عقدة السنة في لبنان ليست مع فرنجية ولا مع ترشيحه ، فحيث أنّ المرشحين الثلاثة لرئاسة الجمهورية يشتركون في التاريخ الإجرامي الحربي ، بديهي لنا إسقاط الجنايات من سجلات المثلث المسيحي ، وعدم محاكمة مرشح دون الآخر .
من جهة ثانية ومع إصرار حزب الله على مجيء رئيساً للجمهورية من قوى 8 آذار ، فإنّ الشارع السني أكثر ميلاً لفرنجية من عون ، لا سيما وأنّ الأول وعلى الرغم من شوائب خطه السياسي فلديه نهج إصلاحي عملي طبقه في منطقته زغرتا والتي حوّلها لمقصد السيّاح ، فيما يبحث الثاني عن مراكز نافذة لأصهرته على حساب لبنان ودستوره وشعبه .
في معركة الرئاسة علينا أن نغلق التاريخ ، لأننا لو فتحناه فالمحاسبة والمحاكمة عليها أن تشمل الجميع وليس فقط الثلاثي المرشح بل حتى من عاصروا تلك الحقبة المسلحة من نواب و وزراء ومن ما زالت ميلشياته تهدد بآيار جديد من أحزاب ربانية ، ولعجز اللبنانيين والدولة اللبنانية عن ذلك ، لا بد من تقبل العفو الجماعي الذي شمل الحكيم جعجع بخروجه من السجن والجنرال عون بعودته من المنفى ، ليصل لسليمان فرنجية الذي لا جدوى من استذكار صنائعه في معركة كرسي الجمهورية .
جدلية السنة في وصول فرنجية لبعبدا تتمركز في ترشيح الحريري له ، وليس في شخصه ، ولو تمّ طرح ترشيح فرنجية بآلية أخرى لم يتمظهر بها الحريري في الصدارة وبأنّه هو البطل والمخلص للوطن لما رافق الأمر كل هذه الضجة والمعارضة لا سيما وأنه الأفضل بين الأسوأ !
فسعد الحريري بهذا الترشيح أسقط كل المبادىء التي رفعها التيار لعشر سنوات ولّت ، وكل التصعيدات ، ومع توالي التنازلات والإنكسار الذي مثّله زعيم السنة ، يأتي إعلان الترشيح الفجيعة الكبرى ، فها هو الحريري يرشح صديق و"أخ" من يتهمه بقتل والده الشهيد رفيق الحريري .
ترشيح سعد لحليف بشار الأقدم والأبدي ، حوّل بعبدا بالنسبة للحريريين إلى قصر مهاجرين آخر ليصبح للأسد شبل لبناني اختاره من طالب بإخراج النظام من لبنان عام 2015 ، ومن انتقد حلفاء بشار بقوة ، ومن يعتبر حزب الله مجرماً بمشاركته في حرب السوريين وفي قتل .
ولكن هي ليست المرة الأولى التي يتنازل بها الحريري عن دماء الشهيد ومدرسته ، أليس هو من صافح بشار يوماً ، فماذا يمنع من صافح قاتل والده من أن يأتي بحليفه رئيساً للبنانيين ، وبالتالي يعيد هيكلة النظام السوري لبنانياً؟!!!