كانت افتتاحية جريدة الأخبار منذ عدة أيام معنونة بـ "المشهد السوري الجديد: حميميم ليس وحيداً... ووداعاً للخطوط التركية الحمراء؟" ، هذا المقال الذي قد اعتبر أنّ المشهد السوري قد تغيّر وأنّ من تبعياته ، تجاهل الخطوط التركية الحمراء .
كما وقد ذهب الكاتب في قراءته السياسية إلى اعتبار أنّ الأهميّة التي يوليها الروس لتحقيق أهدافهم ستصل إلى الحد الذي يدفع إلى تجاهل كل التحفّظات التركيّة.
وأضاف أنّ "أنقرة تعتبر استهداف المجموعات التركمانيّة بمثابة خط أحمر لم يأخذه الروس في الحسبان ، ما دفع الخارجيّة التركيّة إلى استدعاء السفير الروسي أندريه كارلوف للاحتجاج رسميّاً، بعد ضربات للطائرات الروسية قرب حدودها مع سوريا".
هذا التحليل ، للدور الروسي وتحجيمه لتركيا ولاستراتيجيتها وحدودها وخطوطها الحمراء ، سقط اليوم مع الطائرة العسكرية الروسية من طراز سوخوي 24 والتي أسقطتها تركيا طبقاً لقواعد الإشتباك بعدما حلقت في المجال الجوي التركي على الرغم من التحذيرات.
أما الطياران فقد تضاربت المعلومات بشأنهما ، بعد هبوطهما بالمظلات بين مقتل أحدهما وأسر الآخر ، وبين مقتل الإثنين.
وفي حين أن روسيا نفت تحليق الطيران ضمن الأجواء التركية نفياً تاماً مؤكدة أن لديها تسجيلات تثبت أن الطيران كان ضمن الأجواء السورية ، كان للرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤتمراً صحفياً طارئاً معلقاً به على حادث إسقاط الطائرة.
بوتين والذي وصف من خلال مؤتمره الدولة التركية بأنها متعاونة مع الإرهابيين موجهاً تهديداً علنياً للسلطات التركية بتصريحه أنّ روسيا لن تتحمل أبداً أن تحصل جرائم من هذا النمط كما حصل اليوم.
غير أنّ أنقرة تصرَ بدورها وبشكل قاطع أن الطيران الروسي قد اخترق مجالها ، هذا وقد أعلن مكتب رئيس الوزراء التركي ، أن أحمد داوود أوغلو أعطى التعليمات لوزارة الخارجية بالتشاور مع حلف الأطلسي والأمم المتحدة ودول معنية بشأن تطورات الوضع على الحدود التركية السورية.
في ظل كلّ هذه التطورات المتسارعة التي يشهدها المحور الروسي - التركي ، تظلّ الحدود التركية خطاً أحمر لا يقبل الإنتهاك ، وما حصل اليوم من إسقاط للطائرة هو تأكيد على السيادة التركية ، وبطاقة حمراء في وجه كل دولة تحاول تخطيها أو تجاهل دورها