الشيخ عباس عقيل حايك ، " رجل دين جنوبي عاملي " ، إبن عائلة محافظة دينيا وإجتماعيا وأخلاقيا ,ومكافحة وكادحة في مجتمع محروم ، تلوّعت مع مَنْ تلوّع من عذابات الحقول والبيادر ومن مرارة شتلة التبغ ، التي شغلتهم في ليالي الصيف المقمرة ، حتى طلوع الفجر الندي ، وحَفَر في سيرتها الفدّان والنير والعود والدنك والغلالة والسكة ...
عائلة سبّاقة في تبني الدين والتشريع ، والتشيّع ، والموالاة لأهل بيت النبوة ، والدفاع عن المظلومين والمحرومين ، وتاريخها الحركي مع السيد المغيّب الامام موسى الصدر يشهد على ذلك ، وبدون مزايدة ومجاملة ، كانت العائلة محطّ رحال علماء جبل عامل ، والسهرات الشتوية حول مدفأة أبي عفيف وأبيه لا ينساها الجيل الذي عاصرها ، بل ويحدّث عنها الابناء والاحفاد .
الشيخ عباس عقيل حايك ، فردٌ من هذه العائلة ، ومجبولٌ بطبعها العفوي ، ورث كرم الضيافة عن أبيه ، والسماحة عن جده ، هذا الطبع العفوي هو دافعه الاساسي للتعبير عن مكنوناته , وكلّ من عاشره ورافقه يعرف صفاءه وطيبته وعفويته .
هذه العفوية والطيبة جعلته يُطلق ما يفكر به ، ويحرّك راكدا ممنوع التفكير فيه , في مجمتعٍ ألِفَ السائد ، وإستسلم لليقينيات المسبّقة ، ربما لا يُلامُ مجتمعٌ على رفض ما إختلف مع السائد ، ولكن مما لا شك فيه أنه يُلام على ثقافة الشتيمة والسب والاتهام لكل من خالف رأيه ، سواء كان رأيا دينيا أو غيره .
لم يتبن الشيخ عباس مقولة أن الحجاب ليس فريضة , ولم يرفض ضرورة التشريع ، لأنه يعرف أن مسالة الحجاب هي مسألة إجماعية عند المسلمين, أما قوله أن الحجاب عادة وليس فريضة فهو أراد نقل فكرة عن غيره ولم يتبناها ، ولو تسنى له الوقت الكافي لشرح ذلك ، إلا أن الوقت خانه وخان المستمع .
كنا في الحوزة الدينية طلبة وأساتذة وعلماء نطرح إشكالات وأسئلة أخطر بكثير ، وكنا نناقش القضايا الدينية والعقائدية بكل رحابة صدر ومسؤولية ، تحت مقولة شهيرة " نحن أبناء الدليل كيفما مال نميل " ، ولم يشتم أحدٌ أحدا ، لماذا لم يمارس رجال الدين هذه المنهجية خارج الحوزة ، ولماذا يشجعون الناس على الشتيمة ، لماذا لم يعلّموا الناس على ثقافة الحوار البناء الذي تحكمه الآداب ، لماذا لم يعلموا الناس على الاحترام الشخصي ، ويقولون لهم كما قال الامام علي عليه السلام ، لا تنظر إلى مَنْ قال بل أنظر إلى ما قيل .
حتى يكون الرد على ما قيل وليس على مَنْ قال .