سرت معالم التبريد بقوة ملحوظة في الساعات الاخيرة على تطورات المشهد الداخلي في اتجاهين لا رابط بينهما وان كانا يتسابقان الى احتلال واجهة الاهتمامات وهما : ملف العسكريين المخطوفين لدى جبهة النصرة الذي قفز فجأة الى صدارة الحدث الأمني وملف التسوية الرئاسية الشاغل مختلف القوى السياسية منذ اكثر من أسبوعين .
في الملف الاول أعادت الجهات الامنية المعنية بمفاوضات التبادل لإطلاق العسكريين ال١٦ الرهائن لدى جبهة النصرة ولا سيما منها الامن العام احكام طوَّق السرية المطبقة على مجريات المفاوضات الجارية والاجراءات المحتمل ان تكون قيد التفاوض الذي يستدعي التحسب لاي تطور مفاجئ في اي لحظة محتملة في ظل خشيتها من آثار الانفلاش الإعلامي الواسع الذي واكب انكشاف ملامح التقدم الملحوظ والمفاجئ في هذا الملف اول من امس . وتميزت الساعات الاخيرة باقفال كل أبواب التسريبات المتصلة بتفاصيل هذا التطور في وقت كان فيه أهالي العسكريين وذويهم يؤكدون انهم لم يتبلغوا اي خبر او يتلقوا اي اتصال من اي جهة رسمية لبنانية وبذلك يعود الانتظار المشوب بالترقب والحذر سيد الموقف وسط صعوبة التقصي عن اي جديد في المفاوضات التي لا تزال مؤشراتها تميل الى ترجيح المضي في عملية التبادل . ولعل ما عكس حراجة الموقف في انتظار تطورات جديدة ان معلومات ترددت عن قيام جبهة النصرة بإضافة شروط جديدة في سياق الشروط التي تطرحها لإطلاق العسكريين في حين نقلت اجواء اعلامية عن النصرة ان الامور تسير في الاتجاه الصحيح وان التبادل سيحصل بإشراف الوسيط القطري .
وبدا لافتا في هذا السياق تصريح قائد الجيش العماد جان قهوجي ل" النهار " اذ قال انه " يواكب كل التطورات المتعلقة بتحرير العسكريين اولا بأول ونعطي هذه القضية اولوية قصوى وأملنا كبير في ان تتكلل بالنجاح التام وان تمهد لتحرير جميع العسكريين وعودتهم سالمين الى الوطن والى عائلاتهم " كما تمنى بدوره على كل وسائل الاعلام " تجنب كل تداول متسرع لهذا الملف الشديد الحساسية والاهمية مساهمة منها بهذه الجهود المبذولة لانجاح العملية " .
اما في الملف السياسي فلم تكن الرؤية اكثر وضوحا في ظل الغموض الآخذ بالاتساع والتصاعد حيال التداعيات التي اثارها موضوع ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية للرئاسة والذي لوحظ ان وتيرة زيارات السفراء الى دارته في بنشعي قد زادت في الايام الاخيرة في ظل طرح اسمه مرشحا ، فاستقبل امس سفيرة الاتحاد الاوروبي غداة استقباله اول من امس القائم بالاعمال الاميركي السفير ريتشارد جونز . كما أفيد مساء عن اتصال أجراه الرئيس سعد الحريري بفرنجية .ولكن المناخ المحيط بالتحركات السياسية ومواقف الافرقاء الاساسيين من ترشيح فرنجية لا يبدو قابلا للانقشاع والوضوح في وقت قريب كما تقول ل" النهار" مصادر مواكبة للحركة الكثيفة الجارية وراء الكواليس السياسية . وتشير هذه الاوساط الى انه تبين من موجة التحركات الاولى التي حصلت هذا الاسبوع ان غالبية القوى في فريقي ١٤ آذار و٨ آذار تقف عند نقطة تقاطع هي نقطة التريث وأخذ الوقت الكافي قبل اتضاح التموضعات النهائية من ترشيح فرنجية وما يثار حول تسوية الرزمة الكاملة الواسعة التي رسمت معالمها الاولية في لقاء فرنجية والرئيس سعد الحريري في باريس . ومن هنا تشير الاوساط الى الاهمية الحاسمة لانتظار ما يمكن ان يتبلور من مواقف للقوى المسيحية تحديدا ولا سيما منها التيار العوني والقوات اللبنانية وحزب الكتائب علما ان التحرك الكتائبي بين الرابية ومعراب كان بهدف إطلاقهما على موقف الحزب من ترشيح فرنجية ومن قانون الانتخابات في ظل رفض الحزب اي اتجاه الى اعتماد قانون الستين . ومع ان الوفد الكتائبي حرص على حصر المعلومات عن تحركه بهذا الهدف فان ثمة معطيات من مصادر اخرى تلمح الى ان الكتائب لم تجد فروقات ملحوظة بين موقفها والإيحاءات التي تركها لديها كل من الفريقين العوني والقواتي . ومع ذلك تقول الاوساط نفسها ل"النهار " لا يزال الوقت مبكرا لإطلاق سيناريوات من مثل الحديث عن تحالف مسيحي واسع في وجه ترشيح فرنجية لان لا العماد ميشال عون ولا الدكتور سمير جعجع يستعجلان اتخاذ موقف نهائي قبل اتضاح الصورة تماما امام كل منهما خصوصا في ظل خطوط الاتصالات المفتوحة بين كل من عون وحزب الله من جهة وجعجع والرئيس الحريري من جهة اخرى .
وتعتقد الاوساط نفسها ان الاسبوع المقبل قد يتسم باهمية في اطار اتضاح مزيد من الاتجاهات والمواقف علما ان الساعات الاخيرة شهدت بعض المحطات التي حملت دلالات بارزة من بينها عدم صدور اي بيان عن اجتماع اللقاء الديموقراطي برئاسة النائب وليد جنبلاط في ما عكس تريثا اضافيا ، علما ان بعض المعلومات افاد ان جنبلاط تحدث عن تجميد التسوية وانه لن يقف ضدها ولكنه لم يسحب ترشيح النائب هنري حلو .
كما برز موقف لافت للامين العام لتيار المستقبل احمد الحريري الذي أكد فيه ان لا كلمة تعلو كلمة الرئيس الحريري في تيار المستقبل وان الكرة في ملعب الجميع لإنقاذ لبنان وان اي تفاهم لن يكون على حساب احد واما يكون ميثاقيا على اساس ثوابت لبنان او لا يكون .