انتصرت الدولة اللبنانية بتحريرها العسكريين المخطوفين من جبهة النصرة ضمن تسوية رفعت رأس لبنان عاليا واعادت كرامته وعنفوان مواطنيه .عاش لبنان باسره عرسا حقيقيا بعودة ابنائه الابطال الى اهاليهم والى احضان الوطن رغم انه يبقى ناقصا لاسر تسعة عسكريين لدى تنظيم «داعش»، لكن المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم تعهد لأهالي العسكريين بانه سيسعى لتحريرهم ولاستعادة حريتهم فيعودون سالمين الى عائلاتهم وبلدهم، مشددا انه جاهز للتفاوض مع «داعش» اذا وجد «الوسيط».
وبعد مماطلة دامت سنة واربعة اشهر التقى الاهالي ابناءهم للمرة الاولى بعد اختطافهم وقد ذرفوا دموع الفرح عند لقائهم وتخلل ذلك لحظات مؤثرة لامست قلب كل مواطن لبناني.
عمت الفرحة البلد وخاصة خيمة اهالي العسكريين المحررين في ساحة رياض الصلح فهللوا لتحرير ابنائهم ورقصوا الدبكة اللبنانية ابتهاجا بهذا النصر وهذا الانجاز الرائع الذي حققته الدولة اللبنانية بناء على شروط وضعت لصالح لبنان ومؤسساته في عملية التبادل لتحرير العسكريين. وهنا اظهرت الدولة اللبنانية ان جنودها غالون عليها وكرامتهم من كرامتها وعزهم من عزها. وردد اللبنانيون شعار «الامر لك» و«النصر لك والحرية لك» وهذه الشعارات كلها هتافات للمؤسسة العسكرية التي ضحت وما زالت في سبيل الدفاع عن ارض الوطن والتي قدمت شهداء فداء عن اللبنانيين.
وفي هذا العرس الجميل تبارك «الديار» للشعب اللبناني والمؤسسات العسكرية بالحدث العظيم الذي شهده لبنان وهو الافراج عن العسكريين المخطوفين كما تهنئ المسؤولين الذين اشرفوا على المفاوضات التي ادت الى تحرير العسكريين المخطوفين وعلى رأسهم اللواء عباس ابراهيم الذي بذل كل الجهود للتوصل الى حماية حياة هؤلاء العسكريين والى تحريرهم خصوصا ان المفاوضات كانت خطيرة للغاية مع جبهة النصرة.
في التفاصيل، اشرف اللواء عباس ابراهيم شخصيا على عملية التبادل وتجاوز كل المحاذير الامنية وانتقل بين جرود عرسال ومقر اللواء الثامن وتابع تنفيذ الاتفاق لحظة بلحظة وتجاوز العديد من العقد التي وضعتها النصرة لافشال الصفقة، من اجل اتمامها. وفاوض ابراهيم تحت سقف واحد وهو «ممنوع ان تتضمن صفقة التبادل اي ارهابي تلوثت يداه بدماء الشعب اللبناني، بالاضافة الى الالتزام بثوابت الدولة»، علما ان اللواء ابراهيم هو الذي حدد موقع التبادل. كما قدم تسهيلات في المجال الانساني ونقل الجرحى وحرص على ان يكون التفاوض علنيا وواضحا. فان الذين اطلق سراحهم ليسوا محكومين ولا عليهم احكام قضائية بل هم موقوفون قيد التحقيق. والحال ان الصفقة لم تتضمن اسم اي ارهابي مثل نعيم عباس وجمال دفتردار كما ذكر في السابق. وعليه عندما شعرت «النصرة» بان الموقف اللبناني صلب عندها قدمت هذه التنازلات.
وتزامناً مع ذلك سلم جثمان العسكري الشهيد محمد حمية الى اللجنة الدولية للصليب الأحمر وتوجهت قافلة من المواد التموينية الى مخيمات النازحين السوريين لتبدأ بعد ذلك مرحلة تبادل العسكريين والمفرج عنهم من السجون اللبنانية. وتمّ تجهيز قافلة المواد الغذائية المتفق على حمولتها وكميتها ووجهتها بلدة عرسال ومخيمات النازحين السوريين فيها، الى جانب نقل الجرحى من الجرود الى أحد المستشفيات في بلدة عرسال بضمانة عدم التعرض لهم بناء على ما اكده المحامي نبيل الحلبي رئيس الجمعية اللبنانية للديموقراطية وحقوق الانسان «لايف» الذي طالبت جبهة النصرة بوجوده أثناء التنفيذ.
