جلسة انتخاب رئىس الجمهورية مرّت كسابقاتها في اجواء الرتابة المتكررة، والحضور الضعيف الذي اقتصر على عيّنات من الكتل التي دأبت على المشاركة او تلبية دعوة الرئيس نبيه بري لمثل هذه الجلسات.
والجديد أمس هو الاحاديث الجانبية التي تمحورت حول الطارئ على الاستحقاق الرئاسي المتمثل بطرح اسم سليمان فرنجية كمرشح جدّي بعد لقاء باريس الذي جمعه مع الرئىس سعد الحريري. حتى ان بعض النواب تساءلوا ما اذا كانت الجلسة المقبلة ستكون الحاسمة، بعد انتظار اكثر من سنة ونصف السنة.
واللافت ان الرئىس بري قصّر الفترة بين جلسة الأمس والجلسة المقبلة، فبدلا من العشرين يوماً التي اعتمدها سابقاً فضل ان تكون هذه المرة اسبوعين، الامر الذي جعل بعض النواب يربط بين هذه الاشارة والاتصالات الجارية في ضوء التسوية المطروحة مع العلم انه كان اكد مرارا استعداده للدعوة الى جلسة لانتخاب الرئىس في اي لحظة تتوافر فيها ظروف الانتخاب.
ومما لا شك فيه ان طرح ترشيح فرنجية بعد لقاء باريس خلق اجواء جديدة يصح فيها السؤال، هل يكون تأجيل جلسة الانتخاب امس هو للمرة الأخيرة؟
صحيح ان الجواب عن مثل هذا السؤال غير محسوم بعد، لكن المعلومات والمعطيات التي توافرت حتى الآن تؤكد الآتي:
1ـ ان ترشيح فرنجية هو «موضوع جدي» كما يعتبر مرجع سياسي بارز، مضيفاً ان الاتصالات بدأت على غير صعيد وهي مستمرة، ويجب ألا نتسرّع في الكلام او الاستنتاجات المسبقة. ولذلك طلب هذا المرجع من فريقه او المحسوبين عليه التزام الصمت وعدم التطرق الى هذه المسألة علنا او عبر وسائل الاعلام.
2ـ تتركز الاتصالات واللقاء على محورين اساسيين: محور المستقبل ـ «القوات اللبنانية»، حيث يسعى الحريري الى اقناع حليفه بهذا الخيار واشراكه في التسوية المكملة للاستحقاق الرئاسي. وتندرج في هذا الاطار زيارة الوزير نهاد المشنوق اول من امس الى معراب، مع العلم ان الدكتور جعجع لم يعط جوابا نهائياً ولم يقفل الباب امام هذا المسار حتى الآن.
اما المحور الآخر فهو محور فرنجية ـ العماد عون، حيث يندرج اللقاء الذي جمعه مع الوزير جبران باسيل في هذا الاطار، ويقال ان الاجواء لم تكن سيئة وان اللقاء كان جيداً لكنه لم يحمل نتائج ملموسة بانتظار استكمال البحث.
ووفقا للمعلومات فان لقاء آخر كان يتوقع ان يحصل هذا الاسبوع، لكن وفاة شقيق العماد عون ستؤخر الاتصالات لايام.
وتضيف ان هناك حاجة الى تعميق النقاش والبحث بين فرنجية وعون او عبر باسيل، وان هناك اتصالات اخرى ربما تجري مع الرابية عبر فرقاء ووسطاء آخرين ايضا.
3- على عكس بعض التفسيرات والتكهنات، فان مبادرة الحريري بتسمية فرنجية للرئاسة لم تأت من الفراغ وهو اخذ الضوء السعودي للاقدام على مثل هذه الخطوة.
وتشير المعلومات ان تصريح السفير السعودي اول من امس، والذي حاول كل طرف تفسيره على طريقته، يندرج في اطار «ترييح» الجميع وتشجيع الاتصالات واللقاءات الجارية.
4- تقول مصادر مطلعة ان هناك اجواء خارجية اكثر ملاءمة لحسم الاستحقاق الرئاسي، وبالتالي فان التسوية المطروحة تحظى بنوع من التشجيع والغطاء الاقليمي والدولي.
ووفقا لهذه المعطيات وغيرها من العناصر غير المعلنة حتى الآن، فان التسوية هي في مسار تصاعدي... فهل ينتخب المجلس في 16 الجاري فرنجية رئيسا للبلاد؟

