في حين تشتدّ حملات الدفاع عن #حقوق_المرأة ويكثر المغالون من جمعيات ومنتفعين لا بدّ من التذكير أن تغيير النفوس هو صُلب هذا النضال. التغيير لا يقتصر على القانون وحده بل على ممارساتنا اليومية واختيارنا لتعابيرنا، كما في نظرتنا إلى المرأة كإنسانة خارج النمطيّة التي نحاصرها بها في المطبخ والسرير. والحال أن المشهد الذي مرّ على شاشة MTV في برنامج "Celebrity Duets" الأحد الفائت لم يكن عابراً. ففي الوقت الذي أطلّ فيه المغنّي نادر الأتات الى جانب المشترك الشيف أنطوان الحاج، حيث تشارك الاثنان أداء أغنية "بوّست تيابك"، ظهرت بعض التفاصيل النافرة.
الفنّ للإنسان لا للذكر ولا للأنثى. الثقافة الموسيقية في المطبخ غنّى الأتات على سجيّته ولم يجارِ الشيف أنطوان في أدائه الذي اقتصر على ترداد الكلام، فأتى التفاوت واضحاً ومستفزاً أمام "البلاي باك". غير أن كلمات الأغنية - التي لاقت رواجاً قبل فترة - كانت بدورها مستفزّة اذ إنها تحمل "الإعدام" شرطاً وكأن عنف المرحلة لا يكفينا. ثم إن الشيف أنطوان ترك لنفسه مساحة للتعبير فزاد كلمات انتقاها الى الأغنية "حتى تضلي شبعانة، لاطبخلك من ايدي...". تمّ التأكيد على أن "الديو مستوحى من #المطبخ_اللبناني وان الشيف اضاف نكهته الحلوة والخاصة إليه"، لكن شطحة غرور دفعت الشيف الى اعتبار ان "كل الشيفية (الطهاة) في الدول العربية والعالم الذين تخرّج بعضهم من تحت يديه" يحملون شعار عدم التفريط في فنّ الطبخ لمصلحة الغناء.
لكن الحال أن فنّ الطبخ الذي يتقنه #الشيف_أنطوان يتقدّم بأشواط على فنّ الغناء الذي يتدهور حاله من كلام ولحن ومغنى. ثم وجد الحاج انه "لكل ست بيت ما بتحبّ الطبخ علينا أن ندخل لها الموسيقى الى مطبخها". ربما هي الصورة النمطيّة التي تحدّ المرأة بدور تؤديه في المطبخ، إذ لا يمكنها الخروج من هذا الأخير للتزوّد بالثقافة الموسيقية. برأي الأتات أن الشيف "استشعر" في الأغنية، كيف له أن لا يرى في ذلك شعراً وهو الذي يواظب على اختيار أشباه الأشعار في أغانيه؟ "بتعرف شو يعني زكِرت؟" بعض المصطلحات الذي استُخدم في سياق التقويم يثير الشفقة. "ماشي حد النغمة متل الكميون"، قال عضو لجنة التحكيم في البرنامج #أسامة_الرحباني. وأضاف "إنت واللحن "جوكستابوزيه"، تخيّل ناس عم تطبخ متل ما عم تغني انت!"، ربما هو التوصيف الأبرز الذي أعطاه أسامة لأن الفنّ بات في أيامنا "طبخة بحص". لكن الكلمات الذكورية لم تقف عند هذا الحد.
ففي الإطلالة الثانية للأتات، الى جانب المشترك المصري إدوارد، أصرّ المغنّي على تذكيرنا بكلمات أغنية "نادر" التي اختارها للمناسبة... "رح إبقى خيّالها"، و"أنا رجّال زْكِرت معدّل"، و"عيوني بتدبح"، و"بسلّمها سلاحي"... السلاح والخيل والحب والفحولة كلّها معاني لا تكتمل إلاّ إذا التقت في أغنية واحدة مع الخوف ان يكون الاتات يطبق هذه الذكورية في حياته الشخصية. تماماً مثل الثقافة الموسيقية والمطبخ لدى #المرأة. إليه أدّى المشترك إدوارد بعض الحركات الخارجة عن سياق الذوق العام فيما أوحى لنا انه يرقص مع فرقة الدبكة التي دخلت المسرح. إضافة الشاربين المفتولين على وجه إدوارد كان ضرورياً لاكتمال المشهد. لكن كلمة "زْكِرت" لم تمرّ لدى عضو لجنة التحكيم الإعلامية #منى_أبو_حمزة فسألت إدوارد المصري إن كان فهم معناها، وشَرحَت "يعني جدع مقطّع موصّل". علّه تصويب مبطّن من الإعلامية لسياق الأغنية الهابط أو شرح يؤكد أن من يفهمها هم الرجال الذين يخلطون بين ما يُفترض أنه فنّ وبين الذكوريّة المتأصلة في عقولهم.
النهار