لا يزال "التوازن السلبي" الذي يحكم التسوية الرئاسية المطروحة والذي اشارت اليه "النهار" أمس يبسط معادلته على مجمل التحركات والاتصالات بدليل انحسار موجات التسريبات المتصلة بالسيناريوات الزمنية لجلسة انتخابية تفضي الى انتخاب رئيس "تيار المردة" النائب سليمان فرنجيه رئيسا للجمهورية، الامر الذي عكس اتجاها واضحا الى اخضاع مجمل هذه العملية للتهدئة وترك الاتصالات المحمومة الجارية في الكواليس تأخذ مداها في رسم خريطة التوجهات المقبلة. ولعل العامل البارز الذي واكب بداية الاسبوع السياسي الجديد تمثل في اتجاه فريقي "تيار المستقبل" و"القوات اللبنانية" الى نزع فتيل التوتر الذي ساد قواعد الفريقين الاساسيين في تحالف 14 آذار عبر مواقع التواصل الاجتماعي، الامر الذي أبرز رغبة مشتركة ومنسقة بينهما في احتواء التداعيات الحادة التي أثارتها الموجات الاولى من مشروع التسوية. كما تبرز في المقابل ملامح حركة بارزة على خط الرابية حيث تفيد المعلومات ان لقاء حواريا أول عقب طرح ترشيح النائب فرنجيه سيعقد غدا على الارجح في الرابية بين رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب العماد ميشال عون والنائب فرنجيه. كما علمت "النهار" ان الرئيس أمين الجميل سيقوم اليوم بزيارة العماد عون .
واذ بدا واضحا ان ثمة اتجاها بارزا الى نزع طابع الاستعجال عن مجريات التسوية بعدما أثارت الاجواء المشحونة حولها مزيدا من التعقيدات والتفاعلات السلبية داخل كل من تحالفي 14 آذار و8 آذار، قالت مصادر معنية بالمشاورات الجارية على مختلف الصعد والمستويات السياسية ان أي تكهنات في شأن الجلسة النيابية المحددة في 16 كانون الأول الجاري لانتخاب رئيس الجمهورية لن يعتد بها ما دام مصير التسوية وتداعياتها والاحتمالات التي تترتب عليها قد بات رهن ادخال هذه التسوية الى "غرفة العناية الكثيفة" لدى كل الجهات على ما تؤكد المعطيات الجدية. وتبعا لذلك سيكون من المبكر الجزم بأي نتائج سواء حيال جلسة 16 كانون الاول أو حتى حيال موعد الجلسة التي قد تليها وقت بدأ الكلام عن اتجاهات الى اطلاق وتيرة المشاورات بين مختلف الافرقاء وتوسيعها سعيا اما الى تحصين التسوية بتفاهمات واسعة وعريضة واما الى البحث عن مخارج أخرى. وهو امر لا يعود معه ممكنا التقيد نظريا أو مبدئيا بروزنامة زمنية محددة بوقت ضيق ومواعيد مستعجلة لان الامر سيذهب في اتجاه حوارات ومعالجات معقدة تحتاج الى مزيد من الاستمهال.
وفي هذا السياق نفت مصادر بارزة في كتلة المستقبل لـ"النهار" كل ما بني على ضرب مواعيد مشددة على ان لا مواعيد قبل اكتمال عناصر التسوية "التي لا تزال قيد العمل الجدي وهي ليست مزحة وجميع الاطراف يعملون على انضاجها وهي لا تحتمل التبصير ولا الضرب بالمندل". بيد أن هذه المصادر أوضحت ان ثمة معضلتين تواجهان التسوية هما موقف "حزب الله" مع العماد عون وموقف "المستقبل" مع "القوات اللبنانية". ويندرج في الاطار الثاني طلب "تيار المستقبل" أمس من مناصريه "تجنب الانجرار الى السجالات على مواقع التواصل الاجتماعي وتحديدا مع جمهور القوات اللبنانية وتفادي التعرض لأي من قيادات 14 آذار". كما ان "القوات" طلبت من محازبيها ومناصريها "عدم التعرض لقيادات 14 آذار وتحديدا الرئيس سعد الحريري".
عون وفرنجيه
واذ أكد مصدر وزاري بارز لـ"النهار" ان لقاء سيجمع غداً العماد عون والنائب فرنجيه في الرابية، أفاد ان هذا اللقاء سيستتبع ببدء "حزب الله" باقناع العماد عون بالتسوية التي وصفها بانها "اكبر من الجميع" مضيفا انها "كأس مرة ايضا ولكن لا بد من تجرعها فالبلد ما عاد يحتمل كما لا بد من تفاهم مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع على التعامل معها على الاقل". واذ شدد المصدر على ان الرئيس الحريري لا يريد انتخاب رئيس للجمهورية قبل تفاهم مع جعجع، تحدث عن تعويل على دور سعودي في تقديم ضمانات اليه تتعلق بمستقبل ادارة البلاد وموقع "القوات" الذي يجب عدم تجاوزه.
وفي سياق التحركات المتصلة بمواقف القوى المسيحية من هذه التسوية، كشف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي لـ"المؤسسة اللبنانية للارسال" خلال جولته أمس على قرى مسيحية في طرطوس السورية انه دعا الاقطاب الموارنة الاربعة الى اجتماع في بكركي وانه لا يزال في انتظار الجواب.
ولفتت مصادر وزارية الى أن انعقاد لقاء يضم الأقطاب الموارنة في بكركي بناء على رغبة البطريرك الراعي مرتبط بتحضير اتفاق هؤلاء الاقطاب على بديل من النائب فرنجيه فيما لو تقرر الذهاب الى تبني مرشح آخر, وإذا ما اتفق هؤلاء الاقطاب على بديل يلتزمونه حتى النهاية.
في غضون ذلك، تعقد اللجنة النيابية المكلفة اعداد مشروع لقانون الانتخاب اجتماعها الثاني اليوم في مجلس النواب. وقالت مصادر في اللجنة لـ"النهار" ان أجواء الاجتماع ستعكس مناخ النقاش السياسي الجاري في الموضوع الرئاسي وان الامور تتجه اكثر فاكثر الى ربط قانون الانتخاب بالانتخابات الرئاسية.
خلية الازمة
على صعيد آخر، رأس رئيس الوزراء تمّام سلام أمس اجتماعا لخلية الازمة الوزارية الذي ضم الوزراء سمير مقبل ونهاد المشنوق ووائل ابو فاعور والمدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم. وعرض المجتمعون "الانجاز الاخير الذي تمثل بتحرير العسكريين الـ 16 الذين كانوا محتجزين لدى احد التنظيمات الارهابية وما تركه من ارتياح على كل المستويات"، معتبرين ان هذه الخطوة "التي اكدت مرجعية الدولة ما كانت لتتم لولا تضافر جميع الجهود الوطنية ولولا صلابة الجانب اللبناني وحنكته في المفاوضات التي أدت الى اطلاق العسكريين بالاضافة الى التعاون الرفيع المستوى بين جميع الاجهزة الامنية"، وأكدوا متابعة الجهود للافراج عن العسكريين التسعة الذين ما زالوا محتجزين.
في سياق آخر لم تبرز بعد ملامح نهاية ملف تصدير النفايات الى الخارج الذي يفترض ان ينجز بعد ايام قليلة كما تفيد المعلومات المتوافرة. وفي انتظار استكمال ملف التصدير تتفاقم ازمة النفايات في مختلف المناطق مع اقتراب الازمة من طي شهرها الخامس.