لا تزال كرة التسوية بإنتظار من يعيد الإمساك بها بعدما ضيعتها عناوين المصالح السياسية الضيقة التي تطبع الحياة السياسية في لبنان، وباتت عناوين التسوية المطروحة في بازار المطالب الفئوية والحزبية الضيقة على قاعدة "أنا أو لا أحد"
وبعد أسابيع أن انطلاق المبادرة التي اطلقها الرئيس الحريري لم يستطع لبنان لمّ الشمل حول هذه المبادرة لإعتبارات ليس لها علاقة بمصلحة الوطن والدولة بقدر ما هي اعتبارات شخصية ومصلحية إذ لم يعد يهم الزعيم أو الحزب إلا مصالحهم الخاصة، وبالتالي تأتي المصلحة الوطنية العليا في آخر الإهتمامات، وهذه هي الحال عند زعيم الرابية العماد ميشال عون الذي لا يزال يمسك مع حليفه حزب الله بزمام التعطيل والمماطلة على قاعدة "عون أو لا أحد" دون أي اعتبار أو احترام للفرصة التاريخية المتاحة بإنقاذ البلاد والعباد من لعنة الفراغ والتعطيل، وكأن هناك فئات من اللبنانيين لا يمكنها أن تنمو أو تعيش إلا في ظل الفوضى والفراغ، ولعل هذه هي الأسباب التي يلجأ إليها عون وحليفه حزب الله بالرغم من أن المبادرة الرئاسية تقوم على الحليف الثالث وهو سليمان فرنجية وعلى قاعدة لا غالب ولا مغلوب .
إن هذه المماطلة والتسويف تؤكد استمرار الحليفين حزب الله وعون في سياسة التعطيل وقد باتت الإتجاهات واضحة بين مسار بناء الدولة وإعادة تكوينها، وبين انهيار الدولة والإصرار على الفراغ وهو بالتالي ما يتحمل مسؤوليته بالدرجة الأولى عون وحزب الله الأمر الذي سيؤدي الى استمرار الفراغ والفوضى وسط هذا الإصرار غير المبرر على مقولة عون أو لا أحد .