نتحيّر كلبنانيين إن كان الهدف من زيارة البطريرك الراعي إلى طرطوس ، هو تنصيب مطراناً جديداً لأبرشية حلب أم جسّ نبض النظام السوري إزاء طرح فرنجية كمرشّح جدّي لرئاسة الجمهورية .
فالبطريرك الراعي لم يتجاوز في زيارته هذه بروتوكول السيادة اللبنانية ، عبر تكريسه العلني للدور السوري في الملف الرئاسي ، والذي وضّحته جليّاً مصادر نقلت عنه التماسه تحفظاً سورياً حول اسم فرنجية ، والتزامها بوضع الملف الرئاسي اللبناني بين يدي السيد حسن نصر الله .
وإنّما تجاوز أيضاً بروتوكول التوصيات الإلهية والتي كرّستها الديانة المسيحية بشكل خاص وسائر الأديان عموماً .
فأن يعتلي البطريرك منصة يرعاها القاتل المأجور الذي يحرق أبناء سوريتنا بالبراميل ويحرق أطفال الغوطة وأخواتها بالكيماوي ، وأن يدعو من خلال منبراً مغلفاً بصورة الدجال ، إلى السلام بل وأن يتعدّى ذلك إلى إرسال الصلّوات للشعب السوري ، معناه أنّ المنصب الديني الماروني الأول في لبنان أصبح تابعاً للنظام ، ليصبح البطريرك الراعي الرسمي للأسد .
حيث أنّ المسيح والدجال لا يجتمعان ، واستغلال منصب "ديني" لأجل تكريس الإرهاب يضعنا أمام جدلية أهلية البطريرك الراعي لأن يستمر في منصبه ؟؟
بل ولا بد لنا أن نتساءل عن نزاهته في تسليم منصب الرئاسة لبشار ، هذا المنصب وكي لا ينسى أحد فهو وإن كان ماروني الطائفة إلا أنه "لبناني" الهوية .
في هذه التبعية المارونية لسوريا ، بشخص "البطرك" لا يسعنا سوى أن نترحم على البطريرك مار نصر الله بطرس صفير الذي قدّم الدولة اللبنانية على أيّ مناصبية طائفية ، مكرّساً أنّ المسيحيين قوتهم في لبنان لا في نظام الأسد !
إلا أنّ الراعي لم يكن خير خلف لخير سلف ، ومن حظوظ الشعب اللبناني أنّه لم يتّم تنصيبه كبطريرك للموارنة إلاَ بعد انسحاب النظام السوري عام 2005 ، هذا الإنسحاب الذي لطالما نادى به البطريرك صفير ولطالما رفض الأوامر السورية التي تفرض من ينصّب لبنانياً حسب مصالحها .
فلو كان الراعي في زمنه ، لكنا ما زلنا حتى اليوم بحكم أسدي ، ومن يعلم لربما كانت وصلت براميله إلينا !