أقدم المطلوب محمد مصطفى حمزة على تفجير نفسه في دير عمار بعد محاصرته من قبل الجيش اللبناني في المبنى الذي تقطن فيه شقيقته، وقتل معه بريئتين هما: والدته حسنة حمزة وابنة شقيقته الطفلة إسراء السيد. فيما أصيبت شقيقته صفا وهي ما تزال في «مستشفى الخير» في المنية وحالتها غير مستقرة، واثنين من الجيران، بالإضافة الى جرح سبعة عسكريين بينهم ضابطان، فيما تمكن الجيش من توقيف زوجته التي تخضع للتحقيق بإشراف القضاء المختص.
لم يكن محمد حمزة من رؤساء المجموعات المسلحة التي كانت تقاتل في جولات العنف التي كانت تشهدها طرابلس، بل كان، بحسب عارفيه، أحد المقاتلين الأشداء على محور المنكوبين، قبل أن يبدأ في العام 2012 بالتردد الى التبانة حيث تعرّف الى أسامة منصور. ثم صار ينتقل معه أكثر من مرة الى القصير في سوريا حيث قاتلا هناك، وشاركا مع آخرين في معركة التبانة الأخيرة ضد الجيش اللبناني في 24 تشرين الأول عام 2014، قبل أن يغادروا المنطقة ويتواروا عن الأنظار.
وخلال فترة التوترات الأمنية في طرابلس، كان حمزة بمثابة اليد اليمنى لمنصور الذي كلّفه بمهمات أمنية عدة، منها إطلاق النار على عسكريين ورمي قنابل يدوية على مراكز عسكرية وفي أماكن متفرقة، وكان أبرز هذه المهمات الهجوم بالأسلحة الرشاشة على نقطة عسكرية في البداوي ما أدى الى استشهاد عسكري وجرح آخرين.
وتشير المعلومات الأمنية الى أن حمزة كان يلتقي سراً بمنصور، وهو كان في الاجتماع الذي عقده في الزاهرية ليل 9 نيسان الفائت، قبل أن يقع منصور في الكمين الذي نصبه له فرع «المعلومات» وأدى الى مقتله مع رفيقه أحمد الناظر. ومنذ ذلك الوقت، انتقل حمزة للعمل مع بعض المنتمين الى «داعش» وأبرزهم المطلوبان نبيل س. وعمر إ. (أوقفه الجيش قبل إسبوعين)، ثم ليبايع التنظيم، وبقي متوارياً عن الأنظار الى أن داهمه الجيش في منزل شقيقته في دير عمار، حيث فجّر نفسه.
وترجح مصادر أمنية أن حمزة كان من ضمن بعض الخلايا العنقودية النائمة التي شكلها «داعش» وكانت جاهزة لتنفيذ أعمال أمنية عندما يُطلب منها، وهو مرتبط بعدد من اللبنانيين والسوريين الذين تضعهم مخابرات الجيش في أولوياتها، وترصد تحركاتهم، وهي قامت بالتزامن مع محاصرة حمزة في دير عمار، بمداهمة سلسلة منازل في البلدة وفي المنية وطرابلس حيث أوقفت عدداً من المشتبه بهم.
ماذا حصل في دير عمار؟
تقول المعلومات المتوفرة إن محمّد حمزة طلب من شقيقته صفا الموجودة خارج لبنان أن تعطيه مفتاح منزلها في دير عمار ليتردد عليه بين الحين والآخر، وقد كان له ما أراد، وهو كان ينتقل الى المنزل بسريّة تامة عندما يشعر بالخطر.
وتضيف المعلومات أن التوقيفات التي قام بها الجيش اللبناني مؤخراً وشملت بعض «الرؤوس المدبرة» المتعاونة مع «داعش» كشفت خلال التحقيق معها عن أدوار يستعد حمزة للقيام بها، وهي حددت أماكن وجوده بين طرابلس والمنكوبين ودير عمار.
وبناءً على هذه الاعترافات بدأت مديرية المخابرات قبل نحو عشرة أيام برصد تحركات حمزة عبر بعض أعينها الأمنية، وعملت على متابعته من خلال الاتصالات التي كان يجريها على هاتفه الخلوي. فيما باشر مكتب مخابرات المنية بمراقبة منزل شقيقته في دير عمار الموجودة مع عائلتها خارج لبنان، والذي كان يتردد عليه سراً كونه لا يوجد فيه أحد.
وتشير المعلومات الى أن حمزة وزوجته استقرا في منزل دير عمار منذ منتصف الأسبوع الفائت، مستغلاً عودة الحركة إليه، بعودة شقيقته وابنتها من السفر وانتقال والدته للعيش معهما، لكن الرقابة الأمنية كانت له بالمرصاد.
وتقول هذه المعلومات إن مكتب مخابرات المنية نفذ عند الخامسة من فجر يوم السبت الفائت عملية أمنية بهدف توقيف حمزة، حيث حاصر المنزل من كل الاتجاهات. وطلب أحد الضباط من حمزة تسليم نفسه، لكنه بادر الى رمي قنبلتين يدويتين باتجاه الدورية فانفجرت إحداهما وأصابت سبعة عسكريين بينهما ضابطان، ولم تنفجر الثانية، وعلى الفور وقع اشتباك بينه وبين الدورية التي استهدفت المنزل بنيران غزيرة، وأحكمت الطوق عليه.
وعندما أيقن حمزة الذي كان مزنّراً بحزام يحتوي على أربع قنابل يدوية أن لا مفر له أمام الحصار العسكري المفروض عليه، خرج من المنزل باتجاه الدرج في محاولة منه لاقتحام مجموعة من العسكريين. وعمل على تفجير القنابل بنفسه بينما كان أفراد عائلته قريبين منه، ما أدى الى تحوله الى أشلاء والى مقتل والدته وابنة شقيقته إسراء على الفور، فيما أصيبت شقيقته صفا وجُرح إثنان من الجيران، وأوقف الجيش زوجته.
كما نُقل العسكريون السبعة الى «مستشفى الخير» وتمت معالجتهم من جروح طفيفة أصيبوا بها جراء القنبلة التي رماها حمزة باتجاههم.