لم يطرأ حدث سياسي يغيّر المشهد المحيط بمبادرة ترشيح النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، لكنّ الجديد هو تأكيد مصادر تيار المستقبل أن الرئيس سعد الحريري سيأتي إلى بيروت مطلع الأسبوع المقبل، لإصدار موقف علني يرشّح فيه خصمه اللدود إلى الرئاسة

 

عشرة أشهر مرّت على آخر زيارة للرئيس سعد الحريري إلى لبنان. عاد الحريري يومها لأيام قليلة من منفاه الاختياري، ليفعّل العمل بحكومة الرئيس تمام سلام، ويستكمل البحث مع رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون بتسوية توصل الأخير إلى رئاسة الجمهورية. اقتصرت التسوية على احتفال الحريري بعيد ميلاد عون في منزله في وسط بيروت، في لقاء ثانٍ بعد اللقاء الأول بينهما في روما، واكتفى رئيس تيار المستقبل من وقتها بالتغريد على «تويتر» من الرياض أو باريس.

كل المؤشرات توحي بأن الحريري سيعود الأسبوع المقبل إلى بيروت. ترتيبات أمنية استثنائية في بيته في وسط بيروت، وتسريبات من هنا وهناك عن نيته إعلان ترشيح رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية يوم 8 كانون الأول، ربّما في حلقة مع الزميل مارسيل غانم في برنامج «كلام الناس».
وعلى ما يقول أكثر من مصدر، فإن إعلان الحريري ترشيح فرنجية رسمياً، إذا حصل، لن يمرّ مرور الكرام عند رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. ضربة قاسية من «الحليف»، لا بدّ أن يردّ عليها جعجع بضربة أقسى: إعلان ترشيح عون، واسقاط الحجّة التي تسلّح بها الحريري طويلاً لرفض قبول عون رئيساً للجمهورية، لكنّ المصادر تساءلت عن مدى قدرة جعجع على «فتح إشكالٍ مباشر بهذا الشكل مع السعودية»، مشيرةً إلى أن الأخير «لا يمكن أن يكسر مع السعودية، بل ربّما يريد رفع سقف أسهمه حتى يحصّل حصّة مباشرةً من السعوديين، لا من الحريري».
ومع أن أكثر من مصدر أكّد أن جعجع قد يطير إلى السعودية في الساعات المقبلة، حالما يحصل على المواعيد التي طلبها قبل أسبوعين لاستطلاع «حقيقة» الموقف السعودي، بعدما خيّب كلام السفير علي عواض العسيري آماله، ينفي القواتيون الأمر، مؤكّدين أنه لم يجرِ الحديث عن أي زيارة للسعودية بعد، علماً بأن «التواصل مستمر مع السعودية وقيادة القوات اللبنانية». وعلمت «الأخبار» أنه سيكون لجعجع موقف قريب من مبادرة الحريري.
نيّة جعجع ترشيح عون اذا أعلن الحريري ترشيح فرنجية، لم تسقط من حسابات فرنجية، الذي علمت «الأخبار» أنه أبلغ البطريرك الماروني بشارة الرّاعي خلال زيارته له أول من أمس في بكركي، أنه «يسير بترشيح عون بشكل عاجل اذا أقدم جعجع على هذه الخطوة».
وبحسب أكثر من مصدر، فإن الاتصالات تكثّفت في الأيام الماضية بين جعجع، ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل، الذي زار بكركي أمس واجتمع مع البطريرك الراعي، قبل أن ينضمّ إلى اللقاء وزير الخارجية جبران باسيل.


الجميّل أبلغ الراعي أنه
غير موافق على تسوية
الحريري ــ فرنجية

 

 

وقال الجميّل بعد اللقاء إن الكتائب «ليس لديها أي فيتو على أي مرشح، ولكن لا أحد يستطيع أن يطلب منا أن ندعم شخصاً مرشحاً للرئاسة انطلاقاً من ثوابت ومبادئ لا تلتقي مع مبادئنا وثوابتنا»، وأضاف أن «المرشح الذي يريد أن يحصل على تأييد الكتائب، عليه أن يلاقينا في منتصف الطريق، وأن يكون برنامجه متوافقاً مع مبادئناً». وبحسب المصادر، فإن تصريح الجميّل جاء نسخة ملطّفة مما أبلغه للراعي خلال الاجتماع عن رفض حزبه السير في مبادرة الحريري، مشيرةً إلى أن «الجميل على تواصل دائم مع فرنجية، وهو لا يريد أن يقطع مع نائب زغرتا، لكنه حتى الآن يكرّر شروطه وموقفه من رفض المبادرة». وأثار موقف الجميل استغراب عدد من شخصيات قوى 14 آذار، التي كان الحريري والمقربون منه قد أبلغوها موافقة الجميل على المبادرة بعد زيارته الحريري في باريس.
بدوره قال باسيل «نحن متمسكون بحريتنا في الشرق، لنختار بحرية رئيسنا، ونختار بحرية قانون الانتخاب الذي على أساسه سنختار ممثلينا، ونتمثل من خلاله. وأعتقد أن هذا مشوار طويل قمنا به، لنثبت الوجود في لبنان وفي الشرق ولنحافظ على تنوعنا، وهذه فرصة لنا لتعزيز هذا المسار لا لإضعاف الثقة بالذات، ولا للتشكيك ببعضنا بعضا ولا بذاتنا».
على مقلب قوى 8 آذار، يتردّد أن لقاء «مصارحة» سيجمع عون وفرنجية يوم غدٍ الأحد، من دون أن يتسنى التأكد من صحة الخبر. وعلمت «الأخبار» أن حزب الله أبلغ كوادره رسميا أنه لا يزال على موقفه من دعم ترشيح عون. وخلافاً لما تردّد عن موقف الرئيس السوري بشار الأسد أو الجمهورية الإسلامية الإيرانية، علمت «الأخبار» أن رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان زار دمشق أول من أمس، والتقى الأسد، الذي كرّر أمام أرسلان موقفه من أن «موضوع الرئاسة اللبنانية هو عند الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله».
وكان فرنجية قد تلقّى اتصالاً أول من أمس من الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، و«جرى بحث في كافة التطورات على الساحتين الاقليمية والدولية» بحسب الموقع الرسمي لتيار المردة.