حجبت مشاهد الاعراس المتنقلة التي عاشها لبنان امس، محتفلا بعودة العسكريين الـ16 الذين كانوا محتجزين لدى "جبهة النصرة" في جرود عرسال منذ 2 آب 2014، صورة العرض العسكري لمسلحي ذلك التنظيم على ارض لبنانية، ومضمون الاتفاق غير الواضح الذي وافقت بموجبه الحكومة اللبنانية على ممرات آمنة ومساعدات للمخيمات التي تخرج عن سيطرة القوى الامنية الشرعية.
لكن عملية التبادل بمجملها عكست نجاحاً للدولة واجهزتها في الدفاع عن ابنائها، وخصوصاً عسكرييها الذين دخلوا السرايا الحكومية كأبطال ببزاتهم العسكرية في مشهد وطني جامع وحد اللبنانيين في الفرح والتهليل والغبطة، على رغم غصة في القلب لاهالي اولئك العسكريين الذين لا يزالون في عهدة تنظيم "داعش" والذين لا تزال المفاوضات لاطلاقهم عالقة ومقطوعة منذ نحو سنة. وصرح الوزير وائل ابو فاعور بأن وسيطاً أفاد قبل مدة أنهم لا يزالون أحياء وثمانية منهم في الجرود فيما اختار التاسع دخول سوريا، لكن المعلومات انقطعت منذ بدء الحرب على "داعش".
واعتبر الرئيس تمّام سلام ان "التحدي الكبير يتمثل بتحرير العسكريين الذين ما زالوا في الأسر"، وقال: "ثقوا بدولتكم وحكومتكم فليس لنا ولكم سوى هذا اللبنان". كما أعلن المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم الذي تابع منذ اليوم الاول مفاوضات التبادل بوساطة قطرية "ان صفقة التبادل تمت بشروط تحفظ السيادة، وأقل من ذلك لم يكن ممكناً". وأكد الاستعداد للتفاوض مع "داعش" لتحرير العسكريين لديه "اذا وجدنا من نتفاوض معه". واذ شكر ابرهيم للرئيس سعد الحريري والسيد حسن نصرالله مساعيهما في دفع العملية قدماً، لوحظ ان المحررين شكروا تحديداً النائب وليد جنبلاط.
وصرّح وزير العمل سجعان قزي لـ"النهار" بأنه "مع كل فرحتنا وسعادتنا كان من المفروض أن يدعى مجلس الوزراء الى الانعقاد للموافقة على شروط صفقة التبادل ومنها شروط قضائية وأمنية، وهذا ما كان مقرراً عندما كانت المفاوضات جارية. وإذا كان مجلس الوزراء لم يدع الى جلسة للنفايات ولا لجلسة بعد انفجاريّ برج البراجنة، فهل من المقبول أن لا يدعى الى جلسة لبت أمور قضائية وأمنية ولا يشارك في فرحة وطنية جامعة فتتم دعوة الوزراء بالمفرّق؟".

التسوية الرئاسية
وعلى رغم توزع الاهتمام بين عرسال وساحة رياض الصلح، إلا ان حركة اللقاءات والاتصالات السياسية والمواقف لم تغب امس، وكان بارزاً فيها زيارة وزير الداخلية نهاد المشنوق معراب ولقاؤه رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع في اول تواصل مباشر بعد الكلام عن "التسوية الرئاسية" وموقف جعجع الرافض لها.
واذ أكّد "ان رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجيه لم يُعلن ترشيحه رسمياً بعد"، لفت المشنوق الى ان "كل الأمور خاضعة للنقاش الايجابي وليس للمواجهة والمشاكل أو القضاء على مسيرة 14 آذار التي عمرها سنوات".
وعن امكان الاتفاق على قرار موحّد لقوى 14 آذار حول ترشيح فرنجيه، استشهد المشنوق بالمثل الانكليزي القائل "حين تصل الى الجسر تعبره"، اذاً حين يُعلَن الترشيح رسمياً تجري مناقشته، وهذا ما يجب أن يحصل".
ورجحت محطة "أو تي في" (التيار الوطني الحر) أن يزور جعجع قريباً المملكة العربية السعودية التي أعلن سفيرها في بيروت "تأييد أي مرشح يُجمع عليه اللبنانيون عموماً، والمسيحيون خصوصاً، لان رئاسة الجمهورية هي الموقع المسيحي الأول في الدولة".
وتحدثت مصادر لـ"النهار" عن دفع سعودي ايراني الى انتخاب رئيس للجمهورية على رغم التباعد في المواقف بينهما، وان فرنسا دخلت على الخط. وعلمت "النهار" ان الرئيس فرنسوا هولاند سيلتقي الرئيس الحريري الذي انتقل الى باريس حيث سيلتقي مجموعة من الشخصيات في 14 اذار ومنها الوزير بطرس حرب للتشاور في التطورات.
وفي سياق متصل، علمت "النهار" أيضا ان المناقشات التي جرت في إطار الاجتماع الاسبوعي لكتلة "المستقبل" النيابية امس شددت على ان المبادرة التي أطلقها الرئيس الحريري تمضي قدماً وهي تتطور إيجاباً بدعم داخلي وخارجي أيضا ولا تراجع عنها.
من جهة أخرى، يلبي النائب سليمان فرنجيه دعوة النائب وليد جنبلاط الى عشاء في دارة الاخير في كليمنصو، وسيكون الملف الرئاسي الطبق الاساسي على مائدة جنبلاط الذي وصف ضيفه في اتصال مع "النهار" بـ "الزعيم الكبير".
وفيما من المتوقع ان تكون جلسة الانتخابات الرئاسية التي يعقدها مجلس النواب اليوم من دون نتيجة، لفتت مصادر نيابية الى ان تحديد موعد الجلسة التالية سيتضمن مؤشراً لما يدور في شأن المبادرة الرئاسية الراهنة. كما ان رئيس مجلس النواب نبيه بري وخلال لقاء الاربعاء النيابي ستكون له مواقف هي الاولى منذ إطلاق المبادرة.