ازدادت صورة الغموض التي تغلف مشروع التسوية الرئاسية غداة لقاء رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب العماد ميشال عون ورئيس "تيار المردة" النائب سليمان فرنجيه وسط اشتداد التناقض في المعطيات المتصلة بأفق التحركات السياسية الناشطة في الكواليس في شأن المضي في تعويم التسوية الآيلة الى ترشيح فرنجيه لرئاسة الجمهورية. واذ بدا أن أي تطور جديد بارز من شأنه ان يوضح الخط البياني الذي ستسلكه التحركات السياسية بات مستبعداً في وقت قريب بما يعني ان جلسة 16 كانون الأول لانتخاب رئيس للجمهورية لن تكون عرضة لأي مفاجأة، كشفت أوساط سياسية معنية بتحركات بعض القوى المؤيدة للتسوية الرئاسية لـ"النهار" ان محركات الدفع بهذه التسوية قدماً لم تتوقف خلافاً للظاهر من الأمور وان المبادرة التي أطلقت من أجل انتخاب رئيس للجمهورية لم تمت لأن الأوضاع بعد اطلاق هذه المبادرة لن تعود الى ما كانت قبلها ولا بد من ايجاد حل لانتخاب الرئيس مهما تعقدت المواقف الداخلية على خلفية هذه المبادرة.
وأشارت الأوساط نفسها الى أن المبادرة تسببت باحراجات واسعة حقيقية لدى أفرقاء كثيرين في تحالفي 14 آذار و 8 آذار ولكن بعد مرور الموجة الأولى من ردود الفعل عليها لا بد من بلورة الاتجاهات الواضحة حيالها أو البدائل الممكنة منها لأن الاكتفاء برفضها من دون بدائل يعني خلاصة واحدة لم تعد مقبولة خارجياً وداخلياً وهي استمرار الفراغ الرئاسي والمؤسساتي مع كل ما سيرتبه ذلك من تداعيات خطيرة على البلاد في المرحلة المقبلة. وتحدثت عن أجواء أخذ وعطاء ومشاورات تجري لاستكمال الحوار الذي انطلق بين العماد عون والنائب فرنجيه قبل يومين، كما أن لقاء سيضمّ فرنجيه والأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله (جاءت بعض المعلومات انه قد يكون عقد سراً في الساعات الأخيرة) وان هذه التحركات تبيّن أن التسوية تتحرك ولو ببطء وحذر وانها مفتوحة على مشاريع تفاهمات سياسية واسعة. وتوقف المراقبون امس عند بيان "كتلة الوفاء للمقاومة" بعد اجتماعها الأسبوعي إذ تناولت للمرة الأولى موضوع التسوية المطروحة من غير أن تسميها، فاعتبرت ان "الجهود والمساعي لانجاز الاستحقاق الرئاسي ينبغي ان تستمر بما يكفل توفير المناخات الصحيحة لتحريك عجلة الحياة الطبيعية في البلاد".
كما ترك تسلّم رئيس مجلس النواب نبيه بري دعوة من رئيس مجلس الشورى السعودي عبدالله بن محمد بن ابرهيم آل الشيخ لزيارة المملكة العربية السعودية والتي نقلها إليه أمس السفير السعودي علي عواض عسيري انطباعات عن امكان ارتباط هذه الدعوة بالتحركات الجارية خارجياً وداخلياً في شأن التسوية الرئاسية. لكن المعلومات المتوافرة لدى "النهار" في هذا الصدد تفيد ان بري لن يلبي الدعوة في القريب العاجل، من غير أن يعني ذلك ان رئيس المجلس لن يزور الرياض في المستقبل.

ضغوط السفراء
لكن أوساطاً قريبة من أفرقاء متحفظين عن التسوية أبلغت "النهار" أن فرصة النائب فرنجيه في الوصول الى رئاسة الجمهورية وان تكن لم تنته بعد لكنها فقدت الآن غالبية زخمها والدليل هو أن لا تطور إيجابياً سجل حتى الآن لمصلحتها بل على العكس فقد حصلت تطورات سلبية أبرزها تخلّي الرئيس بري عن دعم فرنجيه مباشرة محيلاً الأمر على تفاهم العماد عون مع فرنجيه. ثم ان عدداً من السفراء الذين نشطوا أمس على خط الاستحقاق الرئاسي ركّزوا في محادثاتهم على اغتنام الفرصة المتاحة الآن لإنجاز الاستحقاق وأنهم مهتمون بمعرفة إسم البديل إذا لم يكن فرنجيه هو المقبول عند عدد من المرجعيات المسيحية. كما ان نتائج مؤتمر المعارضة السورية في الرياض تعني أن الرياح تجري بما لا يتناسب مع التقارب السعودي - الايراني. وأكدت ان لا شيء متوقعاً رئاسياً قبل فترة الأعياد، كما ان لقاء رباعياً لأقطاب الموارنة في بكركي ليس ناضجاً بعد. وربما كانت هناك لقاءات ثنائية في المرحلة المقبلة.
وفيما مضى القائم بأعمال السفارة الأميركية ريتشارد جونز في حض القوى اللبنانية على اختيار الرئيس وانتخابه "لأن الوقت الآن هو التوقيت المناسب للاختيار"، قال السفير البريطاني هيوغو شورتر رداً على سؤال لـ"النهار": "ان لبنان واللبنانيين يحتاجون الى رئيس للجمهورية للمضي قدماً بالبلاد. ان انتخاب رئيس للجمهورية قرار يعود الى اللبنانيين".

 

14 آذار
في غضون ذلك، عقد اجتماع قيادي لقوى 14 آذار اتفق خلاله على استمرار التنسيق والتشاور واللقاءات على رغم الاختلافات في وجهات النظر في شأن الملف الرئاسي.
وعلمت "النهار" أن نائب رئيس حزب "القوات اللبنانية" النائب جورج عدوان لم يشارك في اللقاء القيادي، ولدى سؤاله عن السبب أوضح أن تبديلاً طرأ على الموعد الذي كان متفقاً عليه قبل ساعات من اللقاء، وأنه كان مرتبطاً بموعد آخر مهمّ ولا يعود غيابه إلى موقف سياسي إطلاقاً، واللقاءات القيادية في قوى 14 آذار ستستمر وستواظب "القوات" على عرض مواقفها خلالها بكل وضوح.

الخيمة المزمنة
في سياق آخر، قرر أهالي اللبنانيين المعتقلين في السجون السورية أمس إزالة خيمة الاعتصام الذي يعتبر الأطول في تاريخ الاعتصامات اللبنانية والذي جسّدته خيمة الأهالي والأمهات في ساحة رياض الصلح منذ 11 سنة تخللتها سلسلة طويلة من التحركات والنشاطات والمؤتمرات للمطالبة بحق الأهالي في معرفة مصير أولادهم وأقربائهم. وأكد الأهالي انهم سينتقلون الى مرحلة جديدة من تحركهم من أجل استمرار الضغط لكشف مصير أبنائهم.