خلف ذلك الوجه الذي يتسم بالحيوية والحياة ، تخبىء الفيحاء وجوارها وجها آخر مليئا بالحزن والعتب على سياسييها الذين أهملوا واجباتهم تجاه شعب لا يريد من الحياة إلا العيش بكرامة وشرف.
وبدل أن يقفل السياسيون باب الحرمان أمام أهالي الفيحاء طرابلس فتحوا له آلاف الأبواب وذلك عبر استخدام أسلوب شنيع يتمثل بمنع أصحاب البسطات من مزاولة أعمالهم بل وإزالتها أيضا خوفا على المستقبل الحضاري لوجهها.
وطبعا فإن العمل الذي اتبعته البلدية لا يعدو كونه استقواء على الفقير الذي يريد أن يؤمن لعائلته لقمة عيش من عرق الجبين وبكل شرف دون أن يضطروا للجوء إلى أعمال غير قانونية لكن هيهات .
فالسياسيون يضعون مصالحهم فوق كل اعتبار وأي فرصة عمل ضئيلة سيتم منع الشعب من اغتنامها خوفا على مآربهم السياسية التي ينفذونها على حساب الشعب الفقير "والمعتّر".
هذا الاستعراض للعضلات التي تقوم به بلدية طرابلس استدعى صرخة رفض عالية من السكان الذين يعتمدون هذه الطريقة في كسب أرزاقهم والمفاجىء أن الإهتمام تركز حول إزالة البسطات فقط وكأن الحضارة فقط بمظهر الطرقات.
فسوق القمح وغيره في طرابلس تغمره المياه في الشتاء أما لمياه الصرف الصحي رواية أخرى تسردها المطالبة الدائمة للسكان بإصلاح الأعطال فضلًا عن البنى التحتية من كهرباء وغيرها والتي تحتاج إلى إعادة تأهيل.
ورغم كل الوعود التي منيت بها تلك المنطقة من قبل الساسة إلا أن أيّا لم يتم تنفيذه حيث لجأوا إلى اتباع اسلوب سيقود بشباب طرابلس بدون أدنى شك إلى طرق ملتوية كالإنخراط في منظمات إرهابية أو السرقة أو تنفيذ ما يطلب منهم وذلك فقط لتأمين لقمة العيش.
وإن كانت الحضارة بنظر البلدية وغيرها تقتضي "بتجويع" أهالي طرابلس لأجل مظهر الطرقات فذلك لا يدل سوى على جهل يحيط بعقول الرجال المفترض بهم أن يحموا منطقتهم ومن الواجب هنا أن نطرح سؤالا لكل سياسيي طرابلس المتنازعين على زعامة السنة ولرئيس البلدية مضمونه "هل أمّنتم بديلا لهؤلاء؟ وهل الحضارة تكمن بإنماء طرابلس إقتصاديا وإنشاء مشاريع تنموية تعيل آلاف العائلات أم بإزالة البسطات؟
هذه الأسئلة لم نستطع إيجاد جواب لها من قبل رئيس البلدية وذلك لأن سعادته لا يجيب إلا بمقابلات ومواعيد مسبقة، فالناس يتم قمعها ومنعها من مزاولة عملها اليومي وهو يهتم بالوجه الحضاري، فأي ثقافة هذه وأي دين يقبل بذلك؟
وما نريد أن نقوله هنا، صحيح أن هذه البسطات مخالفة للقانون لكن إيجاد البديل واجب على الساسة الذين طالما قدّموا الوعود والإلتزامات بإنماء طرابلس.
لكن كيف سينفذون هذه الوعود وهم يعتبرون ابناء طرابلس أداة لتنفيذ مآربهم عبر مدّهم بالمال وبوجود أي بديل فإن الطرابلسيون سيغردون خارج السرب وهذا ما لا يريده الزعماء.
فإلى متى سيبقى هؤلاء ضحية الزعماء وإلى متى ستبقى أرزاق الناس مرهونة فيهم؟ فكفوا أيديكم عن طرابلس ودعوها بسلام.