تقفل نهاية الاسبوع السياسي على صورة تداعيات الارباك الواسع الذي تتخبط فيه القوى الداخلية، جراء خلط الاوراق الذي أحدثه مشروع التسوية الرئاسية والذي أصيب بدوره بجمود بات من الصعوبة توقع أي خرق له في ما تبقى من السنة الجارية الا اذا طرأت عوامل مفاجئة غير محسوبة. لكن الجمود الذي اكتنف ظاهرا التحركات الداخلية في الايام الاخيرة، لم يحجب تطورا ديبلوماسيا يكتسب دلالة لافتة ويتمثل في اندفاع بعض الخارج نحو توظيف المناخ السياسي الذي أثاره مشروع التسوية وترشيح رئيس "تيار المردة" النائب سليمان فرنجيه في اتجاه منع تفويت الفرصة لانتخاب رئيس للجمهورية، وهو عامل بدأ يلعب دورا محوريا آخر في حركة الاتصالات واللقاءات الجارية بعيدا من الاضواء. وفي هذا السياق، علمت "النهار" امس ان السفارة الاميركية في عوكر تولت دعوة ممثلين للافرقاء المسيحيين وعدد من السياسيين المسيحيين المستقلين الى غداء في خطوة رمت من خلالها الى الاطلاع على رؤى هؤلاء الافرقاء في شأن التسوية الرئاسية وترشيح فرنجيه لرئاسة الجمهورية. وفي المعلومات ان الجانب الاميركي شدد امام السياسيين المدعوين على حتمية الذهاب الى انتخاب رئيس للجمهورية وفقا لما دأب القائم بالاعمال الاميركي السفير ريتشارد جونز على تكراره في جولته على القيادات السياسية ولا سيما منها الزعماء المسيحيين اخيرا، إما بالتوافق على التسوية المطروحة وإما بتقديم بديل عبر التوافق على ترشيح شخصية مارونية أخرى. كما شدد الجانب الاميركي على ضرورة تجنب استمرار الفراغ الرئاسي بأي ثمن.
وعلمت "النهار" من مصادر وزارية أن هناك تحركا لموفد أميركي الاسبوع المقبل في اتجاه لبنان، إما لإنعاش التسوية الرئاسية، وإما للبحث في بديل من ترشيح النائب فرنجيه، علما أن الخارجية الاميركية ليست مستعدة للتدخل مباشرة في هذا الملف قبل الحصول على ضمانات ليست متوافرة في الوقت الحاضر. وأوضحت المصادر أن هذا التحرك يأتي بعدما تبيّن ان الامور لا تمضي كما يجب، فيما يصرّ المجتمع الدولي على انتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان في أقرب وقت ممكن خشية ألا تكون هناك فرصة أخرى قبل مرور سنة والى ما بعد إنجاز تسوية تتعلق بالنظام السوري. في حين أن أصدقاء لبنان على المستوى الدولي يرغبون في أن تتحقق التسوية الرئاسية في لبنان قبل التسوية السياسية المعقدة في سوريا.
الفاتيكان
ولا يقتصر الدفع الخارجي لانتخاب رئيس للجمهورية في أقرب وقت على التحرك الاميركي، اذ ان الفاتيكان يدفع بدوره في هذا الاتجاه. وقد شكل الاستحقاق الرئاسي محورا أساسيا في لقاء وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق امس ووزير خارجية الفاتيكان المونسنيور بول ريشار غالاغير على هامش مؤتمر "حوارات المتوسط" في روما، حيث تناولا دور الفاتيكان في مساعدة اللبنانيين في المرحلة الدقيقة التي يمر فيها لبنان وخصوصا على صعيد الاستحقاق الرئاسي. واعتبر وزير خارجية الفاتيكان ان هناك ضرورة قصوى لانتخاب رئيس للجمهورية مؤكدا ان هذا الموضوع يأتي في أولويات اهتمام البابا فرنسيس.
في غضون ذلك، أكدت أوساط سياسية مطلعة انعقاد لقاء للامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله والنائب فرنجيه ليل الخميس الماضي، علما ان اللقاء جاء بعد يومين من لقاء الرابية لفرنجيه والعماد ميشال عون. وقالت هذه الاوساط إن لقاء نصرالله وفرنجيه لم يكن ايجابيا لجهة ترشيح الاخير الامر الذي يعكس استمرار الحزب في موقفه الحذر على أقل تقدير من التسوية المطروحة.
ويشار في هذا السياق الى ان وزير العمل سجعان قزي قال عقب لقائه امس رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، ان طرح الرئيس سعد الحريري لترشيح فرنجيه "تعثر حاليا وننتظر الفرج في السنة المقبلة". وفي المقابل حذر وزير الصحة وائل ابو فاعور من "استساغة سقوط التسوية لان في ذلك مخاطرة باستقرار لبنان الدستوري والسياسي وربما الامني".
الى ذلك، بدا امس ان تحريك ملف التنقيب عن النفط اتخذ بعدا جديدا في ظل الاجتماع الذي عقد في السرايا برئاسة رئيس الوزراء تمّام سلام غداة اجتماع مماثل عقد في عين التينة برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري للمعنيين بالملف لمناقشة البرنامج الذي أعدته هيئة قطاع البترول. وإذ شدد اللقاءان على عدم وجود خلافات سواء في مجلس النواب او مجلس الوزراء على موضوع تحريك ملف النفط، بدا ان هناك قرارا سياسيا يرمي الى تحريك هذا الملف. وعلمت "النهار" ان الرئيس بري سيطرح الملف على طاولة الحوار في جولته المقبلة التي أرجئت من الاثنين المقبل الى 21 كانون الاول الجاري بسبب وفاة شقيقة رئيس المجلس.
أما في شأن ملف أزمة النفايات، فعلم ان الرئيس سلام يتجه الى دعوة مجلس الوزراء الى جلسة الاسبوع المقبل بعدما أطلعه وزير الزراعة أكرم شهيب على تقدم في المفاوضات مع شركتين ستتوليان تصدير النفايات الى الخارج وينتظر انجاز النقاط العالقة اليوم.
خطف هنيبعل القذافي
على صعيد أمني، خطفت مجموعة مسلحة مساء امس في بيروت هنيبعل القذافي نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي خلال وجوده في لبنان في حادث شديد الالتباس انتهى بتسليمه الى شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي. وعلم ان الخاطفين نقلوا القذافي بعد خطفه الى منطقة البقاع الشمالي ثم افرجوا عنه ليلا على طريق بعلبك – حمص الدولية في محلة الجمالية حيث تسلمته دورية لفرع المعلومات في المنطقة من وسطاء وعملت على نقله الى بيروت. وعزت معلومات عملية الخطف الى محاولة معرفة معلومات عن الامام موسى الصدر وقت نفت لجنة متابعة قضية الصدر اي علاقة لها بحادث الخطف.