ووسط الزغاريد ونثر الورود والارز واطلاق نار كثيف استقبل العسكريون المحررون محمولين على الاكتاف في مقر قيادة اللواء الثامن في بلدة اللبوةواحتفل اللبنانيون باطلاق نار كثيف في احياء شوارع البداوي قرب طرابلس ابتهاجا باطلاق سراح 16 عسكريا كما تم توزيع الحلوى والمرطبات. كذلك سجل اطلاق نار كثيف في مختلف القرى والبلدات العكارية للتعبير عن الانتصار بتحرير العسكريين.
والعسكريون الذين اختطفتهم جبهة النصرة هم ثلاثة جنود من الجيش اللبناني و13 من قوى الامن الداخلي.من الجيش اللبناني: الرقيب جورج الخوري، الجندي أول ناهي عاطف بوقلفوني والجندي ريان سلام.
ومن قوى الأمن الداخلي: المعاون بيار جعجع، الرقيب أول ايهاب الأطرش، العريف سليمان الديراني، العريف ميمون جابر، العريف أحمد عباس، العريف وائل حمص، العريف زياد عمر، العريف محمد طالب، الدركي لامع مزاحم، الدركي عباس مشيك، الدركي ماهر فياض، الدركي جورج خزاقة والدركي رواد بودرهمين.
أما المفرج عنهم الـ 13 من السجون اللبنانية والذين طالبت بهم جبهة النصرة فهم: شابان لبنانيان، شابان فلسطينيان، أربعة شبان سوريين، بالاضافة إلى خمسة نساء هن: العراقية سجى الدليمي طليقة «الخليفة» أبو بكر البغدادي الذي تزوّجها لمدة شهر وأنجبت له ابنة تدعى هاجر وأُوقفت على أحد حواجز الشمال في تشرين الثاني عام 2014، اللبنانية جمانة حميد التي أُلقي القبض عليها اثناء قيادتها سيارة مفخخة بما يزيد عن 100 كلغ من المتفجرات في شباط عام 2014 وكانت متجهة من عرسال نحو اللبوة في منطقة البقاع الشمالي، والسورية علا العقيلي زوجة القيادي في «داعش» أنس جركس الملقب بـ«أبو علي الشيشاني» والتي أُوقفت في كانون الأول عام 2014 في منطقة الشمال وزوجة شقيق جركس السورية ليلى عبد الكريم النجار، بالاضافة الى سمر الهندي.
ـ اللواء ابراهيم يشكر السيد نصرالله ـ
وشكر اللواء ابراهيم الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي ساهم بانجاح عملية التبادل بعد ان تدخل مع الجانبين السوري والروسي من اجل تثبيت وقف لاطلاق النار خلال المفاوضات في جرود عرسال. كما تدخل لازالة العديد من العراقيل خصوصاً مع الجانب السوري.
ولفت اللواء ابراهيم الى «انني تمنيت على السيد نصرالله عندما التقيته في 8 تشرين الاول حلحلة هذا الملف ووعدني بمراسلة مكتب الامير القطري تميم بن حمد آل ثاني لحلحلة الملف وبعد اسبوع من اللقاء ارسل لي السيد نصرالله ان الملف سيتحرك وفعلا تحرك»، مضيفا «كان لدينا مطالب من الجانب السوري والجيش الروسي لوقف اطلاق النار ولاخلاء سبيل بعض الموقوفين لتسهيل العملية والسيد نصرالله ساعدنا في هذا الامر»، مؤكدا ان السيد نصرالله كان على اطلاع بكافة مراحل الملف وارسل العديد من الرسائل الى الامير القطري في الايام الاخيرة لتحريك الملف.
