مع أن التطورات المتصلة بالتسوية الرئاسية التي حملت اسم رئيس "تيار المردة" النائب سليمان فرنجية مرشحا لرئاسة الجمهورية حافظت امس على وتيرتها التصاعدية لجهة تعزيز الانطباعات عن تقدم حظوظه بدا ان الايام المقبلة قد تحفل بسلسلة تحركات تكتسب اهمية في تحديد الاتجاهات التي ستسلكها عملية بلورة المواقف الرافضة لهذا الترشيح او المتحفظة ضمنا عنه.
ولعل أبرز ما طرأ من تطورات غير معلنة في هذا السياق تمثل في معلومات توافرت لـ"النهار" ليلا وتحدثت عن عودة وشيكة للرئيس سعد الحريري الى بيروت رجحتها مصادر هذه المعلومات بين الثلثاء والاربعاء من الاسبوع المقبل بحيث سيكون ذلك بمثابة دلالة قوية على اعتزامه ادارة مسألة ترشيح فرنجية من بيروت واجراء الاتصالات واللقاءات السياسية مع كل الافرقاء من بيروت. ورجحت المصادر نفسها ان يعلن ترشيح فرنجية رسميا بين الثلثاء والاربعاء المقبلين.
وأفادت المعلومات نفسها ان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند دعا النائب فرنجية في اتصاله به امس الى ايلاء موضوع قانون الانتخابات الاهمية اللازمة ضمن التسوية التي يجري العمل على بلورتها بين الافرقاء السياسيين .
وانتقل الرئيس الحريري امس من باريس الى الرياض حيث ذكر انه من المقرر أن يلتقي عددا من المسؤولين والشخصيات. وتردد ان الحريري سيجتمع قريبا مع وزير العدل اللواء أشرف ريفي.
وفي حين لفتت مصادر مواكبة للاتصالات الداخلية الجارية في كل الاتجاهات الى ان الجميع يرصدون بترقب كبير حركة رئيس "تكتل التغيير والاصلاح " النائب العماد ميشال عون وموقفه المنتظر من التسوية التي رفعت لواء ترشيح فرنجية باعتبار ان موقف العماد عون صار يمثل أكثر فأكثر حجر الرحى في تقرير وجهة التسوية سلبا او ايجابا، أبلغت المصادر "النهار" ان هناك حديثا عن لقاء متوقع للعماد عون والامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله لتظهير الموقف المشترك من الاستحقاق الرئاسي.

هولاند وفرنجية
وكان التطور اللافت الذي سجل امس في اطار المواقف او التحركات الخارجية المتعلقة بالتسوية الرئاسية تمثل في تلقي النائب فرنجية اتصالا من الرئيس الفرنسي غداة لقاء الاخير الرئيس الحريري في قصر الاليزيه الخميس الماضي. واستوقف هذا الاتصال الذي ذكر انه استمر 15 دقيقة الاوساط المعنية من حيث كونه الاتصال الاول من نوعه يجريه رئيس دولة كبرى بفرنجية على خلفية ترشيحه للرئاسة الاولى في لبنان الامر الذي فسرته هذه الاوساط بتوظيف الرئيس الحريري ثقله السياسي وعلاقته المتينة بالرئيس الفرنسي من اجل تعزيز الدعم الفرنسي والخارجي للتسوية وتعزيز فرصة انتخاب فرنجية رئيسا للجمهورية. واذ أحيط مضمون الاتصال بكتمان شديد واقتصر خبر الاتصال على انه تناول التطورات على الساحتين الاقليمية والدولية وصفت مصادر سياسية زارت باريس أخيرا إتصال الرئيس هولاند بالنائب فرنجية بانه "يضفي شرعية خارجية" على انتخابه رئيسا للجمهورية. وفي المقابل اعتبر مصدر سياسي داخلي ان الدعم الخارجي لفرنجية يفترض ان يكون عاملا إيجابيا له لكنه قد يتحوّل الى عامل سلبي عندما يظهر كأنه محاولة لفرض أمر واقع على القيادات اللبنانية عموما والمسيحية خصوصا.

 

بكركي
وتواصلت الحركة الكثيفة في بكركي غداة عودة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي من الخارج وقبيل مغادرته مجددا الاثنين الى اللاذقية وبعدها الى مصر. وعقب لقاء الراعي مساء الخميس النائب فرنجية تركزت حركة الصرح البطريركي امس على معارضي ترشيح فرنجية اذ عادت الى التداول احتمالات البحث في عقد لقاء موسع للاقطاب المسيحيين على صعوبة تحقيق هذه الخطوة هذه المرة . وتلقى البطريرك الراعي اتصالا من رئيس حزب "القوات اللبنانية " سمير جعجع فيما التقى بعد الظهر كلا من رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميل يرافقه الوزير السابق سليم الصايغ ورئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل . وعقد لقاء مشترك بعض الوقت علمت "النهار" انه تركز على طرح تصورات كل من الفريقين العوني والكتائبي للتسوية المطروحة وتبلغ البطريرك موقفا سلبيا لكل من الفريقين من هذه التسوية. وعلمت "النهار" ان من وجهات النظر التي طرحت في اللقاء امكان الاتفاق على مرشح من خارج نادي الزعماء الاربعة الرئيس امين الجميل وعون وجعجع وفرنجيه الذين طرحت اسماؤهم اساسا من خلال لقاء بكركي لهؤلاء الاقطاب اذا كان متعذرا التوافق في ما بينهم على واحد منهم. وفهم ان البطريرك الراعي ابدى اهتماما بالغا بضرورة عدم تسبب التسوية الرئاسية بمواجهة سياسية بين الثلاثي المسيحي "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" والكتائب والافرقاء المؤيدين لانتخاب فرنجية بعدما تبين له ان مواقف القوى الثلاث متقاربة جدا في رفض هذه التسوية. وأكدت المصادر ان لقاءات بكركي تعقد وسط ادراك أن هناك ضغوطا كبيرة خارجية لانتخاب رئيس للجمهورية ولا بد من توافق مسيحي يتكيف مع هذه الضغوط بالتوافق على مرشح اما من الزعماء الاربعة واما من خارجهم.
وكان مجلس المطارنة الموارنة لفت في بيانه الشهري امس الى "بروز فرصة جدية لملء الشغور الرئاسي ما يقتضي التشاور والتعاون بين جميع الافرقاء اللبنانيين لاخراج البلاد من أزمة الفراغ الرئاسي وتعطيل المؤسسات". وقال إنه "ينبغي ان يأتي انتخاب رأس الدولة عن تبصر عميق في أهمية هذا الموقع ودوره الاساسي".