يمثّل تراجّع سعر برميل النفط عالمياً القناع الذي تتخفّى وراءه الحرب الاقتصادية في المنطقة، لكن مفاعيل هذه الحرب ايجابية على اسعار المحروقات في لبنان، اذ لا شيء يمنع ان يصل سعر صفيحة البنزين الى 15 ألف ليرة؟للمرة الأولى منذ كانون الأول 2008، سجلت العقود الآجلة لخام برنت امس تراجعاً الى 39 دولارا للبرميل، كما واصلت عقود الخام الأميركي خسائرها لتنزل إلى 36.12 دولارا في أدنى مستوى لها منذ شباط 2009. هذا التراجع في اسعار النفط جاء بعد تحذيرات وكالة الطاقة الدولية من استمرار تفاقم تخمة المعروض العالمي حتى نهاية 2016 على الأقل في ظل تباطؤ نمو الطلب وزيادة إنتاج أوبك.
إزاء ذلك، ما تأثير هذا التراجع على اسعار المشتقات النفطية في لبنان؟ وما التوقعات في المسار الانحداري لأسعار المحروقات؟ أكد رئيس مجموعة محطات البراكس جورج البراكس ان وصول اسعار النفط الى ما بين 35 و40 دولاراً كان متوقعاً. ويأتي تسجيل سعر برميل النفط 39 دولاراً ضمن التوقعات السابقة التي تفيد بأن الاسواق ستسير في منحى انحداري، خصوصاً بعدما كانت الانظار متجهة نحو اجتماع اوبك الذي انعقد في 4 كانون الاول الماضي لمعرفة ما اذا كان هناك توجه لخفض الانتاج، ما من شأنه أن يحدّ من تراجع اسعارالنفط. إلا أن اجتماع اوبك افضى الى الاستمرار بالسياسة النفطية المتبعة والتي تقضي بعدم خفض الانتاج وذلك بهدف المحافظة على الاسواق التقليدية، بما أدّى الى مزيد من التراجع في اسعار النفط العالمية. أضاف: كل المعلومات والتحليلات تفيد بأنه بعد رفع العقوبات عن ايران بعد الاتفاق النووي بدءاً من الفصل الاول من العام 2016، ستضخ ايران في الاسواق كميات اضافية من النفط والمقدّرة بنحو 600 الف برميل يومياً.
أما السعودية ورغم كل المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها، ورغم العجز في ميزانيتها والذي وصل الى نحو 80 مليار دولار، ورغم انها تستعين بصندوق النقد الاحتياطي لديها لسد مصاريفها، فقد قررت الابقاء على حجم انتاجها من النفط في السوق، وذلك للمحافظة على حصتها في الاسواق الاسيوية. تابع: ان كل هذه المؤشرات مجتمعة تؤكد أن معروض النفط في الاسواق العالمية أكثر من الطلب، وتالياً ستواصل هذه الاسعار تراجعها، على المدى المنظور. وبنتيجة هذه التراجعات، أكد البراكس ان أسعار المشتقات النفطية في لبنان ستواصل تراجعها في الاسابيع المقبلة لتلامس صفيحة البنزين الـ20 الف ليرة.
وتوقع ان يتراجع سعر صفيحة البنزين الاسبوع المقبل 200 ليرة، وسعر صفيحة المازوت 400 ليرة، على ان يستمر هذا التراجع في المرحلة المقبلة، شرط الا تتدخل الدولة وتفرض ضرائب على الصفيحة كما حصل عام 2014 وفرضت ضريبة مقدارها 500 ليرة. ورداً على سؤال، اوضح البراكس انه لا يمكن تحديد الحد الادنى لتراجُع أسعار البنزين لأن الضرائب المفروضة على الصحيفة نسبية، كلما تراجع سعر الصفيحة تراجعت معها نسبة الضريبة.
وعمّا اذا كان من الممكن ان يصل سعر صفيحة البنزين الى 15 الفاً، قال: لما لا، كل شيء ممكن، ومن غير المستبعد ان يصل سعر الصفيحة الى 15 الفاً في حال وصل سعر برميل النفط الى 30 دولاراً وما دون وذلك بدءاً من العام المقبل، اي بعدما ستبدأ ايران بضخ نفطها في السوق، ومع احتدام المنافسة الجيوسياسية في المنطقة. كما لا بد من الاخذ في الاعتبار الموقف الروسي كدولة كبيرة ومنتجة للنفط، خصوصاً وأن جزءاً من مواقفها وتدخلها في المنطقة يأتي رداً على الحرب الاقتصادية التي شنتها دول الخليج على الاقتصاد الروسي والإيراني. واستنادا الى الفاتورة النفطية، يتبين ان ايرادات روسيا من النفط في العام 2014 تراجعت أكثر من 100 مليار دولار، كذلك تراجعت ايرادات ايران بين 70 و 75 مليار دولار. ولا شك ان هذا التراجع زاد بنحو 15 في المئة عام 2015.
لبنان 24