هذا إقرارٌ مني، إقرارٌ نافذٌ كما يقولون : إقرار العقلاء على أنفسهم جائز، لا أدري إن كان الوعي نعمة أم نقمة، كلا الحالتين فأنا السبب في كل ما جرى لكم من محنٍ وبلاءٍ ونقمٍ، يا أبناء جلدتي، سلبتكم أرزاقكم وأموالكم ، حتى التين والزيتون والرمان والتبغ، أنا الذي طردتكم من دينكم وعقيدتكم ومن أرضكم ودياركم ،أنا الذي بدَّل شرائعكم وأحلامكم وطموحاتكم ، أنا الذي أخذ منكم كل شيءٍ من غالٍ ونفيسٍ،ومن كبيرٍ وصغيرٍ، أنا الذي سبَّب لكم الحروب والدمار والقتل والتهجير والإذلال، أنا الذي قطع عنكم المياه والكهرباء وسبَّب لكم الفوضى والويلات وملأ الشوارع بالقُمامة، وعطَّل الدستور والقانون، وأحدث الفراغ في سدَّة رئاستكم،فلكم الحق وكل الحق أن تشتمونني وتلعنونني لأنني ترأستكم وحكمتكم منذ أكثر من ثلاثين عاماً .
أنا الذي سرق أعماركم ومالكم وجمعتها في البنوك وملكت العقارات والبنايات والمتاعات والسيارات والخدم والحشم وما ملكت أيماني من ينٍّ ياباني ودولار أمريكي ، ومن ذهبٍ وفضة..
أنا الذي ملكتُ خزائن العرش والدولة والسلطة والوظيفة والأرزاق والأعناق ، وتأمرتُ عليكم ووعدتكم بأضغاثِ أحلام ،أنا الذي بعتكم في السوق مثل عيدان قصب الرمان، وإذا قلتم غير ذلك في حقي فقد كذبتم، سأحدثكم بكل جرأة، وأنبئكم بكل وقاحة وأقولها صريحة، أنا الذي أخذتُ منكم كل شيئٍ ما هبَّ ودبَّ، أنا الذي نظمتُ أشعاراً وشعراً، وأحدثكم بالموعظة والحكمة في زواياي الأربع، ولم أذكر سوى المضجع،أنا الذي عبثتُ في قداستكم ونبلكم لا تتأخروا في سبي وشتمي على صفحاتكم يا حرَّاس الهيكل ، وليسكت من سكت من الأقربين الأقربين من الذين بذلتُ لهم كما يقولون أضعاف ما وجبَ، يوم شتموا وضعت يدي علي خدِّي وغمدتُ قلمي ومحبرتي،فأنا عذرتكم ولكم الحق أن تعيبوا مني وليكن دعائكم في صلواتكم وقيامكم وصيامكم، تبَّت يداه وتبَّت يد أبي لهب وتبَّ، صدقت "أحمد مطر" يا شاعر العرب لستَ وحدك السبب وأنا السبب، ما دام لم يعجبكم العجب ولا الصيام في رجب، فقلتَ يا مطر: "ماذا يُضيرني أنا..ما دام كل واحدٍ في بيته...يريد أن يُسقطني بصوته...وبالضجيج والصخب... أنا هنا....ما زلتُ أحمل الألقاب كلها...وأحمل الرتب...أطلُّ عليكم كالثعبان من جحري...فإذا غاب رأسي لحظةً ظلَّ الذنب....فلتشعلوا النيران حولي...واملأوها بالحطب....إذا أردتم أن أُولِّي الفرار والهرب ....