من الطبيعي أن يكون حزب الله أكثر فريق سياسي على الساحة اللبنانية التزاماً بالصمت والكتمان والتروي حيال تطور سياسي كبير حرك المشهد اللبناني برمته بحجم تسمية رئيس حزب المردة النائب سليمان فرنجية رئيساً محتملاً للجمهورية بعد الشغور الرئاسي المستمر منذ أكثر من سنة ونصف بسبب إصرار قوى الثامن من آذار على تعطيل جلسات مجلس النواب التي كان يتم الدعوة إليها لإنتخاب رئيس جديد للبلاد .
فالعرض الذي قدّمه رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري للنائب سليمان فرنجية خلال اللقاء الشهير الذي جمعهما منذ أكثر من عشرة أيام في العاصمة الفرنسية باريس بأنّه هو مرشحه للرئاسة شكل مفاجأة وصدمة لحزب الله كما لسواه من كافة القوى السياسية والحزبية والدينية الفاعلة على الساحة اللبنانية .
والمعلومات التي تسربت عن لقاء باريس تفيد بأنّ الحريري بعد أن أبلغ ضيفه بأنّه مرشحه الرسمي توافقاً على أنّ مهمة كل منهما تسويق هذا العرض سيما وأنّه تبين بأنّ هذا العرض يحظى بقوة دعم خارجية لا شك فيها .
وصار لزاماً على الأطراف اللبنانية كافة البحث عن سبل لكيفية التعامل معه والتكيف مع تداعياته لا البحث عن سبل للإعتراض عليه وإسقاطه باعتباره وضع ليأخذ طريقه إلى التنفيذ وليس قابلاً للرد أو الرجوع عنه .
فالتطورات المتسارعة منذ الإعلان عن لقاء الحريري - فرنجية في باريس وإصرار الأخير على أنه مرشح جدي وأن انتخابه مناسبة مثالية للإستقرار والأمن في البلد والدخول في مرحلة الحلول لأزماته المزمنة والمتراكمة .
وعدم انتخابه قد يكون معبراً محتملاً للفوضى والمزيد من الإنهيار لمؤسسات الدولة لذا فهو ماض في التعامل إيجاباً مع هذا العرض الذي أتاه بشكل مفاجئ وعلى حين غرة ، وفي مقابل عدم تقبل رئيس تيار التغيير والإصلاح العماد ميشال عون لهذا العرض حتى الآن فإن حزب الله في وضع لا يحسد عليه ويعيش حالة إرباك وتوجس تفرض عليه المزيد من الترقب والتريث قبل اتخاذ أي قرار عاجل ومتسرع بإنتظار جلاء العوامل المحيطة بهذا العرض والتأكد أكثر من الأهداف المخفية التي أدت إلى الإعلان عنه في هذه اللحظة السياسية الحرجة .
إذ أنّ الهاجس الأساسي الذي يعيشه حزب الله هو هل أن ما يعرض هو صفقة عبر بوابة ترئيس أحد أبرز حلفائه أم هو التفاف على سلة الحل المتكاملة التي سبق وقدّمها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله منذ فترة ليست بعيدة ؟
وعليه فإنّه وحتى بتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من ليل المنطقة المظلم ، فإنّ سلاح حزب الله الوحيد والمتاح لإدارة معركته السياسية هو الإستعانة بالكتمان والصمت ومعهما الصبر الجميل .