السخونة السياسية التي شهدتها البلاد خلال الاسبوعين الماضيين، على خلفية التسوية الرئاسية واجتماع سعد الحريري وسليمان فرنجية في باريس، بدأت تتراجع، عبر تبريد للاجواء السياسية، وتهدئة قد تستمر الى ما بعد الاعياد. وبالتالي، فإن التسوية «رحلت» الى عام 2016، لكنها لم تسقط في ظل عدم وجود بدائل لها، كما تؤكد اوساط تيار المستقبل وفرنجية.
لكن مستجدات الايام الماضية قد تبدل التحالفات جذريا وتزيد الانقسامات. وفي مقابل التواصل بين الحريري وجنبلاط وفرنجية لتعزيز التسوية الرئاسية، فإن لجنة النيات بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، والمؤلفة من النائب ابراهيم كنعان والمستشار الاعلامي للدكتور جعجع ملحم رياشي، تكثف اجتماعاتها من اجل ترتيب لقاء بين الجنرال و«الحكيم»، لطرح البدائل عن تسوية باريس. واشار النائب القواتي فادي كرم عبر تويتر الى ان العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع يناقشان البدائل، ولقاؤهما قد يتم في اي لحظة.
وفي ظل هذه الاجواء، فإن التحالفات ما قبل تسوية باريس هي غيرها ما بعد لقاء الحريري وفرنجية.
فالتوتر بين العماد عون والنائب سليمان فرنجية بعد فشل اللقاء الاخير بينهما، انعكس على جمهور الفريقين، عبر حرب عنيفة على مواقع التواصل الاجتماعي. وتضمنت «تعابير» قاسية وفاجأت مسؤولي الطرفين. كما ان الاتصالات التي اجرتها قيادة حزب الله والرئيس بري لتخفيف اجواء التوتر، لم تنجح كليا والامور بحاجة الى مزيد من الجهد.
كما ان اوساط المردة انتقدت عدم الالتزام بما اتفق عليه في لقاء الأقطاب الموارنة الأربعة في بكركي بتأييد الاقطاب الاربعة اي مرشح منهم لرئاسة الجمهورية يتم اختياره. وهذا التراجع يعبر عن عدم المصداقية عند البعض.
وفي مقلب الصورة، فان اجواء التوتر امتدت ايضاً لتصيب الحلف بين المستقبل والقوات اللبنانية بتصدع كبير، رغم تأكيد مسؤولي الطرفين على ان الاتصالات مستمرة وبشعرة معاوية لم تنقطع. لكن احاديث مسؤولي الطرفين في الصالونات السياسية تحمل انتقادات عنيفة متبادلة، ووصلت الى المواقع الاعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي ايضا، وحملت ردودا مختلفة ادت الى تصدع التحالف. وقد عقدت قوى 14 آذار اجتماعا في بيت الوسط برئاسة فؤاد السنيورة، وغاب ممثل القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، النائب جورج عدوان الذي اعتذر في اللحظة الاخيرة.
وعلم ان المجتمعين تناقشوا في التسوية الرئاسية، وكان الرأي متفقا على انجاحها وتذليل العقبات امامها. وكشف النائب جورج عدوان عن خلاف مع المستقبل آملاً في أن لا يصل الى خلاف حول موضوع التسوية الرئاسية.

ـ لقاء نصرالله - فرنجية ـ

ما نشرته «الديار» امس الاول عن لقاء جمع الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله والنائب سليمان فرنجية، تطرقت اليه الوسائل الاعلامية.
واشارت المعلومات الى ان اللقاء كان صريحا ووديا، في ظل العلاقة التي تربط السيد بالنائب سليمان فرنجية، فيما اكد نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم ان حزب الله يملك الجرأة الكافية لكي يبدي موقفا صريحا في كل اللحظات.
وفي المعلومات، ان مرشح 8 آذار ما زال العماد ميشال عون، وحزب الله معه في السراء والضراء وحريص كل الحرص على النائب سليمان فرنجية وثوابته المطروحة. لكن المرحلة دقيقة والتسوية لم تظهر، ولم يعلن الحريري الترشيح رسميا، وهناك شكوك كبيرة لدى فريق 8 آذار في نواب الحريري والتسوية المطروحة. وبالتالي نصحوا فرنجية منذ اليوم الاول بعدم السير فيها، لانها ليست جدية وهدفها تفتيت حلف 8 آذار.

