لا تزال البلاد في صدى اللقاء التاريخي الذي جمع الرئيس سعد الحريري بالزعيم الشمالي سليمان فرنجية وما تبع هذا اللقاء من معلومات عن نية الحريري ترشيح فرنجية كمرشح تسوية للخروج من الازمة الرئاسية التي طالت البلاد على مدى عام ونصف .
ولما كان الحديث عن ترشيح فرنجية جديا جدا وعنوانا للتسوية المرتقبة، سارعت الأقطاب والأحزاب والزعامات السياسية إلى الاستنفار السياسي وامتلأت البلاد بالقيل والقال كما هي الحال عند كل منعطف سياسي يجتاح البلاد .
سياسيون كثر على صيغة أحزاب وجماعات ما زالوا يغردون خارج السرب تضييعا للوقت تارة وطمعا بالمكاسب والهدايا المرتقبة تارة أخرى، إلا أنهم موقنون جميعا بأن هذه التسوية أكبر منهم وأن ما يجري اليوم من مشاورات واتصالات لا تعدو كونها ترتيبات مفترضة على تسوية مفروضة شاءها الكبار من الرعاة على قاعدة وضع حد للتدهور السياسي الحاصل في البلاد .
توافقت الدول المعنية على التسوية بعدما تُرك الأمر لعام ونصف لم يستطع اللبنانيون خلال هذه الفترة من تحمل مسؤولياتهم بانتخاب رئيس للبلاد وبقي الفراغ وصمة العار التي لحقت بالحياة السياسية في لبنان، إلا أن إرادة دولية وربما مستجدات فرضت وضع حد لهذا الفلتان السياسي في البلد الذي ينعم به الزعماء دون استثناء على قاعدة أنا أو لا أحد، فوجد الجميع أنفسهم أمام تحديات كبيرة فذهب بعضهم إلى تغليب مصلحة لبنان، ولا يزال البعض الآخر أسير الأحلام والأوهام متناسين عن قصد أو غير قصد أن هذه التسوية أكبر من الجميع وما كانت لتأتي لو تحمل اللبنانيون مسؤوليتهم بوطنية وجدارة .
وبالرغم مما يشاع عن انكفاء التسوية وتراجعها إلا أن مؤشرات أخرى كثيرة تؤكد المضي بهذه التسوية وبترشيح فرنجية تحديدا، وأن القرار لم يعد لبنانيا والتعطيل لم يعد مسموحا به ولا بد من التفاهمات لتأخذ هذه التسوية طريقها الصحيح .