واوضح اللواء ابراهيم ان الصفقة مع جبهة النصرة قد مرت بمطبات عديدة وفي كل مرة كنا ننتج اتفاقاً شبه كامل فتتراجع «النصرة» كما حصل مؤخرا، مشيرا الى اننا من خلال خلية الازمة وضعنا سقفاً لهذه الصفقة الا «اننا كنا مصممين على ان لا نخرج من السجون اي محكوم واي شخص ملطخة يديه بدم اللبنانيين»، معتبرا ان «المواضيع الانسانية والممر الآمن هي امور عادية وبديهية».
وعن زيارته لمكان اجراء عملية التبادل، اوضح «انني استطلعت البارحة الجرود لارى بعيني اين تتمركز الجبهة وانا حددت بقعة التبادل وكان لي رؤية ان هذه البقعة هي الاصلح في ظل الانتشار العسكري للنصرة في محيط المكان».
وبما يخص التفاوض مع تنظيم «داعش»، لفت الى انه «لا يوجد لدينا احد للتفاوض مع «داعش» وهناك بعض الاقنية نحن بحاجة لفحص مدى جديتها»، مشيرا الى ان «ملف المطرانين هو ملف معقد واعتقد ان المطرانين موجودان في اقصى شمال سوريا لان هذه المنطقة مشتعلة».
واشار الى ان ملف التفاوض كان صعباً لاننا كنا نفاوض نفس الشخص الذي نقوم بمحاربته ونعمل على ضرب شبكاته الارهابية.
واضاف اللواء ابراهيم الى ان الصفقة لم تشمل مصطفى الحجيري «ابو طاقية» ولم اعده بان تشمله لاحقا اي صفقة لانني لا يمكن ان اقدم وعودا لا استطيع تنفيذها. وعن المواد الغذائية وارسالها الى الجرود قال ابراهيم «نحن نرسل مواد غذائية وهناك منظمات انسانية محترمة هي التي ستقوم بتوزيعها على مخيمات اللاجئين وهذه المخيمات تحت سيطرة الجيش نارياً وباستطاعة الجيش منعها بالنار اذا وحداتها ذاهبة للمسلحين، وموضوع المساعدات الغذائية موضوع انساني ولن نقف بوجهه.
وعن موضوع التفاوض مع «النصرة» قال ابراهيم «اسرائيل هي كيان ارهابي وهي موجودة، ولا نعترف بوجودها ونتفاوض معها عبر الامم المتحدة، ونحن ايضا لا نتواصل مع «النصرة» بشكل مباشر ولا نتحدث معهم والتواصل عبر الوسيط القطري وليس عندنا مشكلة.
وعن الممر الآمن قال ابراهيم «انتشار الجيش في عرسال يجعل من المستحيل ان يمر اي شخص الا عبر الجيش اللبناني، ولذلك ليس هناك ممر آمن، والمرور سيتم عن طريق الجيش، وليس هناك اي ممر «متفلت» والفلتان لم يعد موجودا على جبهة عرسال.
وعن السجينات اشار اللواء ابراهيم ان سجى الدليمي ستبقى في لبنان ولم يعد عندها مشكلة قانونية مع القضاء وجمانة حميد عادت الى منزلها واذا ارادنا البقاء في لبنان اهلا وسهلا وهن احرار.
ـ سمت ولدها على اسم الضابط ـ
اشارت معلومات ان احدى السجينات التي اطلق سراحها انجبت مولوداً في «السجن» وسمته على اسم الضابط الذي تولى الاشراف على عنايتها من قبل الامن العام نتيجة ما شهدته من تعامل انساني معها ومع مولودها.
واللافت ان معظم الذين افرج عنهم من قبل السلطات اللبنانية رفضوا الانتقال الى جرود عرسال على ان تقوم الدولة اللبنانية بتنظيم اوراقهم، فيما انتقل الى الجرود 5 من المفرج عنهم.
علما ان الخارجية القطرية اشارت الى ان عدد المفرج عنهم بلغ 25 موقوفاً حيث اشارت معلومات ان 9 موقوفين افرج عنهم من السجون السورية وبينهم شقيقة ابو مالك التلي.
كذلك بعض النسوة من قريبات قياديين في «النصرة» كن في السجون السورية كما اعتبرت ابنة ابو بكر البغدادي من ضمن صفقة التبادل.