بات مؤكداً أن الجلسة الثالثة والثلاثين لانتخاب رئيس للجمهورية بعد غد الأربعاء لن تكون "ثابتة" ولن تشكل نهاية مسار الشغور الطويل، بل رقماً جديداً كمثيلاتها من حيث عدم توافر النصاب، في ظل تعثّر المساعي للتوافق على النائب سليمان فرنجيه رئيساً، ورفض الجهة المعطلة على الدوام هذه التسوية، أي فريق 8 آذار الذي ينتمي اليه، إذ يتركز الرفض لدى تحالف "حزب الله - التيار الوطني الحر".
لكن الرئيس سعد الحريري ماض في مشروع التسوية في ظل استمرار الشغور وعدم تقديم أي من المعترضين مشروعاً بديلاً، أو عرض اسم بديل يكون مقبولاً لدى كل الافرقاء. وقد اتصل الحريري هاتفياً أمس بفرنجيه وتبادلا الآراء في مستجدات الأوضاع السياسية والاتصالات الجارية. وخلص الاتصال الى تأكيد متابعة التشاور والمضي في المسار المشترك لانتخاب رئيس الجمهورية.
وكان الحريري أوفد السبت مدير مكتبه السيد نادر الحريري والنائب السابق غطاس خوري الى بنشعي في رد ضمني على الذين ينعون التسوية أقله لجهة استمرار ركنيها الأساسيين الحريري وفرنجيه في التشاور المباشر بينهما.
وقالت أوساط قيادية في 14 آذار لـ"النهار" أن الفترة الحالية تمثّل منعطفاً للمبادرة الرئاسية التي أطلقها الرئيس الحريري، فإما ان تستمر بأشكال جديدة وهذا يمثل علامة انفراج، وإما ان تتلاشى وهذه ستكون علامة سلبية في ما يتعلق بالمرحلة المقبلة في لبنان. وأعربت مصادر أخرى عن اقتناعها بأن الرئيس الحريري ومعاونيه ماضون في اتصالاتهم مع الأفرقاء السياسيين في الداخل ومع عواصم التأثير في الخارج لإنجاح المبادرة، في حين أن حزب "القوات اللبنانية" ومَن يرون رأيه ماضون في موقفهم، أما الغاية من اتصال رئيس "القوات" سمير جعجع بالحريري فهي الاتفاق على أن الاختلاف في الرأي يجب ألا يؤدي إلى خلاف، وقد تحققت هذه الغاية، وستكون هناك اتصالات مماثلة بينهما في بحر هذا الأسبوع.
وأبلغت مصادر حزب "القوات" "النهار" أن جعجع بادر إلى الاتصال بالرئيس الحريري أول من أمس قرابة الظهر، وناقشا الاستحقاق الرئاسي وكل الخيارات المتعلقة به وسلبيات كل خيار وإيجابياته بطريقة عملية، واتفقا على متابعة الاتصالات.
وعلمت "النهار" ان الرئيس الحريري اتصل أمس أيضاً برئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل.
وقالت مصادر في 14 آذار لـ"النهار" على هامش إحياء الذكرى العاشرة لاستشهاد جبران تويني، التي أعادت تحريك الهواجس من انفراط العقد السيادي، "إن ما يجري في الأيام الأخيرة محاولة لتضييق هامش الخلاف بين هذه القوى ورفع قضيتها الى مستوى أرفع من الخلاف على التفاصيل، لأن الفريق الآخر سيحقق انتصاراً بمجرد زرع الشقاق في ما بينها".
من جهة بنشعي، يمتنع المحيطون بفرنجيه عن التصريحات في انتظار ما سيقوله الخميس في إطلالته عبر برنامج "كلام الناس" في "المؤسسة اللبنانية للإرسال"، لكنهم يشيعون أجواء تفاؤل بمواقف الافرقاء من المبادرة، وأنها ماضية وإن تأخرت.

سلام والحكومة
على صعيد آخر، فهم أن اعتصام رئيس الوزراء تمّام سلام بالصمت لا يعني انه لم يبلغ مرحلة نفاد الصبر، وخصوصاً بعدما دخل التعطيل الحكومي شهره الرابع. وفي حين وصف سلام الأوضاع أمام زواره أمس بأنها غير مريحة، بل ملبّدة، بعدما ظهر ان التسوية الرئاسية قد جمّدت او تعثّرت، قال لـ"النهار" إن لا شيء حتى الآن يدل على أنها توقفت، مشيراً الى ان الرئاسة تحتاج الى التوافق ولا بد من الوصول إليه بين مختلف القوى حتى يصبح الانتخاب ممكناً ومنجزاً. وسئل هل يُعدّ النائب فرنجيه، وهو من فريق ٨ آذار، مرشحاً توافقياً، فأجاب: "عندما يؤيده الرئيس سعد الحريري وهو في قوى ١٤ آذار، فهذا يجعله توافقياً".
وعن إمكان عقد جلسة لمجلس الوزراء قريباً، أكد سلام أنه لن يوجه الدعوة قبل ان تكتمل كل عناصر ملف النفايات، مشيراً الى أنه ليس على استعداد لعقد أي جلسة قبل ان يقفل هذا الملف نهائياً، لأنه لا يمكن التفرّغ لأي أمر آخر أياً تكن أهميته قبل رفع النفايات من الشوارع. وأفاد في هذا السياق ان الحكومة قطعت شوطاً كبيراً وأحرزت تقدماً ملحوظاً في مسألة التصدير، لكنه رفض تحديد مهل قبل ان تكتمل كل العناصر لديه.
أما عن عقد جلسة للبحث في مرسومي النفط، فقال إنه على استعداد لتوجيه الدعوة إذا لمس ان هناك توافقاً على هذا الموضوع، لافتاً الى ان النفايات والنفط ملفان مهمان جداً، وإذا تم التوافق عليهما فهذا إنجاز كبير للحكومة.
ونفى سلام أن يكون متشائماً بالأوضاع، لكنه في الوقت عينه لم يبد تفاؤله، عازياً ذلك الى تلمسه أن كل القوى باتت تدرك أنه لا يمكن الاستمرار في الوضع على ما هو عليه ولأن السلبيات باتت كبيرة جداً ولم يعد في الإمكان الاستمرار فيها.
وعن تحول الحكومة الى تصريف الأعمال بفعل الواقع بعد تعطل جلساتها أربعة أشهر، قال: "قد نذهب الى هناك فعلاً لا واقعاً وأنا سبق لي أن قلت ان الحكومة التي لا تجتمع ولا تنتج، لا حاجة الى بقائها".

 

موفد أميركي
في غضون ذلك، علمت "النهار" ان مساعدة وزير الخارجية الاميركي لشؤون السكان واللاجئين آن ريتشارد وصلت الليلة الماضية الى بيروت تمهيداً لإجراء محادثات مع المسؤولين.

توقيف البقّار
أمنياً، أوقفت القوة الضاربة التابعة لفرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي في طرابلس بلال البقار، المطلوب بمذكرات توقيف قضائية على خلفية أعمال إرهابية وتدبيره التفجيرين الإرهابيين في برج البراجنة الشهر الماضي.