طغت الذكرى العاشرة لاستشهاد النائب رئيس مجلس ادارة " النهار " الشهيد جبران تويني متزامنة مع الذكرى الثامنة لاستشهاد اللواء الشهيد فرنسوا الحاج على المشهد الداخلي امس في غمرة من المواقف والمحطات التعبيرية التي حملتها الذكرى ولامست من خلال سيرة جبران تويني وقسمه ومواقفه الصارخة في مسائل السيادة والاستقلال والحريات الكثير من تداعيات الحاضر السياسي والوطني الذي يعيشه لبنان . واذ غلبت على هذه المحطات مسحة أسى واضحة وشديدة الوطأة لجهة المآل الذي آلت اليه التراجعات التي تشهدها حال قوى ١٤ آذار والواقع السيادي خصوصا فان ذلك لم يحجب في المقابل استمرار التفاعلات التي أثارتها تطورات مشروع التسوية الرئاسية ومصيرها بعدما عكست الايام الاخيرة تراجعا واسعا في زخم هذه التسوية وعودة للانزلاق الى متاهات الفراغ الرئاسي والمؤسساتي على ما تنذر الملامح الواضحة للمأزق . واذ بدا ثابتا ان مجمل التحركات السياسية الكثيفة التي شهدها الاسبوع الماضي والتي أفضت الى نتائج سلبية لجهة حصيلة عملية جس نبض الجهتين الأساسيتين المعنيتين في قوى ٨ آذار بترشيح رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية وهما "التيار الوطني الحر" و" حزب الله " واللذين ابلغا فرنجية موقفين متماثلين من استمرار ترشح العماد ميشال عون ودعم هذا الترشيح كأولوية مستمرة بدأت التساؤلات تتركز عما اذا كانت صفحة ترشيح فرنجية قد طويت تماما ام انها ستبقى معلقة وقابلة للتفاوض بشروط مختلفة عن مرحلة ولادة اتفاق فرنجية مع الرئيس سعد الحريري على ترشيح الاول . وتاليا واستتباعا للسؤال الاول ثمة تساؤلات اوسع طرحت على نطاق واسع وتتعلق بما اذا كان ممكنا في حال اعتبار ترشيح فرنجية قد بلغ طريقا مسدودة في اللحظة الحالية الذهاب الى خيارات جديدة انطلاقا من مبدأ عدم جواز ان يكون استمرار الفراغ الرئاسي البديل الوحيد من محاولة اختراق الازمة الرئاسية .
والواقع ان ثمة من رأى في الزيارة التي قام بها امس مدير مكتب الرئيس سعد الحريري السيد نادر الحريري والنائب غطاس خوري للنائب فرنجية في بنشعي ردا ضمنيا على الذين ينعون التسوية اقله لجهة استمرار ركنيها الاساسيين الحريري وفرنجية في التشاور المباشر بينهما امتدادا للقاء الذي جمعهما في باريس قبل أسابيع . ومع ان نتائج زيارة موفدي الرئيس الحريري الى فرنجية احيطت بكتمان فان ما رشح عنه افاد ان اللقاء كان تقويميا لنتائج التحركات واللقاءات والاتصالات التي قام بها كل من الحريري وفرنجية مع حلفاء كل منهما وما آلت اليه صورة التسوية الرئاسية التي طرحت عقب لقاء باريس بينهما . اذ ان فرنجية اطلع موفدي الحريري على نتائج لقائيه العماد ميشال عون والامين العام ل" حزب الله " السيد حسن نصرالله ، فيما نقل اليه الموفدان نتائج اتصالات الحريري وما يعتزم القيام به من خطوات مقبلة .
وفي غضون ذلك اعتبرت مصادر مواكبة للتحركات السياسية ان موقف " حزب الله " من ترشيح فرنجية ، اذا ثبتت سلبيته ، يعني ان لا رغبة لدى الحزب في استعجال توظيف هذا الترشيح وانه وان كان ابلغ فرنجية تحفظا ناعما عن ترشيحه ومضيه في دعم ترشيح العماد عون فانه بذلك يترك بين يديه ووفق التوقيت الذي يلائمه ورقتي الترشحين لحليفيه متجنبا بت الموضوع بتا حاسما في هذه اللحظة الداخلية والاقليمية . ولذلك تعتقد الاوساط نفسها ان ثمة ابعادا اقليمية تتحكم بوقف الحزب اكثر منها عوامل داخلية وان الخشية هنا من ان تكون ايران تحديدا لا تريد انتخابات رئاسية لبنانية في الظرف الحالي مما يعني التمديد الطويل المحتمل لأزمة الفراغ . اذ يبدو الرهان على توافق مسيحي يأتي ببديل رئاسي ضربا من المغامرة المحفوفة بمزيد من خسائر على المسيحيين علما ايا من الجهات المعنية لا يعيش اوهام التوصل الى توافق كهذا فان المفارقة التي تؤكدها الاوساط تتمثل بكشفها ان جهات ديبلوماسية غربية تضغط بقوة على الافرقاء المسيحيين للتوافق على بديل بسرعة او السير بخيار فرنجية مع ايجاد مخرج للرافضين لهذا الخيار الاخير . ولذا تبدي الاوساط تشاؤما حيال الانسداد الذي قد يحكم المناخ المقبل مجددا مع كل ما يعنيه من ارتفاع كلفة الواقع المتأزم والذي تأتت عنه تداعيات سلبية داخل تحالف ١٤ آذار ولو ان تحالف ٨ آذار أصيب بدوره بأضرار كبيرة ولكنه بات يقيم على رهان آخر هو امتلاكه " مشروعية " المرشحين اللذين ينتسبان اليه .