأسباب أوقف بعد الخطة الأمنية وسجن لمدة سنة في روميه، وقد ضاعف تواصله اليومي مع الموقوفين المنتمين للجماعات المتشددة من فكره التكفيري، فخرج من السجن محملا بكثير من التحريض والأفكار الانتقامية من الجيش والقوى الأمنية و «حزب الله» وجمهور المقاومة، وقد انتقل لهذه الغاية الى جرود عرسال ومنها الى مدينة الرقة السورية حيث خضع لسلسلة دورات عسكرية وفي كيفية تصنيع العبوات والأحزمة الناسفة.
كيف تم توقيف البقار؟
في 17 تشرين الثاني الفائت، عندما داهمت القوة الضاربة في شعبة المعلومات أمين مستودع المتفجرات في القبة، أحمد م. وأوقفته في مكان عمله في احد مطاعم منطقة الضم والفرز في طرابلس، كان البقار موجودا معه، لكنه انتبه في اللحظات الأخيرة وفر مسرعا الى المستودع لعله يتمكن من نقل كمية من المتفجرات أو رفع الأحزمة الناسفة الأربعة من مكانها، لكنه فوجئ بسرعة وصول القوة الضاربة، فغادر الى بلدة مرياطة ـ قضاء زغرتا عبر سيارة أجرة، ثم عاد ليلا الى الميناء للاختباء لدى بعض معارفه الذين طلب منهم مساعدته على تبديل ملامحه، علما أنه يتنقل بهوية مزورة، لكن أحدا لم يجرؤ على مساعدته، فعاد مع ساعات الفجر الأولى الى القبة وانتقل منها الى المنكوبين حيث اختبأ في أحد المنازل هناك، وسارع الى تبديل هاتفه ورقمه.
وتشير المعلومات الى أن البقار كان يتنقل خلال الفترة الماضية بين المنكوبين والقبة والميناء، وأنه نجح مؤخرا في الحصول على مبلغ من المال فتمكن من استئجار شقة في مشروع صبح في أبي سمراء، وقد حاول أكثر من مرة السفر عبر المراكب غير الشرعية كما فعل شقيقه حمزة المتورط معه في تصنيع المتفجرات من قبل، لكنه فشل في ذلك.
وقبل نحو خمسة أيام وردت معلومات الى «الشعبة» بأن شخصا مشبوها يتردد على شقة في مشروع صبح في أبي سمراء، فتمت مراقبة المشروع الذي يضم ستة أبنية، وتم تحديد المبنى، وعمل الفرع الفني على رصد كل الاتصالات في المنطقة وتمكن من تحديد رقمه.
وبعد ظهر السبت الفائت حضر عدد كبير من عناصر القوة الضاربة وانقسموا الى مجموعات منها عملت على تطويق المبنى، وأخرى نفذت سلسلة دوريات في محيطه، بينما كان الفرع الفني يرصد اتصالاته. وقبل مداهمة المبنى، تمكن الفرع الفني من تحديد مكانه في سيارة من نوع نيسان بالقرب من مدرسة «البيان الاسلامية» التي تبعد نحو 300 متر عن مشروع صبح، فقامت إحدى المجموعات بمحاصرته وتوقيفه ونقله مباشرة الى مديرية قوى الأمن الداخلي في بيروت.
من جهة ثانية، واستكمالا لعمليات الرصد التي تجريها مخابرات الجيش اللبناني للخلية الارهابية في وادي خالد، تمكنت من توقيف المطلوب أحمد ع. ح. (لبناني الجنسية) في منطقة مشتى حسن، لارتباطه بالإرهابي محمد الصاطم وسعيه مع آخرين للقيام بأعمال إرهابية.
وكان الصاطم أطلع أحمد على مخطط تنظيم داعش في وادي خالد القاضي بتجنيد مقاتلين وإنشاء مجموعات مسلحة لضرب مراكز الجيش اللبناني في البلدة»، وهو «انضمّ إلى مجموعة جرى تكليفها بجمع المعلومات عن متعاونين مع الأجهزة الأمنية بغية رصدهم وتصفيتهم».
كما أوقفت مخابرات الجيش في الكورة المدعو أحمد س. للاشتباه بانتمائه الى تنظيم إرهابي.