على رغم انشغال العالم بالمواجهة الجوية الروسية ــــ التركية، استمر اللبنانيون في متابعة الاخبار حول خلفيات وابعاد لقاء باريس بين الرئيس سعد الحريري والنائب سليمان فرنجية، وما قد يتركه من تداعيات على المشهد السياسي الداخلي
«حب من طرف واحد». هذا، باختصار، ما يمكن أن يطلق على كل الكلام الذي ساد في الأيام الماضية حول ترشيح الرئيس سعد الحريري النائب سليمان فرنجية الى الرئاسة. إذ أن كل التسريبات حول اللقاء وما تخلله من بحث في التسويات مصدرها تيار المستقبل وحلفاؤه، خصوصاً النائب وليد جنبلاط.
ولعل هذا ما يفسّر تبريد الرابية، أمس، للأجواء، وقطع العماد ميشال عون الطريق على أي محاولة لزعزعة علاقاته مع فرنجية، معتبراً، في جلسة تكتل التغيير والاصلاح، أن «الموضوع داخل البيت الواحد، ونبحث فيه عندما أتبلغ».
وفيما حرصت مصادر تيار المستقبل على اشاعة اجواء عن «تسوية قريبة تطيح ترشيح العماد عون، على أن يتولى حزب الله مهمة اقناعه بالانسحاب»، أكدت مصادر مطلعة ان «الامر لا يعدو كونه مبادرة من طرف 14 اذار، هدفها انتزاع موقف من حزب الله وقوى في 8 آذار يؤدي الى الضغط لانسحاب عون». ونقلت المصادر عن مرجعية حزبية بارزة «ان موقف حزب الله، على الاقل، لا يزال هو هو، وان كلمة السر في الملف الرئاسي تصدر عن العماد عون وحده، ولا مجال هنا للحديث عن افضليات وأولويات، بل ان الموقف محسوم لجهة ان عون هو المرشح الاوحد، وكل ملف الرئاسة في يده وحده».
مصادر الرابية أكدت لـ«الأخبار» أن التيار الوطني الحر «صاحب تجربة مريرة مع الوعود المستقبلية، وبالتالي لن ندع الآخرين يجروننا الى مواقف من طروحات لم يتبيّن بعد مدى جديتها، والأمور تعالج في مواقيتها».
تسويات مصدره الحريري وجنبلاط وفريقهما
وأضافت أن «ترشيح النائب فرنجية ليس جديداً، وهو كان دائماً يقول إنه مرشح خلف الجنرال». وقالت مصادر نيابية في التكتل لـ«الأخبار» إن كلام عون «كان إيجابياً الى درجة فاجأنا جميعاً. كما أن وزير الخارجية جبران باسيل حرص على إزالة الالتباس حول كلامه عن الأصيل والبديل أول من أمس، ونفى أن يكون قد قصد فرنجية بكلامه هذا، وأشار الى أنه كرر هاتين العبارتين في أكثر من تصريح منذ أكثر من شهر، وأنه يعتبر أن فريقنا كله من الأصلاء».
وفيما امتنع المقرّبون من فرنجية عن أي تواصل مع سياسيين أو وسائل الإعلام ولم يسجّل أي تواصل بين الرابية وبنشعي، توقعت مصادر في 8 آذار أن ينعقد اجتماع بين عون وفرنجية على هامش جلسة الحوار الوطني في ساحة النجمة اليوم. ومع استمرار التزام حزب الله والرئيس نبيه برّي الصمت، علمت «الأخبار» أن الحزب «يشتغل على الموضوع بعقل بارد، مع التأكيد على أولوية وحدة فريق 8 آذار». وأكدت مصادر نيابية في هذا الفريق لـ«الأخبار» أن «الصمت العلني سيستمر ما دام الكلام لا يزال في الصحف ومن دون مواقف واضحة معلنة»، مشيرةً إلى أنه «في حال تُرجم اللقاء إلى مواقف واضحة من الحريري، عندها يمكن البدء بالسؤال عن المواقف»، مع تكرار المصادر أن «لا جديد في موقف فريق 8 آذار حتى الآن، يضاف إلى ما قاله (الأمين العام لحزب الله) السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير من دعم للجنرال عون»، مؤكّدة أن «عون مرشّح فريقنا حتى يقرّر هو شخصياً العزوف عن الترشح». ورأت أن «الوزير فرنجية لا يمكن أن يذهب في أي اتفاق من دون التنسيق الكامل مع عون، ولا يمكن أن يعلن نفسه مرشّحاً ما لم يسمع من الجنرال دعماً واضحاً لترشيحه». وأكدت مصادر أخرى التقت فرنجية، لـ«الأخبار»، أن «سليمان حريص على وحدة فريقه ولن يمشي بما يؤدي الى تقسيم هذا الفريق ولو مقابل عشر رئاسات».
ومع أن تفاصيل النقاشات في اللقاء وما ترتّب عليها لم تظهر بعد، إلّا أن الكلام الذي نقلته أمس أكثر من شخصية في فريق الحريري إلى سياسيين لبنانيين، مفاده أن الأخير أبلغ فرنجية قبول تيار المستقبل بدعم ترشيحه لرئاسة الجمهورية والوصول إلى تسوية داخلية ، وأن خطوة الحريري تحوز رضىً سعودياً. ونقلت المصادر أن «كلام معاوني الحريري عن قبول فرنجية أكثر من جدّي»، ولم تستبعد أن «يقوم الحريري شخصياً بدعم هذا الترشيح علناً في الأيام القريبة».
مصدر نيابي في قوى 8 آذار قال لـ«الأخبار»: «وصل إلينا كلام من فريق الحريري اللصيق بأن الموافقة على ترشيح فرنجية أتت من الملك السعودي ودوائر أخرى في الرياض»، وأن «طرح الحريري يشبه في جديته مقاربته السابقة لترشيح عون، مع فارق أنه هذه المرة يتحرك بموافقة سعودية». ولفتت الى استقبال الحريري أمس رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، «ما يعني أنه مكمّل»، كما لفتت الى أن ترويج النائب وليد جنبلاط لترشيح فرنجية «أتى بعد مصالحة انتظرها طويلاً مع الرياض، وهو لا يمكنه أن يقدم على دعسة ناقصة تعيد البرودة الى هذه العلاقة». أما في ما يتعلق بالانقسام «التقليدي» داخل تيار المستقبل، بين الفريق المقرّب من الحريري كالوزير نهاد المشنوق ومدير مكتبه نادر الحريري والوزير السابق غطّاس خوري، وبين ذلك المحسوب على الرئيس فؤاد السنيورة، فقالت مصادر رفيعة في قوى 14 آذار لـ«الأخبار»: «صحيح أن هناك انقساماً بين الجناحين بفعل غياب الرئيس الحريري عن لبنان، إلّا أن الموقف الأخير هو للحريري الذي يبدو أنه نال موافقة سعودية على هذا الاقتراح».