لم تعد المخالفات الأكاديمية في بعض كليات الجامعة اللبنانية ومعاهدها تقتصر على تجاوزات إدارية. تخطت ذلك الى عملية تزوير شهادات عليا، اكتشفت مصادفة، وشكلت لجان تحقيق لمتابعتها من دون إتخاذ إجراءات حاسمة.
حصلت عملية تزوير شهادات ومنح إفادات مزورة في مرحلة الماستر1 في كلية العلوم الاقتصادية وإدارة الأعمال- الفرع الثاني في الأشرفية. تبين أن ثلاث طالبات حصلن على إفادات في الماستر1 استخدمت للتسجيل في الماستر2 في المعهد العالي للدكتوراه في الحقوق والعلوم السياسية والاقتصادية وإدراة الأعمال، فيما تتابع إحدى الطالبات مرحلة الدكتوراه، وهي لم تنه مرحلة الماستر1، فيما قبلت طالبة أخرى في المعهد لمتابعة الدكتوراه في الاقتصاد وهي لم تنجز الماستر1 في الكلية.
ولأن الماستر1 وفق نظام LMD يتابع في كلية العلوم الاقتصادية وإدارة الأعمال، فيما الماستر2 تتابع في المعهد العالي للدكتوراه، فإن محاولة إحدى الطالبات الحصول على نسخة عن إفادة الماستر1 من الكلية للتسجيل في معهد الدكتوراه كشف التزوير وفق مصادر من المعهد العالي للدكتوراه ومن كلية العلوم الاقتصادية، تحدثت لـ"النهار"عن عملية تزوير كشفت بعد التحقيق فيها من مكتب التفتيش في الجامعة، وتبين أن المدير السابق للفرع الثاني في العلوم الاقتصادية وإدارة الأعمال في الاشرفية قد وقع على إفادة حصول ثلات طالبات على الماستر1 وهن لم ينجزن هذه المرحلة في موادها كافة. كما تبين أن إحدى الطالبات التي حصلت على الإفادة المزورة هي إبنة أمينة السر في فرع الكلية.
وقال أحد المعنيين في أمانة سر المعهد العالي للدكتوراه في العلوم السياسية والاقتصادية، أن أمانة السر قبلت طلب إحدى الطالبات بتوصية من اللجنة العلمية المعنية بالاختصاص في الاقتصاد وإدارة الأعمال، ولم يكن لديها أي علم بالتزوير الذي حصل في الكلية، ويشير الى أن هذا ما يؤكده عميد المعهد الدكتور طوني عطالله باعتبار ان التزوير لم يحصل في المعهد، انما في فرع الكلية، داعياً الى إعادة النظر بعد كشف التزوير في وضع الطالبات، ووقف قبول الطالبة الجديدة في مرحلة الدكتوراه لأنها لم تنجز مرحلة الماستر1.
كيف اكتشفت عملية التزوير؟ قدمت إحدى الطالبات طلباً للحصول على نسخة إفادة عن الماستر1 من كلية العلوم الاقتصادية وإدارة الأعمال بهدف استخدامها مع الماستر2 لإكمال مرحلة الدكتوراه، وعند التدقيق بالأسماء تبين انها لم تنجز الماستر1، إذ تحتاج الى النجاح في مادتين للحصول عليها. فأبلغت إدارة الجامعة بالقضية، حيث كلف مكتب التفتيش بالتحقيق، وبعدما استمع الى إفادات الموظفين والمسؤولين، والتدقيق في الملفات، تبين وجود 3 ملفات تزوير ماستر1 في الفرع الثاني لكلية العوم الاقتصادية، وتبين أن المدير السابق للفرع قد وقع على إفادة مزورة، وكذلك أمينة السر، خصوصاً لإبنتها. وفي التحقيق تبين ايضاً أن أساتذة قد غطوا عملية التزوير. وبينما أصدر التحقيق تقريراً في القضية، بقيت المشكلة في المعهد العالي للدكتوراه في العلوم الاقتصادية معلقة، باعتبار أن إحدى الطالبات الثلاث تكمل الدكتوراه في المعهد ولم تحصل على الماستر1، فيما الثانية قبلت ولم تعرف أمانة سر المعهد بالتزوير، وكانت الثالثة تتحضر عبر طلب إفادة لتقديم طلب الى الدكتوراه.
وفي انتظار بت الموضوع، الذي يشير الى مخالفة واضحة تخطت الجانب الإداري أو المالي، الى قضية تزوير تطيح مستوى الشهادة وسمعة الجامعة وكلياتها أكاديمياً، لا يمكن أن تستمر الأمور على ما هي عليه، اذا لم تحسم إدارة المعهد والجامعة أيضاً بوقف المتورطين في التزوير ومنع اكمال الطالبات شهادة الدكتوراه، ثم إعادة الإعتبار للجانب الأكاديمي والإصلاح الذي إذا ما تم سيكشف أكثر من عملية تزوير وتجاوزات وتدخلات في أكثر من ملف. ولعل بعض من دخل الى التفرغ أخيراً، قبل أن يحوز شهادة الدكتوراه مثال حي عن المخالفات والاستهتار بالمستوى الأكاديمي وسمعة الجامعة.