لم يكن لقاءً عادياً. المواجهة التي استغرقت نصف ساعة في غرفة قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا، جمعت أبرز مطلوبَيْن في ملفات الإرهاب: الشيخان أحمد الأسير وخالد حُبلص. حضر الرجلان بلباسهما الشرعي، قرابة الثانية عشرة ظهراً. أخذ الأسير رفيق دربه، أيام فراره، «بالأحضان»، إذ إن اللقاء كان الأول بينهما منذ أشهر.
عنوان المواجهة قضية تمويل الأسير لمعركة بحنين ضد الجيش. سأل القاضي أبو غيدا عن حجم المبلغ، فردّ الأسير بأنّه دفع ١٠٠ ألف دولار لحُبلص كي يشتري سيارة إسعاف وباصاً لنقل الطلاب في أحد معاهد القرآن الكريم. وعلّق حُبلص بأنه دفع المبلغ ثمناً للسيارتين، إضافة إلى دفعه إيجار منزل الأسير لمدة سنة. سأل القاضي حُبلص: «كيف تستضيف الأسير وأنت تعلم أنّه مطلوبٌ للدولة اللبنانية؟». فردّ: «استضفته ريثما يُنجز أوراقه للمغادرة خارج لبنان، ولم يكن هناك أي نية لديه للدخول في أي نشاط أمني».
وأضاف: «اشتريت الأسلحة من دون علم الشيخ الأسير، ولم يكن هناك تنسيق بيننا في هذا الشأن». عندها سأل أبو غيدا الأسير: «من أين أتيت بالمال؟»، فردّ إمام مسجد بلال بن رباح سابقاً: «بعت منزلي». هنا عقّب القاضي: «بتبيع بيت كرمال تشتري سلاح؟» فردّ الأسير: «بعت بيتي كرمال أُخلص من التعديات اللي عم تصير عليي بصيدا. كرمال ندافع عن حالنا». وعن الاشتباكات مع الجيش، اتّفق الأسير وحُبلص على إلقاء اللوم على المدعو أبو خالد الصيداوي، أحد أبرز معاوني الأسير، واتهامه بافتعال الاشتباك مع الجيش قبل أن يفرّ. وأشار حبلص الى أن الصيداوي هو من تولّى تدريب مجموعاته.
الى ذلك، وصل الى مكتب القاضي أبو غيدا، أيضاً، ملف التحقيق في تفجيري برج البراجنة الانتحاريين، الذي يناهز ٦٠٠ صفحة. وعلمت «الأخبار» أن هناك ١٢ موقوفاً في هذه القضية التي أُحيلت إلى قاضي التحقيق الأول الخميس الماضي، ويُتوقع أن يصدر القرار الاتهامي فيها الأسبوع المقبل. وأشارت المعلومات الى أن معظم الموقوفين سوريون. وأكدت مصادر لـ«الأخبار» أنّ اللبناني إبراهيم الجمل الذي ضُبط متلبّساً بحزام ناسف، وتردّد أنّه كان في صدد تفجير نفسه، لم يكن انتحارياً، بل كان منسّقاً أمنياً وعنصراً أساسياً في خلية تجنيد الانتحاريين في تنظيم «الدولة الإسلامية». أما الحزام الناسف الذي ضُبط معه فهو، بحسب المصادر، للحماية الأمنية!