ـ اوساط المستقبل وجنبلاط ـ

وفي المقابل، فإن اوساط الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط تؤكدان ان التسوية لم تسقط، وهما جديان في ترشيح سليمان فرنجية وانه سيتم تفعيل المبادرة بعد الاعياد وبزخم دولي، وان هدنة الاعياد ستكون متنفسا للجميع لإعادة ترتيب مواقفهم.
واشارت الاوساط الى ان الاتصالات مفتوحة بين بري والحريري وجنبلاط، وترشيح فرنجية ما زال قائما. كما ان اتصالات الحريري وجنبلاط لا تهدأ مع السفراء العرب والاجانب، وتحديدا السفيرين المصري والسعودي، ومع سفراء فرنسا وروسيا وواشنطن. ومن جهة اخرى، فإن فرنجية يواصل اتصالاته الشخصية، وكذلك يرسل الموفدين الى مختلف القوى، وتحديدا المسيحية المعارضة لفرنجية وخارج الاطار العوني والقواتي، خصوصا ان النواب المسيحيين المستقلين لم يرفضوا التسوية مطلقا، وان التسوية ستنطلق فور توفير ظروف نجاحها.

ـ اطمئنان الرابية ـ

اما الرابية، فقد استعادت هدوءها النسبي امس وتراجعت زحمة الزوار الموفدين، بعد ان نجح العماد عون في تجميد التسوية وحتى افشالها، مستفيدا من دعم حزب الله و8 آذار، وبالتالي ارتاحت «الماكنات» العونية بعد ابلاغ الجنرال النائب فرنجية رفضه للتسوية مهما كلف الامر.
ورغم الهدوء في الرابية، فإن حرب مواقع التواصل الاجتماعي بين المرده والتيار الوطني تواصلت ولم تتراجع، رغم تدخل الحلفاء، لكن المسافة باتت متباعدة جدا بين المردة والتيار الوطني.
وقالت اوساط سياسية مطلعة ان الحراك الرئاسي، وتحديدا ما يخص ترشيح النائب سليمان فرنجية، يتجه الى التهدئة واعطاء فرصة للجميع حتى مطلع العام الجديد، بعد حال التصعيد التي شهدتها الساحة منذ الاعلان عن مبادرة سعد الحريري. واعتبرت ان الاتصالات في خلال هذه المرحلة ستركز على اعطاء التطمينات والضمانات كل فريق للاخر، في ظل ما ظهر من مواقف اعتراضية على الترشيح، ومطالبة الاطراف المسيحية في قوى 14 آذار بالحصول على ضمانات، في ما خص السياسات الخارجية للرئيس المقبل ومطالبة قوى 8 آذار باقرار «سلة كاملة» للدخول في بحث الملف الرئاسي.
كما لاحظت الاوساط ان المؤشرات لا تفيد بنضوج الوضع الاقليمي لانتخاب رئىس الجمهورية، وتحديدا على مستوى الغطاء الايراني للانتخابات، ولذلك فالامور تحتاج الى بعض الوقت قبل الجزم بنضوج التسوية او العكس.
واستبعدت اوساط مسيحية ان يكتمل نصاب اجتماع الاقطاب الموارنة الاربعة، في حال دعا البطريرك الماروني بشاره بطرس الراعي هؤلاء الاقطاب للاجتماع في بكركي الاسبوع المقبل، خصوصا في ظل فرز المواقف من الملف الرئاسي وترشح النائب فرنجية. وقالت حتى لو حضر كل الاقطاب، فمن الصعب ان يخرج هؤلاء بمقاربة مشتركة حول ترشيح احدهم للرئاسة، بما في ذلك دعم ترشيح فرنجية.