ـ لقاء الحريري وهولاند ـ

اما على صعيد الاتصالات الخارجية، فان الرئيس الحريري يستكمل اتصالاته الباريسية بشأن التسوية الرئاسية ويلتقي الوزير بطرس حرب، فيما المحطة الهامة للحريري ستكون اليوم مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في الاليزيه.
واشارت معلومات نيابية الى ان الرئيس الحريري من الممكن ان يعلن مواقف هامة بعد اللقاء، تتركز على التسوية وتفاصيلها وخلفياتها وقبوله رئيساً من 8 آذار، على ان يعود بعدها الحريري الى فرنسا لاستكمال لقاءاته مع اركان تيار المستقبل. كما من المتوقع ان يزور رئيس حزب القوات اللبنانية السعودية للبحث مع المسؤولين السعوديين في التسوية الرئاسية.

ـ وفرنجية ـ جنبلاط ـ

وفي موازاة الحركة الخارجية للحريري، التقى امس النائب سليمان فرنجية بالنائب وليد جنبلاط في كليمنصو، واشار فرنجية الى ان النائب وليد جنبلاط اول مَن طرحه لرئاسة الجمهورية.
وفي هذه المرحلة سنكون معا بطريق واحدة، وهذا البيت كريم دائما نقدره وسنظل نقدره».
وقال: «ترشيحي ليس رسمياً بعد واعتبر ان الرئيس الحريري صادق مئة في المئة في تأييده لي، وكل ما قاله اعتبره جديا». واشار الى ان «الجنرال عون صديق وخضنا مشوارنا معا وسنظل معا، وأعتبر أن الوفاق الوطني أهم منا كلنا ولن نكون والعماد عون إلا معاً».
وعن قانون الانتخاب قال فرنجية: «لا تسوية لي على حساب شيء أنا لا أملك القدرة عليه. ونحن جاهزون لطمأنة الفريق الآخر، ومن لديه طرح آخر، النقاش مفتوح، ولكن ان يكون هناك طرح لمجرد العرقلة، فهذا أمر غير مقبول».
اضاف: «سنذهب إلى نصف الطريق ونضع لبنان أولاً هدفاً لنا، فاليوم الأمور المعيشية هي الأساس»، واذا فشلت هذه التسوية يمكن ان نذهب يمكن الى الأسوأ.
من جهته قال جنبلاط: «سأساعد على طريقتي في تذليل العقبات ضمن الامكانات، وايا كانت نتائج التسوية العلاقة مستمرة مع فرنجية».
ثم قال فرنجية: «اذا كان للمسيحيين عذر مسيحي برفضي فانا سأؤدي التحية وأمشي، أما اذا كان شخصيا فهذا موضوع آخر».
ورأى فرنجية «ان هناك فرصة اليوم ومَن لديه فرص اخرى فليقدمها، اما جنبلاط فأكد على ترشيح فرنجية، مشيراً الى ان التسوية تعطي فرنجية رئاسة الجمهورية والحريري رئاسة الحكومة.
ومن المتوقع ان يزور فرنجية الصرح البطريركي نهار الجمعة ويلتقي البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي قبل ان يتوجه البطريرك الراعي الى طرطوس لترؤس قداس ديني. وسيشرح النائب فرنجية للبطريرك الراعي تفاصيل لقائه بالرئيس الحريري.
علماً ان النائب فرنجية زار رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون وقدم له التعازي بوفاة شقيقه. وأكد فرنجية ان اللقاء لم يتطرق الى الامور السياسية، «وسنتحدث بالسياسة لاحقا». كما قدمت التعازي السيدة ليلى الصلح وشخصيات.