قرأت كتاب هل الربيع العربي ثورة ؟ للدكتور محمد علي مقلد فانتباني شعور بأنني أقرأ لإنسان أنفق كثيراً من عمره على التأمل والتحقيق والتدقيق في كل ما كُتب في هذه الحياة من فلسفات وأفكار وعلى قراءة كل أحداث العالم منذ قرون وحتى يومنا هذا فخرج الدكتور مقلد القارئ ببصيرة مفتوحة وواسعة ومعتدلة ومجردة وموضوعية من هذا التحقيق والتدقيق والتأمل المزمن بعقلية محمولة بأدق الأفكار الإنسانية السامية وبأوضح المفاهيم النبيلة حيث أفلح ونجح بالإشارة إلى أسباب تخلفنا في الشرق عموماً وفي العالمين العربي والإسلامي بخاصة وفي العالم الثالث على وجه التحديد وبكل صدق وشفافية أقول إن توارد الخواطر وتداعي الأفكار بيني وبين الدكتور كانت كثيرة وفي موارد عظيمة وخطيرة فيما كتبه .
فحينما نقرأ للدكتور مقلد نجده واضحاً في عباراته وضوح الشمس في رابعة النهار وهو يتحدث عن أسباب تخلفنا الذي رافق الشرق منذ قرون كان واضحاً في قوله أننا في الشرق كنا علمانيين إلا انه لم نكن ديمقراطيين وهنا السرطان والسرطان هنا كنا إسلاميين إلا انه لم نكن ديمقراطيين وإنّ العلمانية من دون ديمقراطية لا تولد إلا الإستبداد وإن الإسلام السياسي من دون ديمقراطية لا يولد إلا الإستبداد ويستحيل ان يجتمع الإستبداد مع العدالة والعدل والقسط ويستحيل أن نجد حاكماً مستبداً وعادلاً ، في الوقت ذاته إن الدكتور مقلد هو وكل المتنورين في العالم أدركوا اننا نحن الشرقيون حفرنا عميقا في فلسفة البنية التحتية لحركة المجتمع عسى ان نكتشف أسباب تخلفنا حفرنا في أدوات الإنتاج ووسائل الإنتاج وفائض القيمة وتوزيع الثروة بعقول ماركسية ولينينية وقومية ولكننا لم نحفر عميقا في فلسفة البنية الفوقية لحركة المجتمع لم نحفر في فلسفة النظام السياسي وفي فلسفة الديمقراطية الغربية الليبرالية الرأسمالية ، لأن الماركسيين والقوميين والإسلاميين كان بينهم جامعا مشتركا وهو العداء المطلق لكل ما انتجته الرأسمالية على صعيد الفلسفة السياسية .
هذا العداء المطلق هو الذي دفعنا للإعتقاد بأن الرأسمالية الغربية وما أنتجته هو الشر المطلق نعم نتيجة حاجتنا الماسة للغرب استوردنا منه كل شي إلا الفلسفة السياسية وبخاصة فلسفته في مبادئ الديمقراطية وأصولها وفروعها وأركانها الدكتور مقلد سلط الأضواء كثيرا في كتابه هل الربيع العربي ثورة على ان الإستبداد هو سبب أسباب تخلفنا هو علة عللنا إن الإستبداد هو وليد بنية فلسفية بشرية ووليد بنية فلسفية دينية اخذت موقفا سلبيا بالمطلق من الديمقراطية الغربية كونها ثمرة من ثمرات الرأسمالية التي وقفت ضد قضايانا العادلة كقضية فلسطين وكونها كانت جائرة بحقوق الطبقة العاملة وفق التوصيف الماركسي اللينيني .
إن الدكتور مقلد أوضح ما يجب ايضاحه وكشف ما وجب كشفه من ان الإستبداد هو علة العلل هو مصدر امراضنا كافة الإستبداد هو الذي أورثنا سلطات الوراثة وسلطات الإنقلابات العسكرية التي سُميت على خلاف الحقيقة والواقع سميت بالثورات إن الإستبداد هو الذي حال بيننا وبين شيء لم نجربه مطلقاً بعدما جربنا كل شي وأقصد الديمقراطية التي عبر عنها احد المفكرين بقوله لا أعلم كم عمر الإنسان على وجه الأرض لكن بالتاكيد اكثر من عشرة آلاف سنة إن الإنسان بهذه الالاف العشرة إن أعظم ما أنتجه وصنعه ليس الطائرة ولا الكمبيوتر ولا السفينة الفضائية إن أعظم ما انتجه هو الديمقراطية وإنّ أعظم ما في الديمقراطية تداول السلطة لقد ملكنا كل شي وجربنا كل شي إلا الديمقراطية لقد خلعنا على الإستبداد ثوب الشرعية الإنسانية وثوب الشرعية الدينية بحجج ومبررات كان على رأسها قضية فلسطين حيث من أجلها يجب أن لا يعلو صوت فوق صوتها ولا نفكر بفلسفة سياسية إلا بمواجهة الإمبريالية الغربية والصهيونية ؟!
الشيخ حسن مشيمش