بعد وصوله إلى مطار مهر آباد الدولي في طهران ، ذهب الرئيس الروسي ألكساندر بوتين من المطار مباشرة إلى زيارة المرشد الأعلى آية الله خامنئي ، خارقاً البروتوكول ، وربما لإرسال رسالة بأنّ الموضوع الذي سيطرحه مع الأخير أهم بكثير ممّا يطرح مع رؤساء الدول المصدرة للغاز.
وخلال لقائه مع المرشد الأعلى أهدى بوتين لمضيفه نسخة مخطوطة قديمة للقرآن الكريم بخط كوفي ، وبحث الطرفان موضوع العلاقات الثنائية ولكن الموضوع الأبرز في هذا اللقاء كان موضوع سوريا.
أكد خامنئي خلال اللقاء على أن إيران تريد بناء علاقات طويلة المدى والشاملة والمستقرة مع روسيا، وهذا الكلام يستبطن امتعاض إيران من تصرفات الروس خلال الأزمة النووية الإيرانية، التي تعرّضت إيران لسلسلة من العقوبات الدولية وافقت روسيا عليها في مجلس الأمن والعقوبات الأمريكية غير الملزمة لروسيا رافقت روسيا خصمها في تنفيذ تلك العقوبات .
هذا وكانت تعوّل حكومة الرئيس السابق أحمدي نجاد على الفيتو الروسي لقرار العقوبات في مجلس الأمن .
أما الأن فالوضع مختلف تماماً، حيث إن الروس لم يستخدموا حق نقضهم على جميع القرارات ضد سوريا في مجلس الأمن فحسب ، بل استخدموا العشرات من طائرات سوخوي 34 لضرب مواقع المعارضة المسلحة في سوريا ممّا أراح إيران كثيراً بالرغم من ارتفاع عدد ضحاياها على الأرض منذ التدخل الروسي في الجو السوري .
وهذا التدخل العسكري دفع المرشد الأعلى خامنئي بالإطراء والثناء على الرئيس بوتين واعتباره بطلاً أربك مخطط الأميركي المتغطرس .
ولكن الاتفاق بين الطرفين في موضوع مكافحة داعش في سوريا والعراق ، يتحول إلى الخلاف على مصير بشار الأسد ، إذ إنّ الروس ليسوا مهتمين بمصير الأسد بقدر ما يهتم به الإيرانيون ، و هذا ما أكدّ عليه قائد الحرس الثوري الجنرال جعفري الذي شكّك في نوايا الروس من تدخلهم العسكري .
الإيرانيون يعرفون الروس جيداً ويعرفون بأن الروس براغماتيون أكثر من الغربيين ، وما يثير القلق الإيراني هو اللعب الروسي بالورقة الإيرانية والسورية في آن واحد ، إذا اقتضت المصالح الروسية أن تتخلى عن حلفائها ، يبدو أنّ ليس هناك ما يمنع الروس من بيع أوراق حلفائها لتحقيق مصالحها ، ولا الكتاب المجيد الذي لا يؤمن به القيصر.
فضلاً عن أن هناك محللون وخبراء روس يرون بأن إيران أيضاً بدورها ليست قابلة للثقة حيث إنها ستتجه نحو الغرب، بعد تنفيذ الخطة الشاملة المشتركة وإنّها ستفضّل الغرب على الشرق.
أما إيران أصبحت الآن واقعة بين الشرق والغرب المتنافسين في الدخول إلى أسواقها ، فمن جهة هناك تسارع بين الشركات الأوروبية في عقد صفقات مع إيران كما الصين لا تريد أن تخسر ما كسبته خلال السنوات الماضية بعد فرض العقوبات على إيران ، وكما الروس وبحكم علاقة الجوار يريدون تغليب عامل الجغرافي المتحكم على العلاقات الإقتصادية في جميع العلاقات بين الطرفين .
قبيل وصوله إلى طهران، ألغى الرئيس الروسي ، قانون حظر التجارة النووية مع إيران، وأعلنت روسيا بأنها ستشتري الفائض من اليورانيوم المخصب من إيران ، وأكد بوتين على استمرار التعاون مع إيران في مجال الطاقة النووية، وتأسيس مفاعل بوشهر رقم 2 ورقم 3 بعد إكمال تشغيل مقاعل رقم 1.