اذا كانت مقولة "الثالثة ثابتة" رائجة ايجاباً في لبنان، فإن تكرار الرقم ثلاثة ربما يحمل فرجاً أكبر يتمثل في التخلص من الشغور في موقع الرئاسة الاولى المستمر منذ سنة ونصف سنة. الجلسة المقبلة لانتخاب رئيس للجمهورية ستحمل الرقم 33، وموعدها في 16 كانون الاول الجاري. وفي رأي مصدر متابع ان الجلسة المقبلة إما ان تحمل رئيساً للبنان وإما ان تكون المساعي قد فشلت، فتدخل البلاد مجدداً في النفق الطويل في انتظار تطورات اقليمية غير مضمونة.
والنائب سليمان فرنجيه، الذي لزم الصمت بعد اطلالته مرشحاً رئاسياً من بوابة الرئيس سعد الحريري، عبّر أمس في كليمنصو مستعيداً تجربة الامتحان الذي كان يُخضع له الزعيم الراحل كمال جنبلاط كل مرشح رئاسي، واندفع الى القول إن ترشيحه فرصة يشكل عدم التقاطها قفزة في المجهول، إذ "سيكون الوضع أسوأ مما هو حالياً". ومضمون هذا الكلام كان قاله الوزير وائل ابو فاعور نهاراً لدى زيارته رئيس مجلس النواب نبيه بري، اذ اعتبر انه من"الواضح ان التسوية المطروحة اليوم هي تسوية أفضل الممكن وأفضل المتاح، وليس من باب التهويل يخشى وليد جنبلاط، اذا لم تسر هذه التسوية، أن ندخل في المجهول الدستوري والسياسي، ونخشى ان يكون اي مجهول من أي نوع آخر أمني أو غير ذلك".
وفي الردود الاولية على مواقفه من دارة النائب جنبلاط، قال مصدر كتائبي لـ"النهار": "أصبحنا في حاجة الى مزيد من الضمانات".
في المقابل، أوضحت مصادر نيابية في كتلة "المستقبل" ان ما قاله فرنجيه "يدل على ان التسوية المطروحة للإتيان به الى رئاسة الجمهورية تمضي قدماً ويجب ألا نستبعد أن ينتخب في جلسة مجلس النواب في 16 من الجاري".
وعلى ضفة الرابية الصامتة أيضاً حداداً على شقيق العماد ميشال عون، أبلغت مصادر "النهار" أن لقاء فرنجيه ورئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل تخلله كلام صريح، كرر فيه باسيل ما كان السيد حسن نصرالله قاله لفرنجيه، داعياً إياه الى أن لا يكون جسر عبور لمزيد من استهداف فريق يعتبر فرنجيه جزءاً منه، اذ يتمّ تهميش مكوّنين أساسيين منه، الاول المكون الشيعي عبر العقوبات والقضاء الدولي والارهاب والدم، والثاني المسيحي عبر تهميشه في السياسة، وفي ما عدا ذلك لا مشكلة البتة مع فرنجيه.
باريس والرياض
واذا كانت الحركة الرئاسية الداخلية ناشطة على رغم حذر من عقبات اكثرها مسيحيي، سيجهد فرنجيه لتذليل بعضها بلقائه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الجمعة المقبل، وتوفير رعاية الكنيسة للمسار الناشط، فإن الاهتمام يتركز ايضا على الخارج حيث تشهد باريس اليوم اجتماعاً بين الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والرئيس الحريري يبحث في تطورات الاوضاع في لبنان، الى سلسلة لقاءات يعقدها الحريري مع شخصيات من قوى 14 آذار، قبل ان ينتقل الى الرياض التي يتوقع ان يزورها رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع وقيادات في "تيار المستقبل".
وأفاد مراسل "النهار" في باريس ان قصر الاليزيه أدرج على لائحة نشاطات الرئيس هولاند استقبال الرئيس الحريري عند العاشرة والنصف قبل الظهر بتوقيت العاصمة الفرنسية.
وفي نيويورك، قال ديبلوماسي غربي رفيع في مجلس الامن لـ"النهار": "نحن نتحدث بصورة وثيقة مع الحكومة اللبنانية في كل القضايا المهمة، بما في ذلك التهديد الذي يمثله "داعش" وكل التهديدات الكثيرة الأخرى لاستقرار لبنان". وأضاف: "نحن لا نزال قلقين جداً من الشغور الرئاسي المتواصل منذ أكثر من 18 شهراً في لبنان، لأن هذه فترة طويلة للغاية في بلد يواجه اضطراباً". وأكد: "إننا نستخدم كل ما في وسعنا من التشجيع خلف الأضواء لملء هذا الفراغ الرئاسي".
إطلاق العسكريين و"النصرة"
أما ملف اطلاق العسكريين الذين كانوا في عهدة "جبهة النصرة"، فقد تفاعل أمس بقول الرئيس نبيه بري: "بين الدموع والشموع حصلت فضيحة سيادية، ومبروك لأهالي العسكريين". وأفاد قريبون منه انه معترض على "العراضة المسلحة لجبهة النصرة على أرض لبنانية وعلى التنازلات التي قدمت لهم"، معتبراً "ان عرسال صارت شبه ساقطة في أيديهم".
هذا الامر وأخبار أخرى متفرقة استدعت ايضاحات لا تحمل طابع الرد على بري. فأكد المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم أن "لا وجود لبندين في الاتفاق ينصان على منح "جبهة النصرة" 25 مليون دولار وإعطائها هامشاً للتحرك في عرسال".
وهنأ قائد الجيش العماد جان قهوجي العسكريين "بتحرير بعض رفاقهم من التنظيمات الإرهابية"، وشدد على "أن الجيش لم ولن يساوم على أي إرهابي ثبت ضلوعه في قتل العسكريين"، لافتاً الى "أن الظروف التي رافقت ما جرى بالأمس لن تؤثر إطلاقاً على قرار الجيش الحازم في مواصلة التصدي للتنظيمات الإرهابية على الحدود الشرقية، وصولاً الى التحرير الكامل لهذه المنطقة وعودتها الى السيادة اللبنانية".
وترافق كلام قهوجي مع معاودة الجيش استهداف أماكن تمركز المسلحين في جرود السلسلة الشرقية لجبال لبنان وخصوصاً في جرود عرسال، ومقار وتجمعات لمسلحي "جبهة النصرة" بالقذائف الصاروخية في محلة وادي الخيل، مما أدى الى سقوط إصابات وأضرار في الآليات.