سابقت بشرى صفقة تبادل المخطوفين العسكريين لدى "جبهة النصرة" بعدد من السجناء والموقوفين الاسلاميين في سجن رومية المخاوف التي انتابت السلطات الأمنية اللبنانية مساء أمس من تأثير الأجواء الاعلامية الجارفة التي أحاطت بهذا التطور المفاجئ على انجازه في اللحظة الأخيرة الحاسمة. ومع ذلك، قفز ملف المخطوفين العسكريين بقوة الى واجهة الاهتمامات في ظل بارقة أمل حقيقية في اطلاق العسكريين المخطوفين لدى "النصرة" هي الأولى من نوعها منذ خطف العسكريين في عرسال قبل سنة وأربعة أشهر على ايدي "النصرة" وتنظيم "داعش". ومع ان الاستعدادات التي تسارعت بل انجزت تماماً لاتمام الصفقة تشمل العسكريين الـ16 الرهائن لدى "النصرة" دون تسعة عسكريين آخرين رهائن لدى "داعش"، فان هذا التطور الذي حرّك ملف العسكريين المخطوفين فجأة ومن دون مقدمات عكس دلالات مهمة يعتقد أنها قد تتبلور عقب انجاز عملية التبادل في حال نجاحها من دون أي انتكاسة وخصوصاً لجهة الأدوار الداخلية والاقليمية التي لعبت دوراً مؤثراً في اعادة تحريك المفاوضات السرية التي أدت الى اكتمال عناصر عملية التبادل مبدئياً ومنها تحديداً الدور القطري. ولعل اللافت في هذا السياق، أن معلومات ترددت ليلاً عن هدنة ستسري ابتداء من ظهر اليوم في منطقة القلمون السورية لفترة 48 ساعة ربطت باحتمال التهيئة لعملية التبادل التي يفترض ان يتولى تنفيذها الأمن العام اللبناني مع "جبهة النصرة".
وأفادت المعلومات الأمنية المتوافرة في هذا السياق ان التحضيرات لعملية التبادل بدأت بعد ظهر أمس باخراج مجموعة من السجناء الاسلاميين في سجن رومية قدرت بـ 15 سجيناً معظمهم سوريون الى لبنانيين اثنين. وبين السجناء خمس نساء هن سجى الدليمي وجمانة حميد وسمر الهندي وليلى النجار وعلا العقيلي وعشرة رجال عرف منهم محمد رحال ومحمد يحيى ومحمد عياش وايهاب الحلاق وعبد المجيد غضبان. ونقلوا في سيارات للأمن العام الى المركز الرئيسي للمديرية في بيروت، كما أُفيد لاحقاً عن توجه موكب من سيارات الأمن العام الى ضهر البيدر في اتجاه الحدود السورية. وبثت قناة "الميادين" أن موكباً من 20 سيارة للأمن العام عاد ليلاً من سوريا ناقلاً عدداً من أفراد "النصرة" كانوا سجناء لدى النظام السوري، في حين تردّد ان اطار عملية التبادل سيكون أوسع من التبادل الثنائي بين العسكريين اللبنانيين والسجناء الاسلاميين المفرج عنهم.
وتزامن ذلك مع إرجاء رئيس الوزراء تمام سلام سفره الى باريس للمشاركة في قمة المناخ من اليوم الى غد عقب لقائه المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم. لكن اللواء ابرهيم سارع الى الاعلان ان "الامور لم تصل الى خواتيمها في ملف المخطوفين العسكريين"، متمنياً "سحب الملف من التداول الاعلامي لئلا يؤثر على هذه القضية وعدم اعطاء جرعات تفاؤل زائدة".
كما أصدرت المديرية العامة للأمن العام بيانا اكدت فيه "أنه في حال حصول أي تقدم له علاقة بمجريات الملف سيتم الإعلان عن ذلك رسمياً وفي حينه". وتمنّت على وسائل الإعلام "العودة إلى المراجع المختصة للحصول على معلوماتها، خصوصاً ان لهذا الملف بعداً إنسانياً مما يجعله غير قابل للتداول بهذه الطريقة وحتى لا يتم تعريض أهالي العسكريين لإنتكاسة أو ضغوط".
لكن مصادر مواكبة لهذا الملف أبلغت "النهار" ليلاً انها لا تستبعد ان تكون عملية التبادل قد بدأت فعلا تحت جناح السرية المطبقة وان تتكشف في الساعات المقبلة فعلا عن تطورات "مفرحة" يعود معها العسكريون المخطوفون الـ 16 لدى "النصرة" الى الحرية والى عائلاتهم.

"السخونة" الهادئة
ومع أن تطورات ملف المخطوفين العسكريين طغت على المشهد الداخلي أمس، فإن ذلك لم يحجب تفاعل الملف الرئاسي الذي تدور المشاورات والتحركات المتصلة به وسط أجواء من السخونة الهادئة على وصف أوساط مشاركة في جانب من هذه المشاورات. وقالت الأوساط لـ"النهار" ان الاهتمام تركز أمس في حركة المشاورات على استشراف مواقف القوى المسيحية من ترشيح النائب سليمان فرنجية وإمكان ايجاد موقف مسيحي موحّد إن لجهة قبول أو رفض ما طرح من خيارات. وفي موازاة ذلك وضعت هذه الأوساط الزيارة التي قام بها أمس القائم بأعمال السفارة الأميركية السفير ريتشارد جونز لبنشعي حيث التقى النائب فرنجية في إطار جولة سياسية للديبلوماسي الأميركي ستتكثف بعد غد الاثنين في اطار إجراء جولة أفق في ما وصف بموضوع "الضمانات" لإنجاز الاستحقاق الرئاسي في المرحلة المقبلة.
وعصر اليوم يرأس رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط إجتماع "اللقاء" الذي أرجئ من موعد سابق ريثما تنجلي المعطيات.

 

جعجع: 14 آذار أولاً
وفي حين بدأ حزب الكتائب جولة مشاورات مع كل من رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع تتسم بأهمية نظراً الى ما قد تنهي اليه من بلورة موقف يجمع القوى الثلاث من ترشيح فرنجيه، استوقف موقف لجعجع أعلنه بعد ظهر أمس المراقبين نظراً الى ما حمله من دلالات أولوية لموقفه من التطورات الأخيرة. ذلك ان جعجع، على رغم اعتماده الاقتضاب الشديد، سأل خلال احتفال بتوزيع البطاقات الحزبية: "من نحن؟ نحن لبنان أولاً وأخيراً ولا شيء بينهما ونحن المقاومة اللبنانية وثورة الارز فقط لا غير". وأضاف: "لبنان أولاً يعني 14 آذار أولاً لأن لا لبنان من دون 14 آذار ويعني تمسكنا حتى الاستشهاد بمبادئ 14 آذار وليس أي شيء آخر. و14 آذار أولاً يعني عدم القيام بأي خطوة، إلاّ إذا كانت تخدم مبادئ 14 آذار وأهدافها ويعني التوقف ملياً وكلياً عند أصوات مئات آلاف البشر الذين نزلوا الى ساحات الحرية يوم 14 آذار... ومن له أذنان صاغيتان فليسمع".