وقّعت شركتا خطوط أنابيب نقل البترول التركية (بوتاش)، وشركة النفط الوطنية القطرية، الأربعاء، مذكرة تفاهم أولية لاستيراد الغاز الطبيعي المسال من قطر على المدى الطويل وبشكل منتظم.
وبهذه الخطوة تكون تركيا قد نوعت مصادرها للطاقة للتقليل من اعتمادها الكبير على روسيا في استيراد الغاز، وجاء توقيع هذه الاتفاقية في ثاني أيام الزيارة التي يجريها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الدوحة.
وتمتلك قطر احتياطياً من الغاز الطبيعي يبلغ 885 تريليون متر مكعب، حيث تحتل المرتبة الأولى عالمياً من حيث تصدير الغاز الطبيعي المسال.
وسبق أن هددت روسيا بإلغاء اتفاقيات تصدير الغاز الطبيعي إلى تركيا، إلا أن رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، رد بالقول: إن “هناك ضوابط وقوانين دولية ترعى الاتفاقيات المبرمة بهذا الصدد”.
وكانت تركيا، التي تعتمد بشكل كبير على واردات الطاقة، قد بحثت من قبل إمكانية إقامة مشروعات تخزين الغاز الطبيعي مع موسكو، لكن العلاقات بين روسيا وتركيا تأزمت كثيراً بعد أن أسقطت أنقرة طائرة حربية روسية انتهكت أجواءها الأسبوع الماضي.
-البديل القطري
وتعتبر روسيا أكبر مصدر للغاز إلى تركيا وشريانها الغازي، إذ تلبي أكثر من نصف احتياجاتها، ووصلت واردات الغاز الروسي إلى تركيا العام الجاري إلى قرابة 30 مليار متر مكعب، بعد أن كانت نحو 27 مليار متر مكعب العام الماضي.
وفي حديث سابق مع “الخليج أونلاين” لم يستبعد المحلل الاقتصادي التركي “نامق أوز أوغلو”، أن تؤثر حادثة المقاتلة الروسية في العلاقات الاقتصادية بين الطرفين، مؤكداً أن تركيا قد تجد في قطر البديل عن روسيا لشراء الغاز الطبيعي منها”
وأضاف في حديثه أن “العلاقة الإيجابية بين تركيا وقطر قد تنعكس على العلاقات الاقتصادية بينهما، وذلك بالحصول على الغاز بأسعار تشجيعية منها، وربما تطوير العلاقات لدرجة ربطهما بأنبوب غازي، الأمر الذي سيخلق فرص عمل وجذباً للأموال لكلا البلدين، فضلاً عن دورهما كموزع للغاز إلى الدول الأوروبية المجاورة”.
-روسيا الخاسرة
وفي السياق ذاته، ذكرت مصادر صحفية تركية، أن أنقرة تستعد لتقليص واردات غاز البترول المسال من روسيا بمقدار الربع في العام القادم، مرجعين ذلك إلى توتر العلاقات بين أنقرة وموسكو إثر إسقاط المقاتلة الروسية.
ولفتت المصادر إلى أن “الشركات التركية ببساطة غير قلقة من خفض تسليمات غاز البترول المسال من روسيا، وبسبب الوضع السياسي الحالي هم يستعدون بالفعل لذلك”.
وترتكز أهم العلاقات الاقتصادية المعرضة للانهيار بين روسيا وتركيا، الدولتين الجارتين، بسبب الصراع الساخن في الشرق الأوسط وعلى رأسه القضية السورية، إلى 5 محاور أساسية وهي؛ الغاز والمشروعات المشتركة في هذا المجال، والتبادل التجاري، ومحطة الطاقة النووية التركية، والسياحة، والاستثمارات المتبادلة.
ويصل الغاز الروسي إلى تركيا عبر أنبوبين، الأول يسمى “السيل الأزرق” ويمر أسفل البحر الأسود، وينقل 50% من صادرات الغاز الروسي إلى تركيا، والثاني هو خط أنابيب البلقان البري، الذي يمر عبر أوكرانيا ومولدوفا ورومانيا وبلغاريا وصولاً إلى تركيا.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، وقعت تركيا وقطر خلال زيارة أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد إلى أنقرة، اتفاقية تستورد تركيا بموجبها 1.2 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي من قطر.
وبناء على الاتفاقية ستتسلم تركيا ما مجموعه 1.2 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، عبر 9 ناقلات نفط، خلال فصل الشتاء 2015-2016 وهو ما سيغطي جزءاً بسيطاً من احتياجات تركيا السنوية من الغاز الطبيعي التي تبلغ 45 مليار متر مكعب، إلا أنه يصب في جانب تنويع مصادر الإمداد بالغاز.
وتشتري تركيا الغاز من قطر أكبر مصدر للغاز المسال في العالم، وأيضاً من نيجيريا في صفقات فورية وليست آجلة، كما تشتري أنقرة الغاز الطبيعي من الجزائر وروسيا وإيران وأذربيجان.
ومن الجدير ذكره أن دولة قطر توقعت أن يصل إنتاجها من غاز النفط المسال إلى نحو 12 مليون طن سنوياً بحلول عام 2015، ما يجعلها واحدة من رواد مصدري هذه السلعة الاستراتيجية في العالم انطلاقاً من كونها المنتج الأكبر للغاز الطبيعي عالمياً، وذلك فضلاً عن أن لديها زبائن لشراء الغاز من اليابان وكوريا الجنوبية وإسبانيا وبريطانيا والولايات المتحدة.