" اللي خلّف ما مات " ولكن في الساحة المسيحية اليوم إنقلبت الصورة والمثل فاصبح " اللي خلّف فعلاً مات " وإنتهى ولم يترك وراءه أيّ أثر , خَلَتْ الديار من الرجال , وغطى الضباب الرؤية السياسية الواضحة , وإمتدت يدُ العبث لتعلب في الساحة المسيحية بعد أن ضاع العقل المسيحي اللبناني , والريح تعبث براياتٍ مزّقتها أهواءٌ , وشهامةٌ إنحنَتْ على أعتاب شهوات السلطة , فضاع الماضي وتبعثر الحاضر وأظلم المستقبل , وأيّ خسارةٍ أعظم من خسارة الوجود الحر .
لا يُختصر الوجود الانساني بالوجود الجسدي فقط , بل لا بد من الوجود المعنوي معه كي يعطيه الدور الفاعل , وكم من موجودٍ لا يراه أحدٌ , فالوجود المسيحي في لبنان الذي يُعلن الجميع أنه ضرورة وطنية أين أصبح ؟ كمكوّن لبناني يُغني التنوع اللبناني المميز في الشرق ,أليس من الضروري أن يكون فاعلا كي يكون له دورٌ في هذا التنوّع و وإلا لا قيمة له لانه يتحول إلى زيادة أرقام في عدد السكان .
صحيح أن الملف اللبناني بأجمعه يتاثر بالاحداث الاقليمية والدولية , ولكن أن لا تستطيع الساحة المسيحية في لبنان أن تأخذ دورها الحقيقي في اللعبة السياسية فهذا أمر داخلي وأسبابه مسيحية مسيحية محض , ويتحمل مسؤولية هذا التردي في الدور المسيحي القيادات المسيحية التي دخلت في لعبة الاخرين , وسلّمت قراراتها إلى الغير . وهذا ما يُفسّر تعثّر المبادرة التي أطلقت بترشيح سليمان فرنجية للرئاسة .
وهل هناك موتٌ أكثر من خلو الساحة المسيحية من الرجال , لذلك إستمر الفراغ في دار الرئاسة المسيحية , وسوف يستمرُ ما دامتْ الساحة المسيحية في لبنان خالية من الرجال , إذهبوا وأبحثوا عن الرجال في ساحتكم ولا تحمّلوا المسؤولية إلى أحد غيركم , ولا تقعوا بما وقع به الاخرون .