يبدو أن مسلّة جنبلاط وخيط بري قدّ فصلت لسليمان فرنجية ثوب الرئاسة على قياس سعد الحريري استبعاداً منهم لميشال عون مرشح حزب الله وتثبيتاً لقدرتهم على الاتيان بما يتوافق مع مصالحهم لا مع مصالح تخصّ شخص ومزاجية حزب .
لا نحتاج الى جهد يُذكر كي نبين خلاف الزعماء الثلاثة مع الزعيم عون وسعيهم الدائم لعرقلة وصوله المستحيل الى قصر الأحلام العونية وهم بذلك على خلاف مع حزب الله وأمينه العام الذي وعد عون بالرئاسة ومهما طال به العمر وحدّد في أكثر من مناسبة أن لا خيار غير عون للرئاسة ووضع على طاولة الحوار شرط ميشال عون كرئيس لاستكمال التعاطي مع المسائل الخلافية .
اطمئن عون الى أنّ من قال فعل وإلى من وعد وفى ووضع رجليه في بركة قصر بعبدا ولم يعرف أن في السياسة دوائر متربصة تستطيع أن تحوّل الأحلام العونية الى كوابيس "بريّة" و"جنبلاطية " وأن الوعود في السياسة تتبخر في لحظة ويبدو الوعد الثقيل مجرد صيد في نُزهة لا أكثر يظنه المتعلّق بقشّة الرئاسة نجاة له ووصولاً أكيداً الى المنطقة الآمنة في قصر الرئاسة .
لقد وافق سعد الحريري ودون بذل اقناع من وليد جنبلاط لإعتراف الأول بذكاء الثاني وبنباهة النبيه في أشغال الحياكة السياسية لذا لم يتردد في إعطاء الموافقة متناسياً صداقة فرنجية الأخوية لبشار الأسد وتبعات ذلك على لبنان والحسابات التي ستُجدد دور لبنان الكبير في الحرب السورية وتبدو الحيادة الشكلية مجرد وهم لدى بعض اللبنانيين .
لقد وضعوا حزب الله في فخ الصداقة الاستراتيجية مع حليفين حساسيين جداً و لا يفيد معهما ترقيع الموضوع لأن المسألة متعلقة بقصر رئاسة لا بسوق خضار واختياره الصعب سيخسّره صديقاً لا بأس به في الحسابات المسيحية وبالتالي سيعتاد إذا ما وافق على فرنجية على كسر كلامه المقدس في السياسة وسيعترف بأن دهاقنة كبري وجنبلاط مدرسة لبنانية يجب الدراسة فيها لتعلم الكياسة في مادة قابلة للتحوّل بحيث لا صداقة دائمة ولا عداوة دائمة بل مصلحة دائمة وهذا ما يُغذي شعور الابقاء على شعرة معاوية في العلاقات السياسية وعدم الذهاب دفعة واحدة باتجاه التطرف في المواقف بل اعتماد الاعتدال حتى في الحماسة السياسية لأن في ذلك حفظ للدور وللمواقف أمام الناس والتاريخ .
كان همّ المجتمعين على رئاسة فرنجية كسر كلام السيّد نصرالله " المقدس " في عون فهل يستجيب ويتم بذلك فخت سلًة الوعود ؟ أم أن الحزب يفي بوعده لرجل وقف معه في أصعب المراحل ولم يصرّح بتصريح سياسي خارج المتداول الاعلامي للمقاومة في لبنان وسوريا واليمن وحيث ما كان الحزب كان العون من تيّار قصر الرئاسة .