طُويت صفحة إطلاق العسكريين الرهائن لدى «جبهة النصرة». أما مفاعيلها، فلا تزال مستمرة. بعض الرهائن المفرج عنهم، وتحديداً من قوى الأمن الداخلي، لا يزالون «منتشرين» على الشاشات، يطلقون التصريحات شكراً لخاطفيهم.

هي «متلازمة استوكهولم» (التي تصيب المخطوف فيتعاطف مع خاطفه) في أبهى صورها. لكن هذه التصريحات لم تدفع قيادة المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي إلى اتخاذ أي إجراء لمنع عناصرها المحررين من إجراء مقابلات مع وسائل الإعلام، على الأقل قبل إخضاعهم لتحقيقات تكشف حقيقة ما جرى وأدى إلى اختطافهم، وخاصة بعدما بات رجال الأمن المحرّرين يوجّهون الاتهامات إلى رؤسائهم على «الهواء مباشرة» بالتسبب باختطافهم. رجل أمن يمتدح خاطفيه وقتلة زملائه، من دون أن تصدر قيادته أي قرار يوجب إخضاعه لعلاج نفسي ومسلكي ووطني، يخفّف عنه بعض آثار ما لحق به طوال 16 شهراً قضاها في معتقلات قاطعي الرؤوس. وفيما انتقد الرئيس نبيه بري ما رافق إطلاق المخطوفين، واصفاً ما جرى بـ»الفضيحة السيادية» مع توجيهه التهنئة لأهالي العسكريين، انتقد المدير العام السابق للأمن العام اللواء جميل السيد السلطات السياسية اللبنانية بسبب «تغافلها عن شكر القيادة السورية التي لولا تجاوبها الأخلاقي والمجاني لما نجح تحرير العسكريين ولما كان نجح قبلها تحرير مختطفي إعزاز وراهبات معلولا».


يجري الحديث
عن موقف علني من الحريري الأسبوع المقبل يتبنى فيه ترشيح فرنجية



سياسياً، ظهرت أمس مؤشرات استعجال من الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط لانتخاب النائب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية. وبحسب أكثر من مصدر متعددي الانتماءات السياسية، فإن الحريري سيخرج علناً، الأسبوع المقبل ليعلن ترشيح فرنجية رسمياً إلى الرئاسة. وبحسب المصادر، فإن الحريري سيقول كلمة متلفزة، قبل أن يجري مقابلة على واحدة من الشاشات اللبنانية. وقد انشغلت أمس أكثر من جهة سياسية وإعلامية بالتدقيق بشائعات تحدّثت عن ظهوره اليوم، بعد زيارته الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، على شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال، وهو ما تبيّن عدم صحته. وتشير الرؤية «المتفائلة» بـ»تسوية انتخاب فرنجية» إلى أن إعلان الحريري رسمياً ترشيح رئيس تيار المردة، ستتبعه خطوة حل عقدة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، المعارض بقوة لوصول فرنجية إلى بعبدا. وبعد أن تحل هذه العقدة، بحسب رأي المتفائلين، سيعلن الجنرال ميشال عون موافقته على وصول حليفه إلى رئاسة الجمهورية. لكن مصادر أقل تفاؤلاً لا تزال ترى الكثير من العقد. ليس من السهل إقناع سمير جعجع بتأييد فرنجية. مصادره تؤكد أنه ماضٍ في معارضته «حتى النهاية، ولو بقي وحيداً بلا حلفاء». ولا يزال رئيس القوات ينتظر تحديد موعد له لزيارة السعودية، مراهناً على عرقلة مسعى الحريري الرئاسي من الرياض. وفي الرياض أيضاً، من المنتظر أن يلتقي رئيس المستقبل حلفاءه اللبنانيين بعد مغادرته العاصمة الفرنسية باريس، لمحاولة إقناعهم بدعم توجهه لانتخاب فرنجية قريباً.
الركن الثاني المستعجل انتخاب فرنجية هو النائب وليد جنبلاط، الذي استقبل النائب الزغرتاوي أمس في كليمنصو. وأكّد فرنجية قبل تناوله العشاء على مائدة جنبلاط أن ترشيح الأخير له إلى الرئاسة يفتح الباب على «أن نكون معاً بطريق واحدة، بصرف النظر عن نتيجة التسوية». وأكّد فرنجية أنه لن يكون مع العماد ميشال عون «إلا سوياً، والعماد عون أخ وصديق». ولفت فرنجية إلى أن التوافق على اسمه قد يكون «الفرصة الأخيرة»، مؤكداً أن الحريري صادق معه. وقال إنه «إذا كان للمسيحيين عذر مسيحي برفضي فأنا سأؤدي التحية وأمشي، أما إذا كان (العذر) شخصياً، فهذا موضوع آخر». أما جنبلاط، فقال: «سأساعد على طريقتي في تذليل العقبات ضمن الإمكانات، وأياً كانت نتائج التسوية، فالعلاقة مستمرة مع فرنجية». وفي ظل رفض قواتي وعوني للتسوية الحريرية ــ الجنبلاطية، يُعوّل مؤيدو ترشيح فرنجية على موقف من البطريرك الماروني بشارة الراعي، يوفّر «غطاءً مسيحياً» لانتخاب الزعيم الزغرتاوي رئيساً للجمهورية. ومن المنتظر أن يعقد الراعي، بعد عودته إلى لبنان الجمعة، لقاءات مع «الأقطاب الموارنة الأربعة»، لمحاولة التوصل إلى توافق على اسم مرشّح للرئاسة. بانتظار ذلك، يستمر العماد عون بالتزام الصمت، تماماً كما حليفه حزب الله. كذلك يستمر الالتباس في تفسير كلام السفير السعودي علي عواض العسيري. فبعد بيانه أول من أمس الذي تحدّث فيه عن ضرورة تحقيق «إجماع مسيحي» على أي مرشح رئاسي، عاد وربط كلامه بما سبق أن اتفق عليه الأقطاب الموارنة في بكركي، لجهة تأييدهم أي مرشح يحظى بدعم القوى السياسية الأخرى. ثم دعا العسيري، عبر قناة «ام تي في» القوى السياسية المسيحية إلى عقد طاولة حوار للاتفاق على اسم مرشح رئاسي. وفيما فسّر «المتشائمون» كلامه بأنه يطيح ترشيح فرنجية، أكّد مؤيدو وصول الأخير إلى بعبدا أن كلام العسيري يغطي تماماً مسعى الحريري. ولفتوا إلى أن السفير السعودي يدرك عملياً استحالة وصول جعجع أو الرئيس أمين الجميّل إلى الرئاسة، وكذلك تضع بلاده فيتو على عون، وبالتالي، فإنه يدعو إلى التوافق على فرنجية.